استخدام لطرق التفافية واعتماد على خبرات تراكمية في أزقة وأحياء للهروب من أزمة السير لم يسعف ريم حسن باختصار كلفة ووقت رحلتها التي أخذت ساعة من عمرها بين منطقتي الصويفية وصويلح.
المسافة بين المنطقتين لا تتجاوز 10 كيلومترات، ولا تحتاج في الأوضاع الطبيعية أكثر من 15 دقيقة لقطعها بين المنطقتين، لكن أزمات السير الخانقة أمس تفاقم معاناة مواطنين بكلف مادية إضافية، جراء استهلاك وقود أكثر، إضافة للمعاناة النفسية التي ترافق هذه الأزمات.
تقول ريم إنها عندما وصلت مدخل الشارع ذلك المساء وجدت أن وقوف المركبات فيه وعلى امتداد بصرها شبه تام، هذا الأمر دفعها إلى خيار لم يكن أفضل في تلك اللحظة، بأن تدخل في أقرب دخلة فرعية لتتنقل في الشوارع الفرعية والمناطق وصولا إلى وجهة وصولها بالقرب من صويلح.
الأمر استغرق منها حوالي الساعة، إذ إن الشوارع الفرعية التي كانت تجد نفسها فيها لم تكن سهلة أيضا، إذ كان حالها حال كثيرين هربوا من أزمة الشوارع الرئيسية، ما اضطرها لتأجيل مواعيد أخرى كانت مرتبطة بها، وكذلك تأجيل شراء بعض الحاجيات التي كانت تلزمها إلى يوم آخر.
عدا عن ذلك، تقول ريم إنها عندما خرجت من بيتها بمركبتها اقتصادية الصرف، زودت مركبتها بقيمة 10دنانير، ولاحظت عند وصولها تراجع مؤشر الوقود بشكل كبير جراء أزمة السير الخانقة التي تزيد استهلا المركبات.
يشار إلى أسعار البنزين في الأردن ارتفعت في آخر شهر، وللمرة الخامسة منذ بداية العام الحالي، بنسب ما بين
1.7 % و2.2 % عن سعرها في تموز (يوليو)، حيث ارتفع سعر البنزين 90 بنسبة 2.2 % ليصبح 920 فلسا للتر من 900، وسعر البنزين95 بنسبة 1.7 % ليرتفع إلى 1160 فلسا للتر من 1140 فلسا الشهر الماضي.
أما ماهر محمود فيقول إن طول فترة الانتظار في الشوارع وعلى الإشارات أصبح مرهقا ويزيد من أعباء كلف الوقود. كذلك فإنه يضطر في الكثير من المرات إلى الالتفاف في شوارع أطول خصوصا وان مكان عمله بعيد عن منزله.
ويضيف أن أزمات السير أصبحت في كل وقت وكل موسم ولا تقتصر على فترات وجود زوار أو مغتربين كما يعتقده البعض، فهذه الظاهرة أصبحت صيفا شتاء وطوال فترات اليوم، غير أنها تتفاقم في المواسم مثل العطلات ورمضان والأعياد.
ويشير هنا إلى أنه لو توفرت له وسيلة نقل ملائمة وسهلة سيستغني عن قيادة السيارة في هذه الظروف، غير أنه لا توجد وسيلة مباشرة وملائمة ومنتظمة بين مكان سكنه وعمله.
كما أن وسائل النقل مثل التاكسي أو التطبيقات هي الأخرى ليست رخيصة وتحتاج إلى موازنة بحد ذاتها.
دراسة سابقة للبنك الدولي بينت أن التنقل باستخدام المركبات الخاصة في الأردن يستحوذ على 33 % من وسائل التنقل، والسير على الأقدام 26 %، وسيارات الأجرة 9 %، ووسائل أخرى
19 %، في حين زادت المركبات الخاصة بنسبة 93.5 % من العام 2008 إلى 2018، بينما زادت مركبات النقل العام بنسبة 44.7 % فقط خلال الفترة نفسها.
وبحسب ذات الدراسة التي جاءت بعنوان “تعزيز النقل العام المستجيب للنوع الاجتماعي في بلدان المشرق” عام 2022، فإن الأسر في الأردن تنفق في المتوسط 17 % من دخلها على النقل، ويبلغ متوسط رحلات الذهاب والإياب 2.5 ساعة.
المختص بالاقتصاد السياسي زيان زوانة يرى أن قطاع النقل في الأردن لم يتطور مع تطور الأردن اقتصاديا وسكانيا على الرغم من الاستثمار في شبكة طرق ممتازة، فبقيت السيارة الخاصة نقطة ارتكازه الأساسية ما ألحق الضرر بالمواطن والاقتصاد ماديا ونفسيا.
كما يلحق ذلك أيضا الضرر بميزانية الأردنيين أفرادا وعائلات، حيث تشير الأرقام إلى أن 13 % من حجم القروض الفردية من البنوك والبالغة نحو 13 مليار دينار حصل عليها أردنيون لشراء سيارات خاصة لعدم وجود نظام نقل عام حضاري منظم.
وبلغ عدد المركبات المسجلة بحسب دائرة ترخيص السواقين والمركبات عام 2022 ما يقارب 2.11 مليون مركبة مقارنة مع نحو 2.03 مليون مركبة عام 2021 بزيادة 3.94 %، فيما وصل عدد الحاصلين على رخص قيادة بنهاية 2022 نحو 3.01 مليون شخص مقارنة مع نحو 2.91 مليون شخص بنهاية العام الذي سبقه بزيادة 3.4 %.