تحديا نقص العمالة والسيولة يعصفان بالموسم الزراعي في وادي الأردن

ما تزال تحديات منها نقص السيولة المالية، وكذلك نقص العمالة الزراعية، تفرض نفسها كأكبر هموم مزارعي وادي الأردن خلال الفترة الحالية، التي تعد، بحسب الروزنامة الزراعية، فترة تجهيز الأراضي للموسم الجديد.

ويرى عدد من المزارعين أن عمليات التجهيز ما تزال تواجه تحديات حقيقية تتمثل في نقص أعداد العمال القادرين على إتمام العمل في الوقت المحدد، موضحين أن غالبية المزارعين لا تتوفر لديهم العمالة الكافية وعليهم الانتظار “على الدور” لحين توفر العمالة وبأجور مرتفعة.

ويؤكد المزارع جمال المصالحة، أن مساحات كبيرة من الأراضي التي عادة ما يجرى زراعتها مع بداية أيلول (سبتمبر) ما تزال تحمل أثقال الموسم الماضي من مخلفات بلاستيكية وأعشاب، موضحا أن غالبية أصحاب هذه الأراضي يعجزون إلى الآن عن تنظيف أراضيهم وحراثتها لعدم توفر السيولة اللازمة، وامتناع الشركات عن دعمهم، إضافة إلى نقص الأيدي العاملة وارتفاع أجورها.
ولفت المصالحة، إلى أن استمرار الأوضاع الحالية سيؤدي إلى تراجع المساحات المزروعة مع بداية الموسم إلى ما دون 50 % من مجمل مساحة أراضي الوادي القابلة للزراعة، مؤكدا أن هذا الأمر سينعكس سلبا على الإنتاج الخضري الذي سيشهد تراجعا ملحوظا في ظل استمرار الأوضاع السائدة.
وأضاف، أن إيقاف استقدام العمالة، للعام الثالث على التوالي، تسبب بنقص كبير في العمالة الزراعية، كون معظم العمال الذين جرى استقدامهم سابقا أنهوا عقودهم ولم يعد للمزارع أي سلطة عليهم، ما دفعهم إلى العمل بقطاعات أخرى أو مغادرة البلاد دون رجعة، مشيرا إلى أنه، ونتيجة لهذا الوضع، اختل ميزان العرض والطلب، إذ زادت الحاجة للعمالة مقابل نقص أعدادها، ما دفع الموجود منها إلى استغلال المزارعين وابتزازهم، فباتت العمالة تحدد أجورها من دون أي رقابة وترفض العمل إلا بالحصول على الأجور نقدا.
كما أكد المصالحة، أن المزارع الآن يدفع ثمن سياسات حكومية غير مدروسة، فاقمت من مشاكل المزارعين الذين يحاولون البقاء رغم الظروف القاهرة، موضحا أن أجرة العامل ارتفعت من 1.5 دينار للساعة إلى 2.5 دينار وأحيانا إلى ثلاثة دنانير، في حين أن كلفة العامل الشهرية تصل إلى 700 دينار.
ويتوقع مزارعون، أن يتأخر الإنتاج الخضري في الوادي في ظل استمرار هذه التحديات، خصوصا أن الخسائر التي لحقت بهم الموسم الماضي أثرت بشكل كبير في قدرتهم على البدء بزراعة أراضيهم للموسم الحالي بالموعد المحدد منتصف أيلول (سبتمبر)، في حين أن نقص السيولة وغياب التمويل سيدفعان المزارعين إلى بدء الموسم بإمكانات محدودة، ما سيؤثر بشكل كبير على الإنتاج كماً ونوعاً.
ووفق المزارع نواش العايد، فإن نقص العمالة حدّ من قدرة المزارعين على إتمام الكثير من العمليات الزراعية، في حين زادت الأعباء المادية على البقية، إذ إن أجرة العامل ارتفعت لتصل إلى ثلاثة دنانير للساعة الواحدة، مؤكدا في الوقت ذاته أن الخاسر الأول والأخير من قرارات وزارة العمل بالتضييق على استقدام العمالة الوافدة هو المزارع والقطاع الزراعي ككل.
وأكد العايد، أن قلة من المزارعين من استطاع إلى الآن البدء بتجهيز الأرض للزراعة، لا سيما أن جميع التحضيرات تحتاج إلى جهد وجلَد، وهو أمر لا تطيقه سوى العمالة الوافدة، مشددا على ضرورة إيجاد حل عاجل لمشكلة العمالة الزراعية واستثناء وادي الأردن من قرارات قد تؤدي إلى نقص العمالة كوقف الاستقدام والتشديد على العمالة الوافدة ورفع الرسوم، التي شكلت بمجملها تحديا جديدا أمام القطاع الزراعي الذي يجابه تحديات أخرى كبيرة.
ولفت إلى أن غالبية المزارعين عادة ما يستعينون بالشركات الزراعية لتوفير السيولة اللازمة لحراثة الأرض وتجهيزها بشبكات الري وشراء البذور وتشتيلها، إلا أن الخسائر المتتالية التي منوا بها خلال المواسم الماضية دفعت هذه الشركات إلى الامتناع عن تمويلهم، خصوصا أن معظمها بات أيضا عاجزا عن تقديم الدعم. 
كما أشار العايد، إلى أن جميع المؤشرات تدل على تراجع المساحات المزروعة لهذا الموسم، ما سينتج عنه تراجع في الإنتاج الخضري في الوادي.
أما المزارع عاهد الشوبكي، فيؤكد، من جهته، أن زيادة الطلب على العمالة الوافدة، خصوصا مع نهاية الموسم الزراعي، دفعها لاستغلال حاجة المزارع وإجباره على الانصياع لرغباتها، ما قاد إلى زيادة الكلف بشكل كبير، مبينا أن كلفة عمالة البيت البلاستيكي الواحد تزيد على 600 دينار خلال الموسم.
وقال الشوبكي، إن الزراعة في وادي الأردن تحتاج إلى عمالة مستقرة قادرة على تحمل ظروف العمل المختلفة ومواعيده، وهو أمر لا يقدر عليه سوى العمالة الوافدة، مضيفا أن إجراءات التضييق على استقدام العمالة قللت من عددها بشكل كبير، ما أدى إلى تغولها خلال السنوات الماضية، فباتت ترفض العمل على نظام الساعة أو اليومية المتبع منذ بدايات الزراعة في وادي الأردن، وأصبحت تفرض على المزارع نظام “المقاولة” الذي يمنحها القدرة على التحكم بالأجور ورفعها كيفما شاءت.
وأشار إلى أن النقص الحاد في العمالة الزراعية، خصوصا “الوافدة”، يشكل معضلة للمزارعين مع انتهاء الموسم، ما يتطلب تنظيف الأرض من المخلفات وإزالة الأغطية البلاستيكية وشبكات الري وغيرها من العمليات التي تحتاج إلى جهد بدني.
من جانبه، يؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن تحديات جمة تقف حجر عثرة أمام المزارعين الذين شرعوا بتجهيز أراضيهم للموسم الحالي، كنقص السيولة وغياب التمويل والنقص الحاد في العمالة الزراعية وشح مياه الري، لافتا إلى أن استمرار هذه التحديات سيقوض كل الجهود الرامية إلى النهوض بالقطاع.
ولفت الخدام، إلى أن نقص العمال يعد أكبر هذه التحديات، إذ إن الإجراءات الحالية المتبعة لاستقدام العمالة تعرقل استقدام العمالة الوافدة المصرية التي تعد عصب القطاع الزراعي، التي لا يوجد بديل كفؤ ليحل محلها، مشددا على ضرورة إعادة النظر في الإجراءات المتبعة حاليا بما يسهم في دفع القطاع الزراعي للنهوض من كبوته بالعمل على تنظيم سوق العمل ومنع تسرب العمالة الزراعية للقطاعات الأخرى، شريطة ألا يؤثر ذلك على العمالة الزراعية، فتنقل العامل الوافد للعمل في مزارع عدة لن يضر سوق العمل بشيء، أما مطاردتهم وتسفيرهم فإنهما سيدفعان إلى توقف المزارعين عن زراعة أراضيهم.

إقرأ الخبر السابق

بوتين يزور الشيشان للمرة الأولى منذ 2011

اقرأ الخبر التالي

حزب الله ينعى 4 مقاتلين وإسرائيل تكثف قصفها في جنوب لبنان

الأكثر شهرة