في الوقت الذي كشف به برنامج الأغذية العالمي عن نجاحه في تلبية متطلبات تمويل أنشطته في الأردن خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، أكد خبراء اقتصاديون أن نجاح البرنامج في الإيفاء بالتزماته التمويلية، مؤشر إيجابي على ضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي للفئات الاجتماعية الهشة.
وأوضح هؤلاء الخبراء إلى أن دعم البرنامج يساهم في تخفيف الأعباء على الاقتصاد الوطني، مشيرين إلى أنه ما تزال هناك فجوة كبيرة بين احتياجات اللاجئين والدعم الذي يحصلون عليه من قبل المجتمع الدولي.
ويرى الخبراء أن استمرار البرنامج في دعم القطاع الزراعي المحلي من شأنه أن يعزز من مستوى الاكتفاء الذاتي محليا، واستدامة قدرة القطاع الزراعي على الإنتاج، ما يصب في تحصين المنعة الغذائية في المملكة لا سيما في ظل سيطرة حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على المنطقة.
وكشف برنامج الأغذية العالمي أخيرا أنه نجح في تلبية متطلبات تمويل أنشطته في الأردن خلال الأشهر السبعة الأولى، حيث بلغ حجم تمويل أنشطته خلال هذه الأشهر قرابة 114 مليون دولار، وهو ما يمثل ما نسبته 53.5 % من إجمالي حجم التمويل المقدر للأردن خلال العام الحالي والبالغ 213 مليون دولار.
وقدر البرنامج في تقرير الموجز الشهري الذي أصدره أمس حجم متطلبات تمويل أنشطته في الأردن خلال الأشهر الستة القادمة الممتدة من شهر آب(أغسطس) الحالي حتى شهر كانون الثاني (يناير) من العام القادم، بنحو 100 مليون دولار.
ويعطي برنامج الأغذية العالمي الأولوية في مختلف الدول النامية في العالم، لتقديم المساعدة إلى الفئات الأكثر ضعفا والأسر ذات الأموال المتاحة المحدودة.
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، إن التزام برنامج الأغذية العالمي في تمويل أنشطته في الأردن، مؤشر إيجابي على ضمان استدامة الأمن الغذائي لدى الفئات الاجتماعية الهشة، إضافة إلى سد جزء من النقص الحاصل في المساعدات الدولية المقدمة للاجئين في المملكة.
وأوضح أن التزام البرنامج في تمويل أنشطته الموقعة مع وزارة الزراعة التي تدعم مشاريع زراعة المحاصيل المحلية والري، من شأن أن يعزز من مستوى الاكتفاء الذاتي محليا، واستدامة قدرة القطاع الزراعي على الإنتاج، وتحصين المنعة الغذائية في المملكة لا سيما في ظل تنامي حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة.
وأكد المخامرة أن أي دعم يقدم للاجئين في الأردن يساهم في تخفيف الأعباء على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنه ما يزال هناك فجوة كبيرة بين احتياجات اللاجئين والدعم الذي يحصلون عليه من قبل المجتمع الدولي.
من جانبه لفت الخبير الاقتصادي محمد البشير إلى أن البيانات المختلفة تظهر أن برنامج الأغذية العالمي خلال الأعوام الأخيرة كان الأكثر التزاما في الإيفاء بدعمه المقدم محليا الذي يوجه الجزء الأكبر منه إلى اللاجئين.
وأكد البشير أن أنشطة البرنامج في المملكة لها دور كبير في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي لكثير من الأسر المعوزة ولمجتمع اللاجئين على الرغم من تقلص مقدار مساعداته عما كان عليه في السنوات الماضية، فضلا عن مساهمته في تعزيز إنتاجية القطاع الزراعي من خلال دعمه الموجه للعديد من المشروعات الزراعية، ما يضمن استقرار تكلفة الغذاء محليا.
واعتبر البشير أنه على الرغم من الدعم المقدم من برنامج الأغذية العالمية إلا أنه لا يكفي وحده في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع اللاجئين والفئات المحلية الهشة، مما يستدعي أن يكون هناك من قبل الحكومة التفات إلى الداخل، ودعم قطاعي الصناعة والزراعة المنتجين للغذاء، حيث إن من شأن تعزيز قدرات هذين القطاعين أن ينعكس على تخفيف الأعباء المالية على الموازنة العامة، وخفض أسعار الغذاء وتمكين كامل فئات المجتمع من الحصول على الغذاء وبالتالي يخفض من تكاليف المعونة التي تقدمها الحكومة إلى الفئات المعوزة والمحتاجة.
إلى ذلك قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إن نوعية الدعم الذي يقدمه برنامج الأغذية العالمي للفئات الضعيفة اقتصاديا، تحتاج إلى تغيير من حيث تقديم مساعدة على شكل مواد غذائية وزراعية بدلا من تقديمها على شكل مساعدة مالية لضمان حسن استخدامها من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق الفائدة للمنتج المحلي سواء كان زراعيا أو غذائيا، مؤكدا أنه يبقى فعالا في دعم هذه المجتمعات وضمان استقرارها الاقتصادي.
وبين الحموري أن حجم الدعم المخصص من قبل البرنامج تحديدا لدعم اللاجئين يبقى متواضعا ولا يلبي احتياجات هذه الفئة، وهو ما يترك ضغوطات اقتصادية واجتماعية على الحكومة الأردنية على المدى الطويل، ويرفع من فاتورة التكاليف المترتبة عليه في توفير الخدمات والاحتياجات المختلفة لهم.
وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين يستضيف الأردن ثاني أعلى نسبة من اللاجئين في العالم بالنسبة للفرد، حيث بلغ عدد اللاجئين المقيمين في الأردن بلغ 3.5 مليون لاجئ من بينهم 628 ألف لاجئ سوري و70 ألف لاجئ من دول عدة، فيما البقية من اللاجئين السوريين المسجلين في بيانات الأونروا.
وبالعودة إلى التقرير افاد أن البرنامج نجح خلال شهر تموز(يوليو) في نقديم مساعدات نقدية لنحو 310 آلاف لاجئ في المخيمات والمجتمعات المحلية، وتبلغ قيمة المساعدات للفرد الواحد21 دولارا.
وأشار التقرير إلى أن البرنامج اضطر إلى قطع المساعدات عن 100 ألف لاجئ سوري في المجتمعات المحلية بسبب نقص التمويل المخصص للاجئين السوريين الذي يحصل عليه برنامج الأغذية العالمي من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة من قبل الدول المانحة.
وأوضح التقرير أن البرنامج واصل تعاونه مع وزارة الزراعة لدعم مبادرات إعادة التشجير في المناطق المستهدفة في إربد وجرش والبلقاء، إضافة إلى دعم هدف توفير الري التكميلي لما يقارب من 29 ألف نوع من المحاصيل النباتية على مساحة تقدر بـ67 ألف دونم مربع في الغابات المنشأة حديثا.
ولفت التقرير إلى أنه في ضوء إطلاق الشركة الوطنية للأغذية حديثة الإنشاء نظم المعلومات الإدارية الأمنية، واصل برنامج الأغذية العالمي عمله التحضيري مع مجلس الأمن الغذائي الوطني بشأن خطة العمل للأمن الغذائي.
وبحسب التقرير أكمل برنامج الأغذية العالمي85 % من زياراته الأسرية المخطط لها لعام 2024، حيث تمكن من زيارة 26 ألف أسرة مستفيدة من صندوق المعونة الوطنية، لغايات التحقق من صحة بيانات المستفيدين السنوية لتحديد أهليتهم للحصول على المساعدة.
ونوه التقرير إلى أن برنامج الأغذية يواجه نقصا وشيكا في التمويل المخصص لمحفظته الخاصة بالتغذية المدرسية، الأمر الذي سيحد من قدرتها للوصول إلى الطلاب الضعفاء في المجتمعات في المستقبل خلال العام الدراسي. ويحتاج البرنامج في الأردن للاستمرار في دعم مشروع التغذية المدرسية حتى نهاية العام الحالي إلى نحو 4 مليون دولار بحسب التقرير.