بقلم : الإعلامية ياسمين الشربيني
في عصرنا الحالي، تغمرنا وسائل التواصل الاجتماعي بصور مثالية وأسلوب حياة يبدو أنه لا يعرف المتاعب، كل منشور ينشر على هذه المنصات يعكس جانبًا معينًا من حياة الأشخاص، وربما يجسد جانبًا من المثالية التي يرغبون في إبرازها، ولكن علينا أن نتذكر دائمًا أن هذه الصور ليست بالضرورة انعكاسًا حقيقيًا وكاملًا لحياة هؤلاء الأشخاص.
الحياة ليست مثالية لا يوجد شخص يعيش حياة خالية من التحديات والعقبات ولكن قلة قليلة منا تجرؤ على عرض واقع حياتهم اليومي بكل ما فيه من تحديات وصعوبات و تجد الكثير من الاشخاص ينتقد هذه الطبيعة البشرية ولا يقبلها على مواقع التواصل الاجتماعي وربما لا يستمر بمتابعتهم على عكس المتعة التي يجدها في مشاهدة تفاصيل الحياة المثالية التي يبرزها البعض على هذه المنصات، وبالرغم ما يُعانيه فتيات وشباب من مقارنات بهم وضعف لثقتهم بأنفسهم وعدم احترامهم وتقدير مستوى معيشتهم يؤدي ذلك إلى هدم بعض العلاقات والأسرة والمجتمع .
نحن جميعًا بشر، نحمل مسمى “إنسان” وُلد من العدم، يخطئ ويتعلم وينمو ويتطور بمرور الوقت كل فرد في هذا العالم يسعى، ويجتهد، ويعمل على استغلال الفرص المتاحة له ليتمكن من العيش بسلام واستقرار ومع هذا السعي، نواجه جميعًا تحديات وعقبات تختلف من شخص لآخر حسب قدراته وإيمانه بالله.
عندما نقابل شخصًا جديدًا في حياتنا، من السهل أن نقع في فخ تقييمه بناءً على مظهره الخارجي أو أول انطباع يتركه لدينا، ولكن الحقيقة ان كل شخص يحمل تاريخًا طويلًا من التجارب والنجاحات والإخفاقات التي شكلت شخصيته، المظاهر قد تخدع، وغالبًا ما تجرنا إلى الفضول والانبهار ولكن مع مرور الوقت واكتشافنا لجوهر الأشخاص، من الضروري أن نرى الإنسان ككل، بشخصيته وخبراته وتجاربه، لا أن نكتفي بالنظر إلى مظهره الخارجي.
الفضول والانبهار بمظاهر معينة قد يجذبنا أحيانًا إلى أشخاص لم نكن لنقترب منهم لولا تلك المظاهر و بمرور الوقت نكتشف أبعادًا جديدة في شخصياتهم، وقد نجد فيهم صفات إيجابية مثل الود والتعاطف والمحبة والوفاء، مما يعزز رغبتنا في البقاء على اتصال معهم
على الجانب الآخر، قد نصادف أشخاصًا يحملون سمات سلبية مثل الخبث أو الحقد، مما يدفعنا إلى الابتعاد عنهم، على سبيل المثال شخصية عامة كانت محط أنظار الجميع بسبب أسلوب حياتها الفاخر على منصات التواصل الاجتماعي، وبمرور الوقت ومن خلال التعرف على تفاصيل حياتها اليومية وتحدياتها الشخصية، اكتشف الجمهور أنها تحمل في طياتها قصص كفاح ومعاناة لم تكن ظاهرة في الصور المثالية التي كانت تشاركها، هذا الاكتشاف جعل الناس يدركون أن وراء كل صورة مثالية قصة غير مثالية، وأن التحديات التي نواجهها هي جزء من رحلة الحياة التي تشكل هويتنا.
لكل شخص تاريخ طويل يسميه “العمر”، وهو ليس مجرد رقم، بل مسار حياة مليء بالتجارب، عندما نلتقي بأشخاص جدد، نلتقي في منتصف مسار حياتهم، قد نستمر معهم ونكمل هذا المسار معًا، أو قد لا يكون هناك توافق فنفترق، لكن يبقى لكل منا ذكرى وتأثير في حياة الآخر.
إذا تبنينا هذه النظرة الأكثر عمقًا وشمولية في تعاملنا مع الآخرين، سنجد أن الحياة ستصبح أكثر سلاسة وتناغمًا، سيكون لدينا القدرة على بناء علاقات أقوى وأصدق، مبنية على التفاهم المتبادل والاحترام لرحلة كل فرد في الحياة.
لنحرص دائمًا على تقبل الحياه الطبيعة لا المثالية أن نرى ما وراء المظاهر، وأن نقدر الشخص بناءً على تاريخه وتجربته الإنسانية الكاملة،و تقييم الأشخاص بناءً على تاريخهم وتجاربهم وتقديرهم يتيح لنا فرصة لفهم أعمق للإنسانية التي نشترك فيها جميعًا، مما يعزز من قوة المجتمع وترابطه ويجعل العالم مكانًا أفضل للعيش فيه.