Religious clerics offer their condolences over the killing of Hamas leader Ismail Haniyeh in Iran, at the representative office of Iran’s Supreme Leader Ayatollah Ali Khamenei in Najaf, Iraq August 1, 2024. REUTERS/Alaa al-Marjani
“هل يمكن أن يكون الإيرانيون متورطين بمقتل هنية؟” سؤال طرحه تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي”، في إشارة إلى انخراط أفراد من الشعب بالمساعدة في عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالعاصمة طهران.
التحليل الذي أعدته، كايلي مور-غيلبرت، وهي باحثة بقسم الدراسات الأمنية بجامعة ماكواري في أستراليا، يلمح إلى أن “اغتيال هنية يشير إلى الاستياء الشعبي من النظام في طهران”.
اغتيال هنية لم يكن مفاجئا، إذ حاولت إسرائيل استهدافه أكثر من مرة، ولكنها تلك المحاولات تزايدت بعد هجوم السابع من أكتوبر الماضي، بعد أن أكد الإسرائيليون أن قيادات حماس “موتى يسيرون”.
ولم تتماسك الرواية الإيرانية كثيرا أمام المعلومات الجديدة التي تواردت تباعا خلال الساعات الماضية، بشأن ملابسات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران، وداخل مبنى تابع للحرس الثوري، مما أثار تساؤلات عن حجم الاختراق الواسع في المنظومة الأمنية الإيرانية برمتها.
وتواجه المنطقة خطر اتساع دائرة الصراع بين إسرائيل وإيران وحلفائها بعد اغتيال هنية في طهران، الأربعاء، ومقتل فؤاد شكر القائد العسكري الكبير في جماعة حزب الله اللبنانية، الثلاثاء، جراء ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.
مقتل هنية لن يؤثر بشكل أساسي على مجريات الحرب في غزة، حيث إنه يقيم في قطر، ولكن اغتياله سيؤدي إلى “انتكاسة” في جولة محادثات وقف إطلاق النار، ما يزيد من تقويض الآمال بإطلاق سراح الرهائن، وهي نتيجة ربما تكون في غير موضع ترحيب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي تطاله اتهامات بعرقلة المفاوضات، وهو ما ينفيه دائما، بينما يهدد ائتلاف اليميني بالانسحاب من حكومته إذا تم الاتفاق.
واتهمت إيران وحماس إسرائيل بتنفيذ الضربة التي قتلت هنية بعد ساعات من حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
لكن مسؤولي إسرائيل لم يتبنوا الهجوم الذي فجر تهديدات بالثأر من إسرائيل وفاقم المخاوف من أن تتحول الحرب في غزة إلى صراع شامل في الشرق الأوسط.
وقال مصدران طلبا عدم الكشف عن هويتهما لحساسية الأمر لوكالة رويترز إن ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك حركة الحوثي اليمنية وجماعة حزب الله اللبنانية وفصائل مسلحة عراقية سيحضرون اجتماعا في طهران، حيث سيجرى تقييما كاملا لإيجاد أفضل وأكثر الطرق فاعلية للرد على “إسرائيل”.
ويلفت التحليل إلى أنه “من غير المفهوم أن غارة جوية انطلقت من خارج حدود إيران، كان من الممكن أن تتم من دون أن يتم اكتشافها في يوم تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان”.
وحضر هنية وزعيم حركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، بالإضافة إلى ممثلين كبار من حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع طهران وحزب الله، حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد في طهران الثلاثاء.
ولهذا “توقيت ومكان” اغتيال هنية تشكل إحراجا كبيرا لطهران، وتعطي رسالة مفادها أنه لا أحد في البلاد آمن، وهذا ما قد يعني “من شبه المؤكد أنه كان هناك مساعدة من إيرانيين داخل إيران”.
ويبدو أن وجهة النظر الرسمية الإيرانية لا تعكس رأي كل المواطنين، إذ يوجد “تنامي للدعم الإيراني الشعبي لإسرائيل”، وحتى خلال الضربات الإسرائيلية على إيران في منتصف أبريل الماضي، رحب إيرانيون بالهجمات، مما دفع بطهران إصدار تحذير يهدد باعتقال أي شخص يقبض عليه وهو يدافع أو يدعم إسرائيل.
وأطلقت إيران وابلا من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل في 13 أبريل ردا على الضربة التي يعتقد أن إسرائيل نفذتها على مجمع قنصليتها بدمشق في الأول من أبريل، لكن جرى إسقاط كل الصواريخ والطائرات المسيرة تقريبا قبل أن تصل لأهدافها.
ويرجح التحليل أن تنامي الدعم لإسرائيل داخل إيران ليس حبا فيها بقدر ما هو تعبير عن الرفض و”الاشمئزاز” من النظام في طهران الذي يحكم البلاد منذ عام 1979.
وما حصل من اغتيال لهنية، ربما يعني أن “الاستبداد الوحشي” في إيران يشكل “تهديدا لأمنها الداخلي”، وأن القمع الذي مارسته السلطات أوجد جيلا جديدا من الإيرانيين “الذين قد تغريهم حوافز نقدية أو وعود بالإقامة خارج البلاد” للتعاون مع جهات من الخارج ضد النظام.
واستشهد التحليل بحوادث سابقة مثل الاستهداف الغامض للعقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني، محسن فخري زادة، في 2020، إضافة إلى مقتل 6 علماء نوويين، علاوة على 7 مسؤولين يعملون بمجال الصواريخ والطائرات المسيرة، ناهيك عن انفجارات وقعت في منشآت نووية خلال السنوات الماضية، والتسريب لوثائق البرنامج النووي الإيراني، وكلها تؤكد وجود شبكات محلية.
ويبعث اغتيال هنية برسالة “مخيفة” على ما وصف التحليل موجهة للنظام الإيراني “حول مدى استعداد مواطنين للمخاطرة بالسجن والتعذيب وحتى الإعدام في سبيل مساعدة إسرائيل”.