ليلة استثنائية تزينت بالثقافة والوطنية عاشها جمهور مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ38 على خشبة مسرح الساحة الرئيسية، قدمتها الفنانة الأردنية عايدة الأمريكاني صاحبة الصوت العذب، التي كبرت أجيال على فنها الملتزم الثقافي.واستهلت الفنانة الأمريكاني وصلتها الفنية بأغنية “موطني” التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب، مع ظهور صورة تجمع العلمين الأردني والفلسطيني، ليتفاعل معها الجمهور بدوره ويردد كلماتها حبا وفخرا بالبلدين.
وأتبعتها بأغنية “سوف نبقى هنا” التي رددت كلماتها من دون لحن، قبل أن تشدو بصوتها في رسالة تضامنية مع أهلنا في غزة، تخللها مقطع فيديو يعرض بعضا من الصور لمشاهد الدمار والألم والنزوح في غزة الصامدة.
وأهدت الأمريكاني أغنية “صبرا لن تنتصر النار على بسمة طفلي” من كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش لأطفال غزة الصامدين وتفاعل الجمهور معها، وبقصيدة “حنيني الك اغتراب” التي خاطبت بها القدس وتعالت أصوات الجمهور، رددت الأمريكاني أبياتا منها قبل أن تغنيها بصوتها العذب.
وعلى أنغام أغنية “عنقي على السكينة” تفاعل الجمهور بتصفيق حار، إذ رافقها فيديو يعرض صور الأسرى الفلسطينيين الأبطال في السجون الذين نفتخر بهم، وقد أهدت الأغنية لجميع الأسرى في السجون المحتلة.
وأتبعتها بأغنيتي “شدوا بعضكم” و”إني اخترتك يا وطني” اللتين تفاعل معهما الجمهور كذلك، وشاركها الغناء بحماس ليطغى صوتهم على صوتها، وإلى شهداء الأردن الذين امتزجت دماؤهم بدماء أهلنا في فلسطين، غنت الأمريكاني بصوتها الدافئ “أيها الفادي”.
كما غنت الأمريكاني إلى جميع الشعوب العربية، وخاطبتهم بأغنية “لبيك يا علم العروبة”، إلى جانب عرض فيديو يظهر به جميع الأعلام العربية.
واختتمت الأمريكاني وصلتها الفنية بتحية لأرواح الشهداء الأبرار، وقوافل الشهداء التي ما تزال مستمرة بالنشيد الوطني الفلسطيني “فدائي”، ليقف الجمهور ويشاركها غناءه بحماس وحب لوطن يسكن في وجدانهم.
وفي نهاية عرض وصلتها الفنية، شكرت جمهور جرش على محبتهم وترحيبهم، وأيضا الفرقة الموسيقية على إبداعها، هذا وقد كرم المدير التنفيذي لمهرجان جرش أيمن سماوي الفنانة الأمريكاني بدرع المهرجان، وشكرها على هذه الليلة الجميلة.
كما تميزت الأمسية بالإبداع والابتكار والتنوع الثقافي والفني، وشاركت بها نخبة من الفرق العربية على خشبة مسرح الساحة الرئيسية؛ ومنها فرقة “Natraj Sanskritik Silkp Sama” الهندية التي قدمت عروضا متنوعة عززت التبادل الثقافي بين البلدين، إذ جمعت بين الأداء الموسيقي والمسرحي المميز الذي نقل الثقافة والفن الهندي بطريقة مختلفة وإبداعية.
واستكملت الأمسية بعرض لفرقة الدار العراقية للأزياء، بحضور وكيل وزارة الثقافة للشؤون الثقافية العراقية الدكتور فاضل البدران، التي قدمت عرضا فنيا، استحضرت به ثقافات وفلكلور العراق وحضاراته القديمة في سياق تقديم استعراضي متسلسل بدءا من السومرية والأكدية والبابلية والاشورية.
وإلى جانب الأداء الفني المميز الذي قدمته الفرقة، اكتمل الإبداع بالأزياء الراقية والمبهرة التي تحدثت عن كل حضارة بطريقة ساحرة، ومع كل زي حضاري قدمت حكاية تنسج بخيوط على أقمشة وتتحدث عن تاريخ عريق ومجد الماضي والحاضر لحضارة بلاد الرافدين.
وقد رافق فقرات العرض الاستعراضي فيديو يسرد حكاية بغداد باللغتين العربية والإنجليزية، وتضمن صورا للعراق في الماضي والآثار الوطنية القديمة ورموزا تاريخية، ليمتزج في هذه الليلة جمال الأداء المسرحي المتقن بالأزياء المبهرة.
وقد سردت الأزياء حكاية حضارة عريقة بطريقة مبتكرة بأداء مسرحي مميز زاد من جمال الليلة وتألقها، كما تغنت بغداد الحاضرة في قلب كل عربي بجمالها وحضارتها في لوحة فنية رائعة.
واختتم العرض بفقرة خاصة لفلسطين والعراق على أنغام أغنية “موطني” التي تأثر بها الجمهور، وكان علما فلسطين والعراق يرفرفان على خشبة مسرح الساحة الرئيسية، ليشارك بدوره الجمهور الغناء ويتفاعل معها ويصفق بحرارة من دون توقف لهذا العرض العظيم الذي جسد ألم العراق وفلسطين.
وقد كرم الأمين العام لوزارة الثقافة ماهر نفش والمدير التنفيذي لمهرجان جرش أيمن سماوي فرقة الدار العراقية للأزياء بدرع المهرجان، وشكرها على هذا العرض الجميل والمميز الذي سيخلد في ذاكرة جرش.
واستكمل ضيف شرف مهرجان جرش لهذه السنة المملكة العربية السعودية عروضه، بتقديم فرقة الفنون الأدائية السعودية عرضا جمع بين الماضي والحاضر لحضارة عربية تميزت بالإبداع الفني والثقافي بتراث شعبي أصيل.
وقدمت الفرقة عروضاً عكست التراث والفنون السعودية، ومنها “السامري والخامري والدحية والرفيجي”، كما تزين مسرح الساحة الرئيسية باللونين الأبيض والأخضر اللذين يرمزان إلى العلم السعودي.