قَدْ تكون المرّة الأولى ألتي أشعر بها أنّ الأحزاب كابوس قادم علينا لا مَفَرّ منه !! وبدلًا مِنْ السعيَ إلى ترسيخ مفهوم الحزب الوطني الذي يسعى جاهدًا عبرَ برامجهِ المدروسة والمستمدّة مِن قِيمٍ أردنية خالصة أصبحت هذه الأحزاب – أو قُل أغلبها – تَجمُعات بشرية باحثة عَنْ مصالح فردية وذات منفعة مادية لهولاء المُتصدّرين للمشهد المُسمى حزبيًا !! .
وَحتّى لا نبقى نلعَن الظلام وسوء الطالع فَتَعالوا إلى كَلِمة سواء نَعرِف من خلالها أين أخطأنا وأين أصبنا في هذا الأمر !! مَرّ الأردن بالتجربة الحزبية منذ عشرات السنين وَقَد نجحنا حينًا وتعثرنا في أحايين كثيرة لأسباب وظروف يطول شرحها ويختلف فيها الكثيرين !! ولكن ومَعَ الرغبة العليا في وجود الأحزاب لأسباب متنوعة إمّا تقليدًا للأخرين وإمّا محاولة إيصال رسالة لِدول العالم الأخرى وخاصة الدول المانحة بوجود حياة سياسية تَستحق الدعم !! وَبِمقابل ذلك وبوجود قناعة لدى غالبية الشعب الأردني بأن الأحزاب هي عبء علينا لسنا بحاجة له خاصةً في ظلّ وجود مفهوم الدولة الأبوية لدى الأغلبية الساحقة مِنْ الأردنيين نتيجة الظروف ألتي رافقت نشوء الدولة في كافّة مراحلها وخاصة ما يتعلق بالهجرات البشرية – بغضِّ النظر عَنْ تسمية هذه الهجرات – وبالتالي فَقَد كان هذا الاستعجال الموجّه في تخصيص هذا العدد الكبير مِنْ المقاعد النيابية للأحزاب مما يستلزم الرجوع سريعًا عَنْ هذا الخطأ أو الخطيئة التي إرتكبها المجلس المحلول !! .
لَقَد ظهر واضحًا وجليًا فيما نشهده مِنْ تَصارُع على المقاعد النيابية لهذه الأحزاب أنّ الأمر ليس مُتعلقاً بكفاءات لهولاء الأشخاص بِقَدَرِ تَعلّقهِ بتوزيع مكاسب وأعطيات وذلك لِمَن يدفع أكثر وأنّ هذه المقاعد أصبح يُطلق عليها مُسمى المقاعد المضمونة !! أضف إلى ذلك أنّ الحزبيين المُنضوين تحت القوائم المحلية باتوا يخشون مِنْ إظهار توجهاتهم الحزبية خوفًا مِنْ إبتعاد الناس عنهم !! وهولاء الحزبيين لَنْ يُظهِروا هذه الانتماءات الحزبية إلّا بَعدَ نجاحهم في الانتخابات لينسبوا الفضل في النجاح إلى هذه الاحزاب والابتعاد والتهرّب مِنْ المواطنين !! .
الآن وَقبل أن ندفع الثمن مضاعفًا يجب على القائمين على هذا الأمر مُعالجة هذه المثالب فالاردن لا يحتمل هذه التجارب الملعونه – ليس لِضُعفٍ فيه – ولكن لأن الأمر أخطر !! والقادم علينا معروفًا لكُل ذي عينٍ بصيرة وما يتمّ التخطيط له لهذا الوطن أكبر من أن نَسكُت عليه !! وخفافيش الظلام لَمْ تَعُد تخشى النهار !! وما كان يُقال في الغُرف المظلمة أصبح يُقال على رؤوس الاشهاد !! .
وَمصالح البعض ليست أحبّ إلينا مِنْ مصالح الأردن !! وإذا قُلنا لهم ذات يوم خُذوا المناصب والمكاسب والمنافع وإتركوا لنا الوطن فإنّ هذا الأمر لَمْ يَعُد يكفيهم فَهم يُريدون الجَمَلَ بما حَمَلْ !! وهذا لَنْ يكون بإذن الله .
المحامي فضيل العبادي
مجلس محافظة العاصمة