“كل شيء جاهز لانطلاق الألعاب الأولمبية 2024 في باريس”، بهذه العبارة أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقطع فيديو نشره على حسابه بمنصة “إكس” الأربعاء 24 يوليو/تموز، في انتظار الانطلاقة الرسمية يوم الجمعة 26 يوليو/تموز، بحفل سيُنظم على ضفاف نهر “السين”.
لكن ما سبق الانطلاقة الرسمية للألعاب الأولمبية 2024 في باريس من أحداث لا يُبشر بأن كل الأمور على خير، إذ فجر مدرب المنتخب الأرجنتيني فضيحة تعرض أحد لاعبيه للسرقة، بينما اشتكى منتخب آخر من تعرضه للتجسس، إضافة إلى نقاط قصور أخرى في التنظيم نكشف تفاصيلها في هذا التقرير.
سرقة لاعب أرجنتيني
قبل أشهر من الموعد المحدد لانطلاق الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، أكد وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، جاهزية بلاده من الناحية الأمنية لاستضافة الألعاب الأولمبية، وروجت وسائل الإعلام الفرنسية بأن باريس باتت جاهزة لاستضافة الحدث الأكبر عالمياً.
وبالفعل تحولت العاصمة الفرنسية باريس إلى ما يشبه “ثكنة عسكرية” ضخمة وباتت تعيش استنفاراً أمنياً غير مسبوق استعداداً لحفل افتتاح الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، وتم الإعلان عن أكبر عملية نشر لقوات الأمن في تاريخ فرنسا.
حسب وسائل إعلام فرنسية فقد نشرت السلطات نحو 75,000 شرطي وجندي وحارس أمن في دوريات في باريس تشتغل على مدار اليوم، وهدفها الأساسي هو مواجهة أي تهديد محتمل من شأنه أن يؤثر على السير العادي للألعاب الأولمبية.
لكن رغم هذا الإنزال الأمني الضخم، فإن عناصر الشرطة وأفراد الأمن الخاص فشلوا في منع عملية سرقة تعرض لها أحد لاعبي المنتخب الأرجنتيني الأولمبي، وفق ما كشفه مدرب “البيسيلستي”، الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو.
مباشرة بعد هزيمته أمام المنتخب المغربي في افتتاح منافسات كرة القدم في الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، قال ماسكيرانو: “بالأمس (الثلاثاء 23 يوليو/تموز)، اقتحم لصوص مكان تدريبنا وتعرضنا للسرقة، وسُرقت أغراض تياغو ألمادا، وهي ساعة ومجوهرات”.
أزمة مباراة المغرب والأرجنتين
الإخفاقات التنظيمية التي تشهدها الألعاب الأولمبية 2024 في باريس تواصلت في المباراة التي جمعت المنتخبين الأولمبيين المغربي والأرجنتيني، والتي انتهت لصالح “أسود الأطلس”، في مباراة استمرت لأكثر من 4 ساعات.
بعد جدل حول مصير المباراة، تغلب منتخب المغرب الأولمبي على نظيره الأرجنتيني ضمن الألعاب الأولمبية 2024 في باريس 2-1 في مباراة استؤنفت بعد ساعتين من إيقافها وإلغاء هدف تعادل الأرجنتين في الدقيقة 16 من الوقت بدل الضائع بداعي التسلل.
ومباشرة بعد الهدف اقتحم حوالي 20 مشجعًا مغربيًا الملعب، كما ألقيت العبوات والكؤوس، مما اضطر الحكم الذي احتسب 15 دقيقة وقتا بدلًا ضائعًا، إلى مطالبة اللاعبين بالعودة إلى غرف الملابس، وسط غموض حول مصير المباراة.
حيث أثير لغط حول نهاية المباراة من عدمه، وأشار موقع اللجنة الأولمبية الدولية إلى توقفها، قبل أن يتم استئنافها بإلغاء هدف الأرجنتين بداعي التسلل، ما أثار انتقادات حادة من قبل مدرب الأرجنتين الذي وصف الأمر بـ”السيرك”.
فيما صب الجمهور المغربي الذي كان حاضرا في مدرجات الملعب بأعداد كبيرة جام غضبه على الحكم الذي اتهموه بالتحيز لصالح الأرجنتين، بعد إضافة 16 دقيقة وقت بدل ضائع “لتمكين المنتخب الأرجنتيني من تحقيق التعادل”.
تعليقا على ما شهدته المباراة من قصور أمني بعد اجتياح بعض الجماهير للملعب نقلت صحيفة “Le Monde” الفرنسية، عن أحد المسؤولين في لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية 2024 في باريس: “نعمل مع جميع الأطراف المعنية لفهم الأسباب واتخاذ الإجراءات المناسبة”.
فضيحة تجسس على منتخب نيوزيلندا
كما شهدت الألعاب الأولمبية 2024 في باريس “فضيحة تجسس”، حيث دعا أندرو براجنيل، الرئيس التنفيذي لاتحاد كرة القدم في نيوزيلندا الخميس 25 يوليو/تموز، “الفيفا” إلى اتخاذ إجراء عاجل إزاء فضيحة تجسس تورط فيها منتخب كندا للكرة النسائية، وقال إن عدم اتخاذ إجراء قد يضر بالنزاهة الرياضية للبطولة بأكملها.
وقررت بيف بريستمان، مدربة منتخب كندا للكرة النسائية إبعاد نفسها عن إدارة المباراة الافتتاحية بينما طُرد أحد مساعديها ومحلل الأداء في الفريق من الأولمبياد الأربعاء 24 يوليو/تموز في ظل مزاعم باستخدام طائرة مسيرة خلال فترتي تدريب للفريق النيوزيلندي.
وقال اتحاد كرة القدم في كندا إنه سيباشر إجراء مراجعة مستقلة لما حدث بينما بدأ الفيفا إجراءات تأديبية. وقال براجنيل في بيان “لا مكان لهذا النوع من التصرفات في عالم كرة القدم ومن المهم اتخاذ إجراءات عاجلة في مواجهة هذا الانتهاك للنزاهة.
كما أضاف براجنيل “إن معرفة أن الفريق الكندي صور لقطات سرية لتدريبات فريقنا مرتين على الأقل هو أمر مقلق للغاية وإذا لم يتم التعامل مع الأمر فورًا فقد تكون له آثار أوسع نطاقًا على نزاهة البطولة”.
وعبر ديفيد شوميكر الرئيس التنفيذي للجنة الأولمبية الكندية عن ثقته في أن بريستمان ليس لديها علم بواقعة التجسس لكنه أضاف أنه إذا ظهرت أي حقائق تشير إلى تورطها فإن اللجنة ستفرض المزيد من العقوبات.
وأضاف براجنيل “لاحظنا أن اللجنة الأولمبية الوطنية الكندية قدمت بعض الاعترافات واتخذت عقوبات خاصة ضد الفريق الكندي. ومع ذلك، ونظرًا لخطورة الوضع والتداعيات المحتملة على النزاهة الرياضية للبطولة بأكملها، أحلنا الأمر إلى اللجنة التأديبية بالفيفا سعيًا لاتخاذ إجراء عاجل”.
كما أبلغت اللجنة الأولمبية النيوزيلندية الشرطة ووحدة النزاهة التابعة للجنة الأولمبية الدولية بواقعة الطائرة المسيرة، وفق ما ذكرته وكالة “رويترز” للأنباء.
الحجاب في الألعاب الأولمبية 2024 في باريس
قبيل انطلاق الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، أثارت قضية منع فرنسا رياضياتها المحجبات من المشاركة في هذا الحدث العالمي انتقادات من جمعيات حقوقية والأمم المتحدة وكذلك منظمة العفو الدولية، في وقت واجهت اللجنة الأولمبية هذه الانتقادات بالرفض.
بينما قال مسؤولون في الحكومة الفرنسية ومسؤولون في اللجنة الأولمبية بالبلاد الأربعاء 24 يوليو/تموز، إنهم يسعون إلى إيجاد حل مبتكر للسماح للعداءة الفرنسية المسلمة سونكامبا سيلا بارتداء حجابها في حفل افتتاح أولمبياد باريس مع الالتزام بالقوانين العلمانية في البلاد.
ويصل آلاف الرياضيين، ومن بينهم بعض النساء المحجبات، للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، مما يسلط الضوء دوليا على التوتر في فرنسا بشأن الهوية الوطنية والتمييز ضد المسلمين، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
وكتبت سيلا، وهي أحد أعضاء فريق التتابع الفرنسي لمسافة 400 متر، على حسابها على إنستغرام الاثنين 22 يوليو/تموز 2024، أن حجابها سيمنعها من الظهور في حفل الافتتاح الضخم يوم الجمعة على طول نهر السين.
كما قالت سيلا “لقد تم اختيارك للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي تنظم في بلدك، لكن لا يمكنك المشاركة في حفل الافتتاح لأنك ترتدين وشاحا على رأسك”.
وتطبق فرنسا، موطن أكبر أقلية مسلمة في أوروبا، قوانين لحماية مبدأ العلمانية الذي يحظر بموجبه على موظفي الدولة وتلاميذ المدارس ارتداء الرموز والملابس الدينية في المؤسسات العامة. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هذه القواعد تمييز فعلي ضد المسلمين.
وحرصا على تجنب حدوث خلاف داخلي محرج أمام العالم، قال المسؤولون الحكوميون والمسؤولون الأولمبيون الفرنسيون إنهم على استعداد لإيجاد حل لمشكلة سيلا، رغم عدم وضوح الحل المقترح، حسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وقالت إميلي أوديا كاستيرا وزيرة الرياضة الفرنسية الأربعاء “يتوقع مواطنونا منا أن نتبع مبادئ العلمانية، لكننا بحاجة أيضا إلى أن نكون مبدعين بشأن الحلول التي تجعل الجميع يشعرون بالارتياح”. وأضافت أن سيلا “تفهم مبادئنا وقواعدنا”.
وقال دافيد لابارتين، رئيس اللجنة الأولمبية الفرنسية، إن البعثة الأولمبية الفرنسية “تشارك في مهمة خدمة عامة، وفي هذا الصدد فهي ملزمة بمراعاة العلمانية”. وليس لدى اللجنة الأولمبية الدولية قواعد ضد ارتداء أغطية الرأس الدينية.
وانتقدت ماريا هورتادو، المسؤولة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية في سبتمبر أيلول من العام الماضي بسبب موقفها بشأن حجاب الرياضيات الفرنسيات خلال الألعاب الأولمبية. وذكرت صحيفة (لو باريزيان) أن سيلا قد تشارك في حفل افتتاح الأولمبياد مرتدية قبعة.
سرير “كرتوني” بالقرية الأولمبية
رغم الانتقادات التي طالتها خلال دورة طوكيو 2020، لجأ منظمو الألعاب الأولمبية 2024 في باريس لاستخدام أسرّة من الورق المقوى، ما أثار جدلاً بين بعض الرياضيين، خاصة بعد انتشار مقاطع فيديو تظهر انكسارها.
واختبر رياضيون السرير المستخدم في أولمبياد باريس، والذي وضع في غرف القرية الأولمبية والبارالمبية لقياس مدى قدرة تحمله الأوزان الثقيلة، وقالت بطلة الجمباز الجزائرية، كيليا نمور، “من المذهل أن أكون هنا في القرية الأولمبية، قضيت ليلة جيدة على سرير من الورق المقوى”.
ودفع استخدام الأسرّة الورقية في أولمبياد باريس وسائل إعلام غربية إلى ترويج أن استخدامها يهدف لمنع العلاقات الحميمة بين المشاركين، وهو أمر نفته اللجنة المشرفة على تنظيم الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، وأكدت أن استخدام الأسرّة هدفه الأساسي المحافظة على البيئة.
وقالت اللجنة في بيان: “نعلم أن وسائل الإعلام استمتعت كثيرًا بهذه القصة منذ أولمبياد طوكيو 2020، ولكن بالنسبة إلى باريس 2024، فإن اختيار هذه الأسرّة للقرية الأولمبية والبارالمبية يرتبط في المقام الأول بطموح أوسع لضمان الحد الأدنى من التأثير البيئي”.
وتضم القرية الأولمبية نحو 3,000 شقة، تحتوي على أكثر من 14,000 سرير من الورق المقوى. وستستقبل القرية نحو 10,500 رياضيًا في فئة الألعاب الأولمبية، بينما تستقبل نحو 4,400 رياضيًا في فئة الألعاب البارالمبية، بمشاركة 206 بلدان ممثلة في الألعاب الأولمبية، بينما سيشارك 184 بلدًا في الألعاب البارالمبية.