بقلم: د. حازم قشوع
بالتوازي مع عودة كل الفصائل الفلسطينية لإطار منظمة التحرير بإعلان بكين، ها هو نتنياهو يطلب التوبة ويرجو الغفران فى الكونجرس الامريكي ويعلن عودة اسرائيل للدور الوظيفي وعلى المقياس الأمريكي المخصص لها في الإطار العام، وهو ما يأتي مع انتهاء حقبة بايدن التي ذهبت من اجل عودة الجميع الى الحاضنة الأمريكية وبهذا يكون البيت الابيض قد حقق غايته مع انتهاء فترة رئاسة بايدن بدقة ويكون المشهد العام استراتيجيا قد انتهى لانتظار التفاصيل.
فمنذ أن بدأت حرب غزة وحددت أمريكا أهدافها كنت قد بينت في حينها غاية أمريكا من هذه الحرب التى تتمثل بعودة اسرائيل لدورها الوظيفي وعلى المقياس الأمريكي الذي من المفترض أن لا يتجاوز مقياس (xs) وهو المقياس المعطى لها منذ تشكيل الكيان بعدما حاولت تل ابيب اتخاذ أدوار بعيدة عن مساحة المناورة مع تقدم طروحات التعددية القطبية.
هذا ما جعل نتنياهو يقدم برنامج يقول فيه حينها “لسنا ولاية أمريكية بل نحن دولة إقليمية” وهى قادرة لاتخاذ قرارات جيوسياسية فى التعاون مع روسيا كما الصين، الأمر الذى جعل من إسرائيل ترسم في حينها حالة من التمرد على بيت القرار الأمريكي وحتى على الرئيس بايدن، وراحت تضع نفسها بقالب الانفصال عن بيت الطاعة الأمريكي ضمن ما اسماه نتنياهو فى حينها خيارات من أجل السيادة الاسرائيلية واستقلال بيت القرار.
واليوم يأتي نتنياهو للكونجرس الأمريكي ليقول لن أكون الا جنديا مطيعا للأوامر الصادرة من البنتاغون، مطيعا لتنفيذ كل القرارات الصادرة على اسرائيل بكل امانه وانصياع، وهذا ما يعرف بإعلان التوبة الذي تم وسط تصفيق (باهي) من الحضور تجاوز سقف حضور مباره ” نادى بتيار القدس اليمني المتطرف وهبوعيل تل ابيب اليساري المتادلج”، وهو ما ذهب نتنياهو لفعله للانتقال من هذا النادى لذلك وسط تصفيق من الحضور شجع نتنياهو للقفز من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بحادثة إعلان التوبة والعودة إلى حاضنة بيت القرار الأمريكي دون نقاش وفق معادلة … (لا تقل لماذا لأمريكا بل قل كيف) !!!
ولقد فعل نتنياهو ما فعل بإعلان التوبة في الكابيتول نتيجه ثلاث عوامل رئيسية استطيع بيانها بما يلي العامل الأول تمثله صلابة المقاومة الفلسطينية التى لولاها لنفذ غايته بضم القدس والضفة وغزة ولاستكمال مشواره من الفرات السوري إلى النيل، لكن المقاومة الفلسطينية قدمت تضحيات عن الجميع أقول هذا القول بموضوعية شديدة، اما النقطه الثانيه فلقد بينها التزام إيران بالنص وعدم إنجرارها لحرب إقليمية مع يقينها من عدم قدرة اسرائيل من المواجهة، وأما النقطة الثالثة فهو يمثلها تقديم الأردن ليكون بديل لإسرائيل بالمنطقة بعد الشراكة العسكرية الامريكية الاردنية وإعطاء الاردن دور مركز الناتو في المنطقة، فلم يبق إلا الثالثه فإن حصل عليها فانه سيشكل البديل المركزي وضابط الايقاع الرئيس والتى تمثلها وجود القياده المركزيه الوسطى في الأردن، فإن حدث وهذا ما يتوقعه مراقبين فإن الدور الوظيفي لاسرائيل سيدخل فى اعادة تموضع وهو ما تناقلته بعض التحليلات المركزية.
اعلان نتنياهو التوبة والفصائل الفلسطينية العوده يكون المشهد العام قد شارف على الانتقال من حالة ميدانية الى اخرى سياسية، ويتوقع البعض أن تعطى للرئيس بايدن قبل مغادرته البيت الأبيض بجملة وداع.