ألإنتخابات النيابية أخرَجَتْ أسوأ ما فينا !!!
في الموروث الشعبي يُقال إذا أردتَ أنْ ترى أسوأ ما في شخصٍ ما فأخرجهُ عَنْ طَورِهِ وَحينها فقط أُحكُم عليهِ وعلى تَصَرفاتهِ ، ولكننا في الأردن أدخلنا مُعادلة جديدة للحُكم لَيسَ على فردٍ واحد بل على مُجتَمع بأكملهِ وأصبحنا نَعرِف بعضنا جيدًا في المواسم الانتخابية !! فَقَد أخرجت هذه المواسم كُلّ ما حاولنا أن نُخفيهِ مِنْ مَساوىء أنفسنا !! .
لا أحدّاً يُدرك السرّ في هذا الذي يحدث !! فالكاذبون والمنافقون والمُفتِنون والانتهازيون وبائعوا الكلام والشعارات الجوفاء يَتَصدّرون المشهد في كُلّ مكان !! لا تَفوتهم شاردة ولا واردة يُمكِنَ أن تَفتح بابًا لهم في هذهِ المواسِم إلّا وَتَبِعوها .. يملكون وجوهًا قادرة على التلون مَعَ كُلّ حالة ومناسبة !! .
هُمْ لا تعنيهم قِيمٌ ولا تُلزِمَهم أخلاق .. ولا يَرتَبِطون بعهدٍ أو وَعد .. كلام الليل يَمحوه النهار .. لا تعرِفهم أهم فرسان النهار أمْ خفافيش الليل !! .
وَيسأل السائل مَنْ السبب فيما وَصَلنا إليه ؟ السبب ليسَ أنا ولست أنتَ !! السبب ليس الجوع والحاجة !! السبب ليس الحضارة ولا الجهل !! السبب منظومة سياسية وأصحاب قرار ومالكي أموال عَمِلوا على تدمير منظومة العمل الأخلاقي في الأردن منذُ فترة ليست بالقصيرة !! كانَ عملًا مُنظماً مدروساً .. بدأ مِنْ تدمير الشعور بالمواطنة والإخلاص للوطن .. تدمير التعليم .. تسخيف الأفكار العاقلة والمتزنة .. تكبير مَنْ لا يستحق .. وتهميش مَنْ كانَ مدرسةً في الرجولة والكرامة .. بدأ العمل على إيصالنا إلى ما نحن عليه منذ تلك اللحظة ألتي إعتبرنا الوطن مال شائع لا مالك له .. منذ أن أصبحت سَرِقة الوطن نجاح وتصغير اكتاف البلد سياسة .. منذ أن أصبحت الرجال تُقاس بما يملكون وحَجمِ ما يرصدون في البنوك .. .
أصبحنا كذلك منذ أن قال أحدهم ذات يوم أوصلوني الى الدوار الرابع وسترون ما أنا فاعل !! بدأ الأمر منذ أن قال أحدهم ذات يوم لمجموعة مِنْ أنصاره أنّ الدولة تخافني لأنها تخاف منكم !! بدأ الفساد منذ أن أصبح كُلّ شيءٍ قابلا للبيع في هذا الوطن !! بدأ الأمر عندما أصبحنا نتسابق إلى إنضمامٍ لحزبٍ نَعلمُ كُلنا مَنْ يقف خلفه ويدعمه !! بدأ الأمر عندما أصبحنا نُصفّق لحزب أو جماعة ونحن نعلم إلى أين هم سائرون بنا !! بدأ البيع منذ أن خرجَ علينا أحد الوزراء محتفلًا بإفتتاح المزيد مِنْ مخيمات اللاجئين !! بدأ مزاد البيع منذ أن تباهى أحدهم ذات يوم بزيادة أعداد المُجنسين وبيع الجنسية الأردنية لِمَن يدفع أكثر .
لَمْ ينتهي الأمر عندما أصبحنا نُباعُ وَنُشترى بأرخص الأثمان !! وَلَمْ ينتهي الأمر عندَ قولِنا ( إذا إنهد بيت أبوك خذلك عمود ) بل الخوف أن نَقِفَ مُتفرّجين على وطن ستتم المزاودة عليه أمام أعيننا وحينها سنتذكر تلك السيدة الأندلسية حينما قالت مقولتها المشهورة ( إبكِ كالنساء وطنًا لَمْ تُدافع عَنهُ كالرجال ) .
المحامي فضيل العبادي
مجلس محافظة العاصمة