توقع خبراء فلسطينيون تصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة جراء استمرار السياسات الإسرائيلية الرامية للسيطرة على الأرض وتهجير الفلسطينيين منها وتجريدهم من حقوقهم.
ويقول الخبراء في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول إن “الحكومة الإسرائيلية اليمينية الاستيطانية ماضية في بسط سيطرتها على الضفة” من خلال إقرار قوانين تمكنها من ذلك.
وأجمعوا على أن السياسات الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني يدفعان لتهجير الفلسطينيين عن أرضهم بشكل “قسري أو طوعي”.
والخميس، قرر الكنيست الإسرائيلي رفض قيام دولة فلسطينية، زاعما أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل ستشكل تهديدًا وجوديًا لتل أبيب ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.
وردّت الرئاسة الفلسطينية على ذلك القرار بالقول: “لن يتحقق سلام ولا أمن لأحد دون قيام دولة فلسطينية وفق الشرعية الدولية”.
ويأتي قرار الكنيست في وقت تشن فيه إسرائيل، بدعم أمريكي، حربًا على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، خلّفت أكثر من 128,000 شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10,000 مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد جيش الاحتلال ومستوطِنون إسرائيليون اعتداءاتهم بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 576 فلسطينيًا وإصابة نحو 5,350 واعتقال حوالي 9,700، وفق جهات فلسطينية رسمية.
إسرائيل غير معنية بالسلام
متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قال في بيان، إن قرار الكنيست “يؤكد إصرار إسرائيل والائتلاف الحاكم فيها على دفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية”.
وتابع: “حكومة الاحتلال غير معنية بالسلام الذي لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967”.
وأوضح أن “الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، هناك 149 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بها”، مضيفًا: “ما زالت الاعترافات الدولية تتوالى لتؤكد أن تجسيد قيام دولتنا المستقلة لا يحتاج إذنًا أو شرعية من أحد”.
وأشار إلى أن “قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة والإجماع الدولي، أوصلوا دولة فلسطين إلى (وضعية) عضو مراقب في الأمم المتحدة، ورفع علم دولة فلسطين إلى جانب دول العالم التي اعترفت بها”.
وحمّل المسؤول الفلسطيني الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية (عما يجري) جراء “انحيازها ودعمها اللامحدود” لإسرائيل.
تطبيق عملي للدولة الواحدة
بدورها، تقول الخبيرة السياسية الفلسطينية دلال عريقات، للأناضول إن إسرائيل “كشفت عن وجهها الحقيقي عبر قرار الكنيست الأخير”.
وتابعت: “بينما تقوم بحرب إبادة جماعية في قطاع غزة بحجة الدفاع عن النفس، لم تتوقف ليوم واحد عن البناء الاستيطاني والسيطرة على الأرض الفلسطينية في الضفة، مع مواصلة الاعتقالات والإعدامات للمواطنين”.
وعدَّت السياسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين “تطبيقًا عمليًا للدولة الواحدة”، معتبرة “التصويت على فكرة حل الدولتين ضربة للعالم وقرارات الأمم المتحدة”.
وأضافت عريقات: “إسرائيل تتجه نحو دولة الفصل العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري والطوعي عبر سياسات الضم التي باتت معلنة”.
ووصفت الوضع الحالي بـ”الحساس والصعب للغاية”، متابعة: “حديثنا عن بقاء الضفة والقدس الشرقية وغزة دولة واحدة كلها عمليًا دمرتها إسرائيل”.
لا أفق لحل سياسي
من جانبه، يقول الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجاء، إن “قرار الكنيست الأخير يؤكد عدم وجود أي حل سياسي يلوح بالأفق”.
ويضيف: “السياسة الإسرائيلية الحالية ترفض ربط الضفة بغزة، وأي اتفاق أو تهدئة في غزة وأي ترتيبات لن تشمل الضفة”.
ويعتقد أن قرار الكنيست الأخير وغيره من القرارات “تشير للتوجه الإسرائيلي نحو الحسم المطلق للصراع عبر التهجير”.
وقال عن ذلك: “التيار اليميني المسيطر على الحكم في إسرائيل يؤمن بإعادة تشكيل إسرائيل للديمغرافيا وبحتمية تهجير الفلسطينيين والسيطرة على الأرض، فضلا عن أنه يضع ضمن أولوياته الانتصار والهيمنة العسكرية الكاملة كطريق لتعزيز الردع بعدما كان يولي اهتمامه بالسلام مع العرب”.
ويرى أنه في أفضل الأحوال فإن ما ينتظر الضفة الغربية هو “إعادة تشكيل الخارطة الديمغرافية بجيوب معزولة، تحظى بإطار سياسي”.
وأعرب عن توقعاته بأن تشهد المرحلة المقبلة في الضفة الغربية تصاعد وتيرة التوحش من المستوطنين، عبر الاعتداءات على الأرض والفلسطينيين.
التصعيد سيد الموقف
وأما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية في جنين (شمال) أيمن يوسف، فقال إن “التصعيد سيد الموقف بالضفة الغربية”.
وأضاف: “ستشهد الضفة أيضًا عمليات قتل واعتقالات على غرار ما يجري في قطاع غزة وبصورة مصغرة وخاصة شمال الضفة التي تشهد توترًا وتصاعدًا في عمليات المقاومة الفلسطينية”.
وإلى جانب تصاعد العنف، توقع يوسف “تزايد وتيرة التوسع الاستيطاني والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض بالضفة”.
وقال عن ذلك: “منذ أن استلمت الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل سدة الحكم، والجناح الاستيطاني يسيطر عليها، أي أن الضفة هي المشروع القادم والاستراتيجي لإسرائيل لتنفيذ أجندتها التوسعية”.
وفي ظل الأوضاع الحالية، استبعد يوسف وجود “أي أفق أو تطور بالنسبة للفلسطينيين في المرحلة المقبلة حيث تريدهم إسرائيل أن يتقوقعوا في بلداتهم دون حراك”.
وختم حديثه مستنكرًا: “في المقابل للمستوطن حق السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض، نهب الخيرات والبناء، والتضييق على الفلسطيني، لدفعه للهجرة القسرية أو الطوعية”.