في الوقت الذي تستثمر فيه مادة الكمخة عالميا بتصنيع مادة الطوب الحراري العازل للماء والحرارة والصوت، ما زال الأردن يتعامل معها على أنها نفايات سائلة يتم التخلص منها في مكبات.
وتعرف الكمخة بأنها المادة التي تنتج عن نشر وتكسير الحجر والرخام في الكسارات والمحاجر والمصانع وهي مكونة من غبار ممزوج بالمياه.
شكاوى من طرح الكمخة في مناهل الصرف الصحي
ومع إغلاق أمانة عمان مكب البيضاء نهاية العام الماضي والذي كان مخصصا لاستقبال مخلفات الكمخة، ازدادت شكاوى المواطنين من قيام بعض الصهاريج بطرح مخلفاتها في مناهل الصرف الصحي التي تقع في شوارع فرعية وبين أزقة المنازل مؤخرا، ما يتسبب بانتشار الروائح الكريهة والبيئة غير الصحية وسيلان المياه العادمة في الشارع، إضافة إلى تسبب هذه المادة بعطل وتلف جزئي أو كلي لمحطات معالجة وتنقية المياه في حال قرر أصحاب الصهاريج طرحها فيها.
ومع بداية فصل الصيف باشرت الإدارة الملكية لحماية البيئة بحملة رقابية مكثفة على الصهاريج المخالفة، حيث ضبطت 8 صهاريج في حزيران الماضي.
لا أماكن مخصصة حكومية لطرح مخلفات الكمخة
وتتم مخالفة أصحاب الصهاريج بسبب طرحهم مخلفات الكمخة في غير الأماكن المخصصة لها، إلا أنه لا أماكن حكومية مخصصة لطرح هذه المادة منذ نهاية العام الماضي بعد أن تم إغلاق مكب البيضاء.
من جهته كشف رئيس قسم إدارة الأنقاض والمكبات في إدارة الإعمار في أمانة عمان أنس ربيحات أن الأمانة ما زالت تسير بإجراءات افتتاح مكب مؤقت خاص لمادة الكمخة في منطقة ماركا كبديل عن مكب البيضاء.
وشكلت أمانة عمان لجانا فنية مطلع هذا العام للكشف على موقع المكب الجديد، حيث رفعت اللجنة توصياتها إلى صاحب الموقع الذي قام من جهته بتنفيذها، إذ إن إدارة الأنقاض والمكبات بصدد رفع تقريرها النهائي حول المكب للإدارة العليا تمهيدا للموافقة عليه وفتحه أمام أصحاب الصهاريج.
ويرجع وصف ربيحات للمكب بأنه مؤقت إلى أن الأمانة تسير نحو تعليمات تلزم أصحاب المحاجر والكسارات بالتعامل الأمثل والصحيح مع مادة الكمخة عبر محطات معالجة النفايات السائلة في مواقع عملها أو التعاقد مع محطات للتعامل مع الكمخة التي تعد بعد إعادة تدويرها استثمارا كبيرا.
استثمار مهدور في المناهل
المكب ليس حلا نهائيا وإنما مؤقت -يؤكد ربيحات-، مضيفا أن الطريقة الصحيحة للتعامل مع مادة الكمخة وفق الدراسات العلمية الموثقة والمعمول بها عالميا، هي عبر محطات معالجة النفايات السائلة “العصّارات” التي تفصل الماء عن المواد الصلبة في الكمخة ومن ثم الاستفادة منها.
%50 من مخلفات الكمخة هي مياه يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها مرة أخرى في عملية التبريد عند قص ونشر الرخام والحجر في مواقع الكسارات أو لغايات رصف الطرق الزراعية، كما أن المواد الصلبة يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها في صناعة مواد الجبصين وجبس الأسقف والتجميل، وتقدر تكلفة إنشاء محطة معالجة متوسطة القدرة تستوعب مخلفات نحو 5 إلى 6 صهاريج بـ 50-60 ألف دولار، في الوقت الذي تنتج فيه هذه العصارة نحو 50 م3 من المياه يوميا.
وببحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبين وجود محطات معالجة خاصة لمادة الكمخة، أو مصانع تستقبل هذه المادة لإعادة تدويرها عبر شرائها بمبالغ مالية تتراوح ما بين 10-12 دينار لحمولة الصهريج الواحد، فيما كان مكب البيضاء يستقبل الصهريج مقابل دينارين لتفريغ حمولته.
لماذا لا تستثمر الأمانة في الكمخة؟
يعتقد ربيحات أن أمانة عمان ليست هي الجهة المعنية بالدرجة الأولى في الاستثمار بهذه المادة عبر إنشاء محطات معالجة، لافتا إلى أن بلدية سحاب قد تكون هي الأَوْلى بذلك، في ظل وجود 90% من الكسارات في منطقتها.
ولم يبين ربيحات تكلفة إنشاء مكب النفايات مقابل تكلفة الاستثمار بمحطة معالجة مادة الكمخة.
وزارة البيئة: نحن جهة رقابية تفتيشية
وكجهة رقابية تفتيشية على صهاريج الكمخة، أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة البيئة أحمد عبيدات أن ضبط الصهاريج عبر نظام تتبع خاص هو من المهام المنوطة بوزارة البيئة، لافتا إلى أن الصهاريج المخصصة لنقل وطرح مادة الكمخة مختلفة عن صهاريج نقل وشفط المياه العادمة، إذ إن صهاريج تلك المادة تعود ملكيتها ومسؤوليتها إلى أصحاب المصانع الحجرية والكسارات.
واعتبر عبيدات أن فكرة الاستثمار في مادة الكمخة وتخصيص محطة معالجة لها في المناطق المحيطة بعمان أمر وارد بشدة، وأن الأمانة ووزارة البيئة ستسعى عبر إجراءاتها إلى المعالجة البيئية المثلى لذلك.
مطالب صناعية للإسراع بإيجاد حلول حكومية
وتقدر جمعية مصدري ومنتجي الحجر الطبيعي والبلاط الأردنية مخلفات التصنيع اليومية للمصانع العاملة في هذا المجال بنحو 1500 م2 من مادة الكمخة.
وكانت الجمعية وغرفة صناعة عمان قد طالبتا الحكومة في شباط الماضي بضرورة التوصل إلى حلول عاجلة لتصريف مادة الكمخة والتعامل معها، إذ إن الاستمرار بمخالفة الصهاريج دون إيجاد حلول واضحة قد يهدد بتوقف المصانع والمعامل الخاصة بتكسير الحجر ونشره.