محاولة اغتيال ترامب الحدث والدلالات

بقلم: علاء عواد

تثير المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، دونالد ترامب، ملاحظات مهمة حول الحدث والدلالات.

فمنذ الدقائق الأولى لمحاولة اغتيال دونالد ترمب، والتي أسفرت عن إصابته برصاصة في أذنه انتشرت نظريات المؤامرة على الإنترنت، بعضها يتحدث عن مطلق نار «تحت أوامر» الرئيس جو بايدن أو «الدولة العميقة»، وبعضها يندد بـ«مسرحية مدبرة» لجعل الرئيس السابق بطلاً.

وعقب محاولة الاغتيال كتب الباحث السياسي الأمريكي إيان بريمر تغريدة اعتبر فيها الواقعة بأنها تشكل « أسوا حدث يمكن وقوعه في أمريكا التي تئن تحت وطأة الاستقطاب في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي ينذر بمزيد من أعمال العنف السياسي واندلاع اضطرابات اجتماعية.

أما حول أبرز الدلالات المرتبطة بالحادث والتي يمكن وصفها بداية حول الشكوك في كون الحادث مُدبراً حيث يرى مراقبون أن ما حدث ليس تصرفاً فردياً أو أن شخصاً مُختلاً عقلياً قام بارتكاب هذا الحادث، فما ظهر على الشاشات أن قناصاً أخذ مكاناً مناسباً أعلى سطح أحد المباني أمام الحدث الانتخابي في بنسلفانيا، وأطلق الرصاص بمنتهى الدقة على ترامب، وفي وقت لاحق من حادثة الاغتيال، أفادت قوات إنفاذ القانون في ولاية بنسلفانيا، بأنه تم العثور على مواد مُتفجرة بمنزل توماس ماثيو كروكس مُنفذ محاولة اغتيال ترامب، كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن السلطات الأمريكية عثرت على عبوات ناسفة في سيارة مُنفذ عملية الاغتيال، وهي دلالات تثير العديد من التساؤلات حول هُوية وانتماء المنفذ لتلك العملية، ومدى علاقته بالجماعات المتطرفة مثل: جماعة “أنتيفا” (Antifa) وجماعة “بلاك لايف ماترز” (Black Lives Matter)، وهما جماعتان مُتطرفتان تستخدمان العنف، ولا ترغبان على الإطلاق في وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى.

من ناحية أخرى يرى مراقبون انه من الصعب حالياً التعرف على الدوافع الحقيقية وراء محاولة الاغتيال، فالحقيقة إذن بحسبهم أن العنف السياسي أصبح سيد الموقف في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبات يستهدف الجمهوريين والديمقراطيين والمحافظين والليبراليين، ويبدو أنه يحدث بوتيرة مُتكررة ومؤلمة.
كل ذلك لا ينفي أن ترامب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية سعى إلى توظيف الحادث، من خلال رفض مُحاولات الاحتماء بالأمن مثلا فقد كان لافتاً أن ترامب استعاد رباطة جأشه عقب تعرضه لإطلاق النار ورفض محاولات الأمن للاحتماء، وحاول كشف أكبر قدر ممكن من جسده للجمهور، ولوح لمؤيديه وأخبرهم بأنه بخير، وحثهم على القتال من أجل “الولايات المتحدة الأمريكية”، بحسب تعبيره.

أيضا لم تتوقف منشورات ترامب على منصة “تروث سوشيال” منذ محاولة اغتياله، السبت الموافق 13 يوليو 2024، فبعد أن طمأن جمهوره بأنه بخير واصفاً حالته وإصابته برصاصة أعلى أذنه، طالب الأمريكيين بالاتحاد ومنع “انتصار الشر”، ودعا أنصاره إلى الصمود بإيمان والاتحاد في مواجهة قوى الشر، كما وأكد على حضوره المؤتمر الوطني الجمهوري في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن الأمريكية. كل ذلك يؤكد انأن ماحدث عكس صورة إيجابية لصورة ترامب فلا شك في أن صورة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو في الثامنة والسبعين من عمره، وهو يتصارع مع أفراد الخدمة السرية للوقوف مُنتصباً على المنصة بعد محاولة اغتياله ورفع قبضته في الهواء وهو يصرخ ” قاتلوا” تركت انطباعاً بأنه “بطل”، يواجه ما يُوصف بافتراءات الديمقراطيين ومحاولتهم لشيطنة المرشح الجمهوري، وعلى هذا النحو، تُجزم التقديرات بأن يوم محاولة الاغتيال فارق في تحديد التصويت النهائي للانتخابات، وخاصة أنه سيؤثر في نحو واضح في قناعات الناخبين الذين ما زالوا مُترددين بشأن الاختيار ما بين ترامب وبايدن. ويرى مراقبون أن حادثة إطلاق النار ستفيد ترامب سياسياً؛ لأنها من ناحية تدعم روايته بأن البلاد خرجت عن المسار الصحيح، ومن ناحية أخرى، ستؤيد التعاطف تجاه ترامب باعتباره القائد البطل الذي يقف أمام فساد “الدولة العميقة” حسب تعبيراته المتكررة.

وفي التقدير؛ يمكن القول إن المحاولة الفاشلة لاغتيال ترامب، ورغم إدانتها من كافة الأوساط الأمريكية، بما فيها الديمقراطيون؛ فإنها تعكس حالة التعقيد والاستقطاب التي باتت تشهدها الساحة الأمريكية، كما تؤشر على احتمالية تنامي العنف السياسي وتآكل الديمقراطية؛ الأمر الذي يتطلب أن تستغل تلك الأوساط محاولة اغتيال ترامب لبلورة ما يسمى بلحظة الوحدة للحيلولة دون وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى حافة الهاوية لاندلاع حرب أهلية أو على أقل تقدير تنامي وتيرة أعمال العنف بحجة غياب صوت الديمقراطية الأمريكية أو ضعفها بعد سنوات من التفاخر بها.

إقرأ الخبر السابق

*رحلتي * ( مشروع ابداعي يجمع 10 محافظات)

اقرأ الخبر التالي

انخفاض الطلب على الذهب 50% وسط تسجيله مستويات تاريخية محليا

الأكثر شهرة