في ظل الشكاوى المتعددة من قبل القطاع السياحي جراء تراجع السياحة الداخلية إلى نحو 2 % في الفترة الحالية، جراء الظروف الاقتصادية والسياسية والمناخية التي تمر بها المنطقة عموما، تتعزز الدعوات للتوجه نحو السياحة البيئية وتوجيه الاستثمارات إليها، على غرار التوجه العالمي نحوها، كونها تتناسب مع الظروف المناخية والاقتصادية الحالية.
ويرى خبراء أن الاستثمارات السياحية البيئية وسياحة المغامرات في جرش ما زالت متواضعة، مع أن هذه الأنماط من السياحة تتناسب اقتصاديا وصحيا وسياسيا مع طبيعة محافظة جرش التي تتمتع بميزات سياحية متعددة غير مستثمرة لغاية الآن.
ويزيد من تراجع القطاع السياحي في جرش، انشغال كثير من الأسر الأردنية بامتحانات الثانوية العامة، الأمر الذي يجعل بند السياحة في برامجها نوعا من الكماليات، رغم أن قطاعها يعد من أكبر القطاعات التي تعيل آلاف الأسر، وفق مدير محمية هدأة دبين الخبير السياحي المهندس بشير العياصرة.
وأوضح العياصرة أن الحركة السياحية في مختلف المواقع في محافظة جرش أصبحت شبه معدومة وخاصة المتنزهات والمحميات الطبيعية والمزارع والشاليهات، نظرا لارتفاع درجات الحرارة والظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، حيث لم تتجاوز نسبة السياحة في المحميات الطبيعية والمتنزهات العامة 2 % وهي نسبة متواضعة، فضلا عن تراجع الحجوزات في المزارع الخاصة كذلك بسبب الظروف الاقتصادية، وحاجة هذه الأنواع من السياحة لتكاليف مالية باهظة مقارنة بأوضاع الناس.
ويعتقد العياصرة بضرورة أن يتم التوجه نحو السياحة البيئية وسياحة المغامرات التي تتناسب مع الظروف المناخية، ويمكن ممارستها في درجات حرارة مرتفعة، كون الغابات تخفض طبيعيا درجات الحرارة، فضلا عن أن تكاليفها المالية قليلة وتناسب الأسر ذات الدخل المحدود، على غرار بعض المشاريع التي أنجزت في محافظة عجلون.
وأوضح أن الأنماط السياحية في تغير مستمر، ويجب تحديثها وفق المعطيات المتوفرة، وفي محافظة جرش ميزات سياحية يجب استثمارها، وأهمها قربها من العاصمة وباقي المحافظات، ووجود أكبر مدينة أثرية متكاملة فيها، فضلا عن سلاسل من المطاعم المميزة، وتوافر خطوط إنتاج غذائية متميزة.
بدوره، يؤكد مصطفى عضيبات، أحد أصحاب المزارع السياحية، أن نسبة الإشغال في المزارع السياحية حاليا لا يتجاوز 10 %، في حين كان لا يقل عن 70 % في السنوات السابقة، عازيا هذا التراجع إلى الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطنون، وتأثير الأحداث السياسية عليهم، رغم كل ما يقوم به أصحاب المزارع من عروض وتخفيضات في الأجور، لكن دون جدوى.
وبين عضيبات أن أصحاب المزارع قاموا بتطوير وتحديث مزارعهم التي يتجاوز عددها المئات، من خلال تزويدها بالمكيفات والمسابح والأثاث وكافة المستلزمات التي تحتاجها العوائل للتنزه، غير أن الإقبال ما زال متواضعا، على الرغم من بدء عودة المغتربين.
بدورها، قالت صاحبة مطبخ إنتاجي، أم عبدالله النظامي، إنها استعدت جيدا لموسم السياحة الداخلية في هذه الفترة وموسم عودة المغتربين وتلبية حاجاتهم من المستلزمات الغذائية، إلا أن الحركة الشرائية متواضعة جدا، رغم أنها خزنت وجهزت مئات الكيلوات من الألبان ومشتقاتها، إضافة إلى أنواع متعددة من الأعشاب الطبية والمربيات والمخللات والتوابل وغيرها في مطبخها الإنتاجي وفي المعرض الغذائي، لكن الحركة الشرائية لم تتجاوز %25، والسبب كما ترى يعود للظروف الاقتصادية وتراجع نسبة السياحة الداخلية.
وأضافت النظامي أن هذه التجهيزات احتاجت كميات كبيرة من المواد الأساسية والأيدي العاملة وساعات العمل الطويلة، والتكاليف المالية الباهظة من أجور مطابخ ومعارض على الطريق السياحي وفي المواقع السياحية، لكن لغاية الآن ما زالت الحركة الشرائية متواضعة جدا ولا تغطي تكاليف العمل.
وترى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فمن المرجح أن تتعرض هذه المنتجات للتلف، كونها مواد غذائية يعتمد أغلبها على الحليب واللبن في الإعداد، وسريعا ما تتلف بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمستويات عالية.
وتطالب بأن تقوم الجهات الحكومية، من وزارة الثقافة والبلديات، بتنظيم معارض دائمة مجانية في المواقع السياحية لاستثمار الأفواج السياحية لتحريك العجلة الشرائية وتنشيطها، أو تنظيم مهرجانات للمنتوجات الجرشية التي تتميز فيها المحافظة، خاصة في هذه الفترة التي قد تنشط معها السياحة العربية وعودة المغتربين.
من جانبه، قال المتحدث باسم المطاعم السياحية في جرش ياسر شعبان، إن الحركة السياحية شبه معدومة وغير مجدية، وقد اضطر شخصيا إلى الاستغناء عن 70 % من كادر مطعمه السياحي الذي يعد الأكبر في جرش، نظرا لضعف الحركة السياحية مقارنة بنظيرتها في السنوات السابقة.
وأوضح شعبان أن الحركة السياحية تتأثر بالظروف السياسية والمناخية التي تمر بها المنطقة، وتعتمد بشكل كبير على الظروف الاقتصادية للمواطنين ومستوى مداخيلهم الشهرية التي تتآكل باستمرار.
وبين أن بعض أصحاب المطاعم أغلقوا مطاعمهم نهائيا لتجنب المزيد من الخسائر، ومنهم من قلص كادر العمل، ومنهم من يعتمد على العروض والتخفيضات على قوائم الطعام لضمان تغطية تكاليف العمل على أقل تقدير.