د. حازم قشوع
اذا لم تنسحب القوات الإسرائيلية من غزة بعد اعلان النصر الموهوم لنتنياهو من رفح خلال الأيام القادمة كما هو متوقع، فإن معركة النفوذ ستكون حتمية وهذا ما يعنى دخول القوات الإسرائيلية فى حرب محدودة الضوابط مع القوى الإقليمية الرئيسية لقوى المحور التى يشكلها تحالف حزب الله، وستكون النتيجة كما هو متوقع إعادة تقسيم النفوذ في المنطقة بين قوات المحور المؤيدة ايرانيا وتركيا والمدعومة روسيا وبين تحالف الأسطول الخامس بقيادة القوات الإسرائيلية الأمر الذى سينتج عنه تحديد سياسي جديد لمناطق النفوذ في المنطقة بين القوتين، هو ما يعرف بانتهاء مفهوم السيادة / او الحمايه الوطنية والانتقال الى منزله الحمايات الإقليمية.
ولان هناك دول ليست موحدة بعض من مدنها مع أنظمتها المركزية كما في فلسطين حيث غزه و سوريا فى شمالها كما فى عمقها الشرقي حيث حدود الفرات، وفي العراق حيث كردستان والمنطقة الوسطى حيث الانبار، وفى اليمن حيث جنوبها مغاير لثقافة شمالها تاريخيا، كما هو الحال فى مناطق سيناء المصرية، فإن الوجبة الأولى من هذه المعركة ستقوم على خلخلة هذه المساحات وإدخالها إلى حيث مناطق النفوذ الجديدة، وهو السيناريو الذي كان قد تناوله بعض السياسيين في قراءتهم للخريطة القادمة بعد انتهاء مسرح العمليات فى المنطقة وهو ما يعرف بعملية الادخال القسري من حالة وطنية إلى جغرافيا إقليمية.
وقد تبدو الأمور بهذا العرض مفهومه عند كثير من المتابعين اذا ما بقيت مجريات الأحداث تدور بذات الاحداثيات لكنها ستكون غير ذلك إذا أصبحت المعركة من غير ضوابط محددة أو مبينة العناوين بسبب انهيار طرف على حساب الآخر، وهنا يتولد المحذور وتصبح الامور خارجة عن السيطرة مع اشتداد المعارك على كافة الرقعة الإقليمية الأمر الذي سيجعل من بعض الأنظمة الإقليمية غير قادرة على فرض عناوين التحصين من غير الدخول في معركة النفوذ الحاصلة وهذا ما قد يدخل الجميع في حرب إقليمية عميقة يشارك فيها الجميع.
عندما يصبح الجميع مستهدف لذا استوجب عليه المشاركة والدفاع عن اجوائه في محصلة البيان وهى الجملة التى سيصعب استدراكها وقد تدخل المنطقة طور محدود من الاسلحه الاستراتيجيه التقليدية وليست من ذات الصناعات المعرفية للتكنولوجيا الحديثة كما هو متوقع، التى يستخدم فيها الكيمتريل و هارب او الزلازل الاصطناعي والأمواج المصطنعة والريبوت المحارب وقنابل الرصاصات الموجه وغيرها من الاسلحة التى تمتلكها الدول الاصطناعية !
وإذا كان البنتاغون يدرس فى الوقت الراهن ردات فعل جوانب التأثير فإن عليه قراءة محيط تأثير لشمال المنطقة التي ستدار بأدوات إقليمية لخدمة أغراض دولية فيما يقوم محراك الشر الإسرائيلي بإشعال وقودها !
وهو ما يستوجب على النظام العربي في المشرق تحصين فضاءاته وجغرافية حدوده من خلال مبادرة مركزية تشارك فيها بشكل رئيسي الأردن ومصر والسعودية لأنها دول مواجهة عضوية للحد من تداعيات الحالة، فالاردن على الشريط الحدودي من الناحيه الشماليه والشرقيه والغربيه، كما مصر على شريط المواجهة فى البحر الأحمر والمتوسط كما فى سيناء، والسعودية ايضا على شريط مواجهة فى الخليج العربي كما فى البحر الأحمر.
وهذا ما يلزم الجميع بتطبيق نموذج للدفاع المشترك بكل ما تحويه هذه الكلمة من مضامين وأبعاد حتى لا تاثر معركة بسط النفوذ على طبيعة المستقرات السائدة، وهو ما دعت إليه الدبلوماسية الاردنية من اجل تحصين مجتمعات المنطقة من اسقاطات المناخات الإقليمية بهدف الحفاظ على السلم الإقليمي والسلام الدولي !