دون الخوض في قانونية ودستورية ما باتَ يُعرَف في الحياة السياسية الاردنية وتحديدًا إنتخابات المجالس النيابية والتي تُعتَبَر الوجه الأبرز للحياة السياسية بين قائل بشرعية ذلك الأمر وَلَه حُجَجه وقائل بعدم جواز ذلك وله حُججه كذلك مِنْ حيث عدم المساواة في الفرص بين المرشحين وتهميش لفئة السيدات – واللواتي يُعتَبرن نصف المجتمع – وَتَغول العائلات الكبيرة على العائلات الأقل عددًا في العشيرة الواحدة وأسباب أخرى كثيرة لا مجال للخوض فيها وإن كان مِنْ أبرزها تفتيت المجتمع المحلي في المناطق ألتي تمتاز بِفسيفسائية سكانية في ظلّ الانتشار العمراني والوظيفي والمصلحي للمواطنين فَلَمْ تَعُد منطقة مُعينة هي حِكراً على عشيرة ما !! فمثلًا لَمْ تَعُد مدينة وادي السير حكرا على عشائر بني عبّاد أو بني قيس وكذلك لَمْ تعد صويلح مقصورة على التعامرة او عشائر السلط !! وذات الأمر يقال عَنْ مدينة سحاب والزرقاء وإربد والمدن الكبيرة إجمالًا !! .
وإذا ما عُدنا إلى ما بات يُعرف بالاجماعات العشائرية تاريخيًا فأنه يُمكن القول أن هذا الأمر هو الابن الشرعي الغير مرغوب به لقانون الصوت الواحد في عام 1993 حيث كانت مجاميع العشائر تبحث عن ممثلين لها يكونوا من ذات العشيرة لا لشيء إلّا كوسيلة للحفاظ على إسم العشيرة في المجلس النيابي خاصة في ظلّ الظهور القوي لمجلس 1989 وظهور بعض الأسماء لعدد من النواب بشكل أزعج الحكومات وسبب لها صُداعاً لَمْ تكن ترغب به .
وَلكن وفي ظلّ حركة تجنيس وتوزيع أرقام وطنية ثارَ تخوف عند العشائر ذات الأصول الشرق أردنية مِنْ أنّ هناك حركة أحلال وتهميش لهم – وقد لاقى هذا الشعور هَوى لدى العقل الحكومي – لتعظيم هذا الشعور وإستخدامه كَفزّاعة يتمّ أستخدامها في الوقت الذي ترغب بالسيطرة فيه على طرف ضد طرف آخر أو اذا ما عَلَت سقوف أي طرف في الخطاب أو المطالبات !! .
وَحيث أنّ فساد الحياة السياسية قَدْ شاع في أغلب المناحي فإن الاجماعات العشائرية قَد سَقَطت في فخه فبعد أن كان كِبار العشيرة يمتلكون الحكمة والسيطرة وبُعد النظر في إدارة أمور هذه العشائر ولا يقبلون بتهميش العائلات الصغيرة ويقوموا بتوزيع الأدوار بين هذه العائلات وترشيح الافضل ، أصبح الأمر على غير ذلك فالكبار تمّ تهميشهم وَلَم يعودوا هُم أصحاب القرار !! وبدخول المال على الاجماعات العشائرية تحول الأمر إلى فساد بالمطلق وأصبح الكثير من مُخرجات هذه الاجماعات لا يعكس المستوى الحقيقي لأبناء العشائر مِنْ حيث الفهم السياسي والفكري والعلمي لهذه العشائر !! لا بل أن هناك كثير من الأشخاص الذين إستطاعت العشائر مِنْ إيصالهم لهذه المواقع مدار تَندّر وإساءة .
وحيث لَمْ يَعُد النائب الآن – مَع الأسف – نائب تشريع ومراقبة للحكومات بل هو نائب خدمات – قَدْ يكون الكثير منها مدفوع الأجر – وعلى ضوء ذات مستوى الفساد الذي تُعانيه هالقوائم الحزبية في هذا الأمر فإننا نكون قَدْ أفسدنا حياتنا السياسية مِنْ كُلّ الجوانب وعَمِلنا في ذات الوقت على تفتيت المجتمع !! وَبدل أن نبحث عمّا يجمع ويوحد ويؤلف بين القلوب إنتظاراً لمرحلة هي قادمة لا محالة أصبحنا نبحث عَنْ كُلّ ما يفرقنا !! وبدل أنْ يكون لهذه الاجماعات من إسمها نصيب أصبح الأمر عكس ذلك !! وإذا كان لا بُدّ مِنْ هذه الاجماعات فلماذا لا تكون على أساس مكاني أو مناطقي ؟ فلماذا لا يكون مثلًا مرشح إجماع أهالي وادي السير او صويلح او شفا بدران او اجماع اهالي الدائرة الاولى من العاصمة ؟ .
قَدْ تكون الأمور أصعب وأعقد مِنْ امكانية معالجتها في مقال صحفي أو في جلسة عصف ذهني بل هي بحاجة الى دراسات ومعالجات لكثير مِنْ مخاوف الأردنيين المحلية والإقليمية ويجب أن نتعلم مِنْ الانتخابات الجامعية وما حدث بها سواءاً أكان سلبًا او إيجابًا .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة