بقلم: الدكتور خلف الحمّـاد
يمر علينا عيد الجلوس الملكي لهذا العام مختلفا، نحتفي فيه بمرور ربع قرن على تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية، احتفال مليء بفوح الخزامى، وعبق السوسنة السوداء، زاخر برائحة تراب الوطن الزكي، وشجرة الملول العريقة، يتشح بجمال أخّاذ كجمال العصفور الوردي السينائي، كيف لا نحتفل وكل رموز وطننا الغالي هذه تتمايل زاهية كما يتمايل علَمنا، وعلَم اليوبيل الفضي في سماء وطننا الأغر.
في حضرة كل ذلك وأكثر من رموز الأردن الوطنية، يسطع المعدن الهاشمي الأصيل ممثلا بسيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، والهاشميين الأشاوس؛ فهم بأصالة الأردن وتاريخها العريق، بل هم عنوان الأردن الأوحد، وقلبها النابض بالحياة. مع مضيّ خمسة وعشرين عاما على تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية، تقودنا قلوبنا وعقولنا لتجديد البيعة وعقد الوفاء والولاء الذي يربطنا نحن “الأردنيين” بمليكنا المفدى، ويحدونا الأمل العريض، والإيمان الراسخ بأن القادم لا محالة يصب في مصلحة الأردن أرضا وشعبا. لقد توج الملك عبد الله الثاني ربع قرن من العمل والبذل الجاد لتحقيق إنجازات ثمينة يشار لها بالبنان، إنجازات وضعت الأردن في مصاف الدول المؤثرة والحاضرة بقوة على الساحة الدولية. متزامنة مع احتفالات المملكة بعيد الجيش، وذكرى الثورة العربية الكبرى، فهذه المناسبات الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعاً شَكّلتْ مَحطات مُضيئة في مسيرة نهضة الأردن.
لقد تعاقبت الخمسة والعشرون عاما تعاقب الليل والنهار؛ عاش بها الأردن أزمات محلية وإقليمية ودولية معقدة، وخرج منها جميعا أبلج كضوء النهار بفضل القيادة الهاشمية الحكيمة، والآراء الصائبة لجلالة الملك المعزز عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه. فقد زخرت هذه الأعوام الطوال بإنجازات ملكية سامية، ونجاحات تكتب بماء الذهب، حملت للأردن والأردنيين كل تقدم وازدهار، ليس آخرها التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، بل وما نشهده من حراك حزبي وانتخابي فعال على الساحة الأردنية يمثل هو الآخر إحدى مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. تمتد الإنجازات الملكية على مدى ربع قرن من الزمان لتشمل الأصعدة كافة؛ فقد دعم جلالته مبدأ الديمقراطية ومكافحة الفساد بجميع أشكاله، كما أكد مرارا وتكرارا على ضمان حرية الصحافة والتعبير كونهما ركنين أساسين لا بد منهما في مسيرتنا المباركة نحو المئوية الثانية المجيدة للدولة الأردنية.
وأولى جلالته كل الاهتمام والمتابعة الحثيثة لتحسين مستوى معيشة الأردنيين؛ انطلاقا من سياسات اقتصادية تعتمد على تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين بيئة الاستثمار والأعمال. وكان على رأس اهتمامات جلالته المطلق تطوير التعليم، والارتقاء بجودته، مع التركيز على التعليم العالي، والمهني والتقني حتى يتسلح الطلبة بالمهارات اللازمة لسوق العمل المحلي والدولي.
ما فتئ الأردن يسطر بمواقفه المشرفة كل ما يدعو الأردنيين للافتخار بمليكهم، ورؤيته الثاقبة بدأ بما عصف بالمحيط الإقليمي من أزمات شائكة، وتداعياتها التي انعكست على الأردن بطريقة سلبية مرورا بالقضية الفلسطينية، والحرب الدائرة في غزة، وما نشب إثر ذلك من تداعيات إقليمية ودولية خطيرة، إلا أن الأردن بقيادته الهاشمية بقي صلبا عصيّا على كل متآمر، قادرا بحول الله وقوّته على النهوض بقوة وعزم يشهد لهما القاصي والداني، وكان ذلك بفضل ربان سفينتنا سيدنا حفظه الله الذي يرسو بنا دائما بأمان واقتدار؛ ما جعل الأردن اليوم نموذجا مضيئا وواحة للأمن والاستقرار في خضم بحر من الأمواج المتلاطمة.
كل عام وجلالة سيدنا الملك عبد الله الثاني، وجلالة الملكة رانيا العبدالله، وولي العهد المحبوب سمو الأمير الحسين بألف خير، سائلين المولى عز وجل أن يحفظهم ويرعاهم، وحمى الله الأردن وطنا عزيزا منيعاً، وحقق تطلعات الشعب الأردني وأمانيه بالمزيد من التقدم والازدهار. إنه سميع مجيب الدعاء.