قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الأربعاء، إن الحركة ستطلب نهاية الحرب وانسحاب إسرائيل في إطار خطة لوقف إطلاق النار، موجها ضربة واضحة لمقترح هدنة أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن في الأسبوع الماضي.
وفي الوقت نفسه، قالت إسرائيل إنها لن توقف القتال خلال محادثات وقف إطلاق النار وشنّت هجوما جديدا على جزء من وسط قطاع غزة بالقرب من آخر مدينة لم تجتحها الدبابات بعد.
ويبدو أن تعليقات هنية هي رد حماس على المقترح الذي كشف بايدن النقاب عنه الأسبوع الماضي. وكانت واشنطن قد قالت إنها ستنتظر سماع رد من حماس على ما وصفه بايدن بأنه مبادرة إسرائيلية.
وقال هنية “الحركة وفصائل المقاومة سوف تتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف العدوان بشكل شامل والانسحاب الكامل والتبادل للأسرى”.
وعند سؤال مسؤول كبير من حماس عما إذا كانت تعليقات هنية ترقى إلى مكانة رد الحركة على بايدن، رد على رسالة نصية من رويترز بتعبير “رفع الإبهام”.
ولا تزال واشنطن تضغط بقوة من أجل التوصل لاتفاق. واجتمع وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية مع مسؤولين كبار من قطر ومصر، اللتين تقومان بدور الوساطة، الأربعاء في الدوحة لبحث مقترح وقف إطلاق النار.
ومنذ هدنة وجيزة استمرت أسبوعا في تشرين الثاني، باءت جميع محاولات ترتيب وقف لإطلاق النار بالفشل، مع إصرار حماس على مطلبها بإنهاء الصراع بصورة دائمة، بينما تقول إسرائيل إنها مستعدة لبحث هدن مؤقتة فحسب حتى الانتصار على حماس.
ودأب بايدن على إعلان اقتراب وقف إطلاق النار على مدى عدة أشهر منصرمة، دون أن تتحقق أي هدنة. وكان بايدن قال في شباط، إن إسرائيل وافقت على وقف لإطلاق النار بحلول غرة شهر رمضان الموافق للعاشر من آذار، لكن الموعد انقضى مع استمرار العمليات العسكرية بكامل قوتها.
إلا أن إعلان الأسبوع الماضي، جاء وسط ضجة أكبر من البيت الأبيض وأيضا في وقت يتعرض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط سياسية محلية متزايدة لوضع طريق لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثمانية شهور والتفاوض على إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لرويترز، إن بايدن بعد حصوله على موافقة إسرائيل على المقترح تعمد الإعلان عنه من دون إخطار الإسرائيليين بأنه سيفعل ذلك لتضييق الخناق على نتنياهو لئلا يتراجع.
وذكر مسؤول أميركي كبير طلب عدم ذكر اسمه للتحدث بحرية عن المفاوضات “لم نطلب إذنا لإعلان المقترح”. وأضاف “أخطرنا الإسرائيليين بأننا سنلقي خطابا عن الوضع في غزة. لم نستفض في تفاصيل بشأن المضمون”.
واندلعت الحرب بعد عملية السابع من أكتوبر، وتقول السلطات الصحية في القطاع إن الحملة العسكرية الإسرائيلية، أودت بحياة أكثر من 36 ألف فلسطيني إضافة إلى آلاف مدفونين تحت الأنقاض.
فتور إسرائيلي
على الرغم من وصف بايدن مقترح وقف إطلاق النار بأنه عرض إسرائيلي، تبدو الحكومة الإسرائيلية غير متحمسة في العلن. وأكد معاون كبير لنتنياهو الأحد، أن إسرائيل طرحت المقترح على الرغم من أنه ليس “صفقة جيدة”.
ولم تُنشر التفاصيل الكاملة، لكن إسرائيل تصر على أنها لن توقع أي مقترح يلزمها بإنهاء الحرب قبل القضاء تماما على حماس. وفي الوقت نفسه، لم تظهر حماس أي علامة على الاستسلام ولا يزال قادتها الرئيسيون طلقاء.
وقال دافيد مينسر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الأربعاء، عن مقترح وقف إطلاق النار “تسمح الخطوط العريضة لإسرائيل بتحقيق جميع الأهداف، وهي القضاء على حماس عسكريا وعلى قدراتها على الحكم، وضمان إمكان ألا تشكل غزة أبدا تهديدا لنا”.
وتعهد الأعضاء المنتمون إلى اليمين المتطرف في الحكومة بالانسحاب إذا وافق نتنياهو على اتفاق سلام يترك حماس في موقعها، وهو تحرك من شأنه أن يؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة وإنهاء المسيرة السياسية لرئيس الوزراء الذي شغل المنصب لمدة أطول من أي سياسي إسرائيلي آخر.
وهدد معارضون ينتمون إلى تيار الوسط أيضا بالانسحاب قائلين إن حكومة نتنياهو ليس لديها خطة. وكانوا قد انضموا إلى حكومة الحرب التي يرأسها نتنياهو في إظهار للوحدة منذ بداية الصراع.
هجوم جديد على وسط غزة
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن هجوم إسرائيل لن يتوقف خلال التفاوض على مقترح وقف إطلاق النار.
وأضاف غالانت في تعليقات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية بعدما صعد على متن طائرة حربية لتفقد جبهة غزة، “أي مفاوضات مع حماس ستجري وسط إطلاق النار فقط”.
وأعلنت إسرائيل بدء عملية عسكرية جديدة ضد حماس في وسط قطاع غزة الأربعاء، وقال مسعفون إن عشرات الفلسطينيين استشهدوا في غارات جوية إسرائيلية.
وقال الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي إنهما خاضا معارك بالأسلحة النارية مع القوات الإسرائيلية في مناطق بأنحاء القطاع وإن مقاتليهما أطلقوا قذائف وصواريخ مضادة للدبابات.
وقالت آية (30 عاما) وهي نازحة من دير البلح “أصوات الغارات الجوية ما وقفتش (لم تتوقف) طول الليل”. ودير البلح هي المركز السكني الرئيسي الوحيد الذي لم تجتحه الدبابات الإسرائيلية في القطاع حتى الآن.
وكان من بين الشهداء الأربعاء في مستشفى شهداء الأقصى، وهو أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل في القطاع الفلسطيني، جثتان لطفلين. وقال مشيعون إنهما استشهدا مع أمهما التي لم تتمكن من مغادرة الحي عندما غادره سكان آخرون.
وقال والدهما أبو محمد أبو سيف “هذه مش حرب، هذا دمار.. الكلمات تعجز عن التعبير”.