يأمل جرشيون أن تسرع الحكومة في إجراءات المخطط الشمولي التنموي الذي يعول عليه بأن يحدث نهضة شاملة في محافظة جرش أسوة بمحافظة عجلون، خاصة وأن المحافظة من بين أقل المحافظات حظا في مشاريع التنمية المستدامة.
ويهدف المخطط الشمولي إلى فتح باب الاستثمار في الصناعة والسياحة والزراعة، من خلال الإعفاءات والتسهيلات في الاستثمار وتوفير الدعم المالي المركزي الذي ينهض بالمشاريع التنوية ويضمن الاستفادة من الميزات السياحية للمحافظة الذي ما يزال الاستثمار بها متواضعا مقارنة بالمدن السياحية الأخرى.
فرغم الميزات الاستثمارية التي تتميز بها محافظة جرش من حيث توفر شبكة طرق دولية قريبة من كافة المحافظات، وتوفر الأراضي الحرجية الحكومية، والأيدي العاملة ومئات المواقع الأثرية، إلا أن هذه الميزات غير مستثمرة من كل النواحي وتعاني المحافظة من ارتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى 23 %.
ويعد المخطط الشمولي طوق النجاة لإنقاذ المحافظة من غياب الاستثمار وعدم توفر فرص العمل وتراجع الحركة السياحية فيها وضعف موازنتها وإمكانيات بلدياتها الخمس.
يقول رئيس لجنة الاستثمار والسياحة في مجلس المحافظة الدكتور يوسف زريقات إن مطالب الفاعليات الشعبية، منذ عشرات السنين، بضرورة إعلان جرش إقليما سياحيا مشتركا مع عجلون لم تتحقق رغم أهميتها التنموية على مجمل الصعد، إلا أن التوجه الحكومي حاليا هو إنجاز المخططات الشمولية التنظيمية، والتي تم تنفيذها في محافظة عجلون وأثبتت نجاحها في إحداث نهضة تنموية شاملة، بينما محافظة جرش ما زالت تعاني من تأخر تنموي رغم الميزات التي فيها.
ولفت زريقات أن وزير الإدارة المحلية توفيق كريشان قد تحدث قبل نحو 7 أشهر أثناء زيارته محافظة جرش عن مشروع المخطط الشمولي للمحافظة، وأكد أن نقاط الضعف التي تعانيها المدينة ستكون نقاط قوة في المشروع، خاصة وأن فيها العديد من المواقع الأثرية والميزات البيئة وتضم مساحات سياحية ومسارات واسعة جدا.
ويرى أن هذه الفترة التي تمر بها المنطقة هي الأنسب في إعلان المشروع الضخم والذي سيعالج مشكلتي الفقر والبطالة في جرش، والتي تتميز بخبرات وخريجين ومتعلمين وقابلها بطالة وفقر على الرغم من الميزات السياحية.
وأكد زريقات أن وزارة الإدارة المحلية وافقت مبدئيا على مشروع المخطط الشمولي، بعد انتهاء دراسة المشروع، غير أن مجلس المحافظة ما يزال ينتظر الموافقات النهائية للمشروع وتخصيص موازنة حتى يتم البدء بالمشاريع الحيوية للمخطط، ومن أبرزها الحصول على الإعفاءات والتخفيضات لجذب الاستثمارات السياحية إلى محافظة جرش.
وأوضح أن المخطط الشمولي هو المنقذ لمحافظة جرش سياحيا واقتصاديا، نظرا لنسبة التراجع الكبير في السياحة الداخلية، وانخفاض الموازنات وإلغاء مشروع المدينة الصناعية بشكل نهائي، ما يستدعي البدء بمشروع المخطط الشمولي الذي سيكون بمثابة منقذ لواقع محافظة جرش المحرومة من أي فرص استثمارية كباقي محافظات المملكة.
وأكد أن السياحة الداخلية في جرش في أطوارها النهائية، لا سيما وأن المحافظات الأخرى تستقطب آلاف الزوار بمشاريع سياحية جديدة مثل مشروع تلفريك عجلون، إضافة إلى مشاريع صناعية عديدة تشغل آلاف الأيدي العاملة، مشيرا إلى حاجة المحافظة لمشاريع واستثمارات سياحية، وأهمها فنادق سياحية وشاليهات لتطوير السياحة البيئية وسياحة المغامرات.
وأضاف أن مشروع المخطط الشمولي يهدف كذلك إلى تغير تصنيف الأراضي، وطرق البيع والشراء والفرز، بمخططات شمولية جديدة تسهل عمليات البيع والشراء، خاصة وأنه تم البدء بعملية تأجير الأراضي بمواقع مميزة لغايات الاستثمار فيها بمبالغ رمزية كما تم البدء بعملية توزيع الأراضي للاستثمار في سد الملك طلال لغايات الاستثمار السياحي، فضلا عن تعبيد الطرق الزراعية التي أصبحت البلديات مسؤولة عن تعبيدها وتجميل مداخل المدينة.
ويطالب مجلس محافظة جرش بتسريع وتيرة العمل بالمخطط الشمولي لمدينة جرش نظرا للميزات والمواقع الأثرية التي تتميز بها المدينة، يقابله نقص الخدمات السياحية وحاجتها لنهضة سياحية شاملة.
وأكد رئيس المجلس رائد العتوم في أكثر من مناسبة، أن مدينة جرش محرومة عن باقي المحافظات من مختلف الخدمات السياحية أو الصناعية التي تنهض بها من مختلف الجوانب، فما زالت ومنذ عشرات السنين الأكثر بطالة وفقرا بين محافظات المملكة على الرغم من الميزات التي تمتاز بها، ليس أقلها وجود أحد أهم المدن الأثرية على مستوى العالم.
وبين العتوم أن مدينة جرش الأثرية لا يستفيد منها سوى العشرات من الجرشيين منهم أدلاء سياحيون وبعض التجار في السوق الحرفي ومطاعم متوسطة، وأغلب هذه الفئات غير قادرة على الاستمرار في العمل السياحي والحفاظ على مهنة الأجداد والآباء والإرث التاريخي والحضاري بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة.
وأضاف أن مدينة جرش بحاجة إلى فندق سياحي، فلا يوجد فيها لغاية الآن أي فندق سياحي وبحاجة إلى نزل بيئي وشاليهات واستراحات ومطاعم سياحية واستثمارات سياحية تليق بقيمة المدينة الأثرية والتاريخية، كما أنها بحاجة إلى متحف آثار يتناسب مع حجم الاكتشافات الأثرية التي تكتشفها البعثات العربية والأجنبية.
وأوضح أن مدينة جرش تزخر بالمواقع الأثرية المملوكة وغير المملوكة، والتي تحتاج إلى ترميم وصيانة والحفاظ عليها من العبث، ومنها قصر الباشا في بلدة سوف وموقع البركتين الأثرية وموقع الحمامات الشرقية وموقع الكنيسة المثمنة وموقع المقابر الملكية ومواقع أثرية في القرى والبلدات التي تحيط بمدينة جرش.
وبين العتوم أن مجلس المحافظة شكل لجنة مكونة من مختلف الجهات المعنية لدراسة الواقع السياحي في مدينة جرش، ووضع خطة إستراتيجية مدروسة للنهوض، وإنعاش القطاع مجددا وتوفير فرص عمل لآلاف المتعطلين عن العمل في قطاع السياحة، الذي يميز مدينة جرش عن باقي محافظات المملكة.
وقال إن الجرشيين لا يستفيدون من هذا القطاع ولا يعملون فيه، على الرغم من أن خريجي تخصص السياحة والآثار بالآلاف، كما أن هناك أعدادا كبيرة من الفنيين والمدربين على العمل والتعامل مع القطع الأثرية.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمود العتوم إن المشاريع الاستثمارية تخرج من محافظة جرش تدريجيا بسبب الإجراءات والتعقيدات الضريبة واللوجستية والفنية في مختلف القطاعات، وأهم هذه المشاريع المدينة الصناعية ومشاريع سياحية أخرى لم تنفذ لغاية الآن مثل مشاريع ربط المدينة الحضرية بالأثرية، ووادي الذهب، والسوق العتيق. واعتبر أن مشروع المخطط الشمولي حال إنجازه من شأنه المساهمة بتنفيذ هذه المشاريع المتعثرة.
وبين أن المخطط يسهل إجراءات العمل، ويفتح باب الاستثمارات أمام القطاع الخاص لإنقاذ القطاع السياحي والاقتصادي والتخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة وجذب الاستثمارات بمختلف أشكالها إلى محافظة جرش أسوة بمحافظة عجلون التي تتشابه فيها كافة الظروف وأثبت مشروع مخططها الشمولي نجاحا باهرا وأهم إنجازاته مشروع تلفريك عجلون.
وأضاف أن جرش تفتقر للمشاريع الاقتصادية والسياحية وما تبقى فيها من مشاريع في مراحلها النهائية قبل الإغلاق، ما يستدعي تكاتف الجهود في سبيل إنقاذها وتحفيزها من خلال الخصومات وتخفيف الإجراءات عليها حتى يتمكن أصاحبها من الاستمرار بهذه المشاريع دون أي عوائق.
ولم يتسن لـ “الغد” رغم المحاولات المتعددة، الحصول على أي توضيح من وزارة الإدارة المحلية، التي ماطلت بتقديم أي معلومات حول مصير مشروع المخطط الشمولي بجرش.