بسبب التغيرات المناخية.. (لعنة النفوق) تعود لمزارع الدواجن بجرش

آلاف الطيور من الدجاج اللاحم، تتعرض للنفوق يوميا في معظم مزارع تربية الدواجن بجرش، وفق أصحاب مزارع قالوا “منذ فترة ونحن نعاني من نفوق يومي لأعداد كبيرة من الطيور ومن مختلف الفئات العمرية”.

هذا النفوق الذي بات كـ”اللعنة”، ليس الأول من نوعه، إذ شهدت مزارع تربية الدجاج حالات مشابهة في فترات ماضية ارتبط معظمها بالتغيرات المناخية، وما ينتج عنها من تقلبات غير متوقعة بالطقس، من حيث ارتفاع وانخفاض مفاجئ وكبير بدرجات الحرارة خلال أيام قليلة وأحيانا في نفس اليوم.

وتأتي ضربة النفوق هذه، في وقت لم يستفق فيه غالبية أصحاب مزارع تربية الدجاج اللاحم في جرش من كابوس ارتفاع سعر “صوص التفريخ” خلال الفترة الماضية، والذي زاد من الكلف التشغيلية حتى وصل الأمر إلى ان بعض المزارع بات يتهددها الإغلاق الكامل.
حتى الآن، تقدر نسب النفوق في مزارع جرش ما بين 25 %- 35 %، وترتبط النسبة “ارتفاعا وهبوطا” بنوعية الإجراءات الاحترازية المتبعة، وحداثة المزرعة وعمر الدجاج، ومع ذلك فإن جميع المزارع حتى الحديثة منها تواجه المشكلة وإن كانت بدرجات أقل.
مربو دواجن أكدوا، أن كافة الإجراءات الاحترازية التي يتخذونها من أجل حماية الدواجن من التغيرات المناخية باءت بالفشل، موضحين أن المشكلة مستمرة وظروفها خارجة عن إرادتهم، ولا توجد طريقة حتى الآن مضمونة لحماية الدواجن من هذه التغيرات المفاجئة، كما لا يتوفر في السوق لقاحات مناسبة قد تعزز مناعة الطيور من هذه التغيرات وما ينتج عنها من انتشار للفيروسات التي تقتل الدجاج.
حاليا، تبدو الأوضاع في محافظة جرش في ما يتعلق بسوق الدواجن غير مطمئنة، فرغم ما تشهده المزارع من نفوق أعداد كبيرة بشكل يومي، يتمسك مربو الدواجن بأسعار بيع مرتفعة، مع تأكيدهم بأنها بالكاد تغطي الكلف التشغيلية، في المقابل يرفض اصحاب محال بيع الدواجن الحي “النتافات” الشراء بانتظار انخفاض الأسعار حتى توجه بالبعض إلى تفضيل إغلاق محله والتوقف عن شراء الدجاج من الموردين وبيعه للمستهلك.
مع استمرار “النفوق”، ووفق ما يتوقعه معنيون بالقطاع، فإن الأمور قد تزداد سوءا، فمن جهة، سيكون هناك نقص بالتوريد وعدم القدرة على تغطية حاجة السوق، إضافة إلى ارتفاع ربما يكون غير منطقي في أسعار الدواجن، ومع ذلك لن يستطيع غالبية أصحاب مزارع الدواجن تغطية الكلف التشغيلية، وربما يتعرض بعضهم للخسائر، وبالتالي ستفرض الأوضاع معادلة غير متزنة مفادها ارتفاع بالأسعار وارتفاع بحجم الخسائر.
ووصل سعر كيلو الدجاج هذه الأيام إلى 170 قرشا من أرض المزرعة، وهو سعر مرتفع وفق السقوف السعرية التي حددتها وزارة الصناعة والتجارة سابقا.
وأجبر هذا الارتفاع أصحاب المحال التجارية لبيع الدجاج إلى إغلاق محالهم خلال اليومين الماضيين لتجنب الخسائر الفادحة كون سعر الدواجن من المزرعة مرتفعا وغير مجد ولا يمكنهم البيع بسعر أعلى من السقوف السعرية لتجنب المخالفات التي تترتب عليهم في حال مخالفتهم للسقوف، حتى أصبح إغلاق المحل أقل ضررا من بيع الدواجن بخسارة.
المتحدث باسم أصحاب مزارع تربية الدجاج بجرش المزارع إبراهيم عقيل، يقول إن نسبة النفوق حاليا لا تقل عن 35 %، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالأعداد التي يتمكن المزارعون في جرش من تربيتها في كل دورة إنتاجية، وهم بالأساس يعانون من ظروف إنتاجية صعبة، كونهم يتعرضون لخسائر وضربات متتالية منها تكاليف التدفئة في الشتاء وتكاليف استقدام العمالة الوافدة وأسعار الكهرباء وارتفاع أثمان الصوص بنسبة 120 % وارتفاع أثمان الأعلاف وباقي المصاريف.
ويرى عقيل أن حالات النفوق العالية تقلل من الكميات المتوفرة، ومن الطبيعي أن تتراجع نسبة الأعداد الموردة للأسواق وخاصة محال النتافات والمحال التجارية التي تزود المستهلكين بشكل مباشر.
وأكد أن سعر الدواجن في المزارع وصل إلى 170 قرشا من أرض المزرعة، وهو سعر لا يمكن خفضه إلى أقل من ذلك، كونه لا يحقق إلا هامش ربح متواضع، قائلا “كل صاحب مزرعة يحرص على بيع إنتاجه خوفا من تزايد حالات النفوق إلا أن تكاليف الإنتاج باهظة والأمر بشكل عام غير مجد”.
وأوضح أن نسبة النفوق تختلف من مزرعة لأخرى حسب الكميات المنتجة وظروف المزرعة، إلا أن عددا لا يقل عن 120 مزرعة عاملة في جرش، كل مرب ينتج دورات جديدة في سبيل تعويض خسائر الدورات الماضية، ولكن دون جدوى، والحل الوحيد أمام المربين هو أن تقوم وزارة الزراعة بدعمهم من خلال الإعفاءات الضريبية وتقليل تكاليف إستقدام العمالة كون أبناء الوطن يعزفون عن العمل في مزارع الدواجن، فضلا عن تخفيض سعر الصوص من المزارع المنتجة له، وتوفير لقاحات تحمي الدواجن من هذه الفيروسات والأمراض التي انتشرت بسبب التغيرات المناخية.
صاحب محل لبيع الدواجن حيان عبدالله، أكد أن غالبية محال النتافات تعزف حاليا عن بيع الدواجن، ومعظمها مغلق منذ يومين نظرا لارتفاع أسعار الدجاج في المزارع، وتحديد السقوف السعرية للدواجن، فضلا عن صغر الأحجام وعدم مناسبتها لطلبات المستهلك.
وأوضح أن أسعار الدواجن مرتفعة من المزارع بسبب حالات النفوق الكبيرة، في المقابل فإن تحديد سقوف سعرية لبيع الدواجن بواقع 170 قرشا للكيلو، يعني عدم وجود أي جدوى من شراء الدجاج من المزارع وبيعه للمستهلك.
وتابع: “بهذه المعادلة لا يتحقق أي ربح لأصحاب محال النتافات وسيكون العمل عبارة عن خسارة كبيرة وبالتالي لم يجدوا سوى خيار إغلاق المحل لحين انخفاض الأسعار وتحسن الأوضاع وتوفر هامش ربح ولو بسيط”.
ويعتقد أن المستهلك كذلك غير قادر على شراء الدواجن بهذه الأسعار المرتفعة وهو أصلا يعاني من ظروف ومتطلبات حياتية ثقيلة، كما أن عيد الأضحى على الأبواب، وغالبية الأسر منشغلة حاليا بتأمين متطلبات هذه المناسبة المباركة.
بدورها، قالت رئيس قسم الثروة الحيوانية في زراعة جرش الدكتورة غدير حناتلة إن مربي الدواجن لم يراجعوا المديرية بخصوص نفوق أعداد من الدواجن لديهم، إلا أنه من المعروف أن هذه التغيرات المناخية تؤثر سلبا على الدواجن وتسبب حالات نفوق.
وأكدت أن مديرية الزراعة تنفذ جولات تفقدية مستمرة لمزارع الدواجن وتتابع أوضاعها وكل ما يستطيع مربو الدواجن تقديمه كإجراء إحترازي هو الحرص على التدفئة في أثناء انخفاض درجات الحرارة وتوفير بيئة تربية مناسبة تتناسب مع طبيعة نمو وعمر الطيور.
يذكر أن محافظة جرش تنتشر فيها العديد من مزارع تربية الدواجن والتي تعيل آلاف الأسر وتوفر المئات من فرص العمل، فيما تنتج أعدادا كبيرة من طيور الدجاج اللاحم، وتعتمد عليها محافظات عدة في تغطية حاجة أسواقها.
ووفق تقديرات مربي الدواجن بجرش، فإن القدرة الإنتاجة لمزارع جرش قد تصل إلى مليون طير خلال الدورة الواحدة.

إقرأ الخبر السابق

قوة الدولار تقوض بريق الذهب

اقرأ الخبر التالي

ناطح السحاب يعيد عابد فهد للدراما السورية

الأكثر شهرة