أيام قليلة، وينتهي الموسم الزراعي في مناطق وادي الأردن، مخلفا خسائر فادحة وديونا جديدة وهموما سيعاني منها المزارعون لسنوات قادمة.
يقول مزارعون، إن الموسم المنقضي يعد الأسوأ إلى الآن، فالغالبية العظمى تكبدوا خسائر مادية كبيرة، فضلا عن جهدهم وتعبهم الذي ضاع سدى، موضحين أن تراجع أسعار بيع المنتوجات وخلال فترة طويلة بأقل من الكلفة أنهكهم ماديا ومعنويا.
ويبين أن عمليات تجهيز الأرض وزراعة المحاصيل ورعايتها طوال الموسم يتم تمويلها عادة من الشركات الزراعية وشركات الكمسيون التي بدأت تطالب بالسداد، مشيرا إلى أن الخسائر التي مني بها المزارعون ستضعهم في مواجهة خيارات صعبة في ظل عجزهم عن أداء التزاماتهم تجاه الممولين وملاك الأراضي والعمال.
وينوه الشوبكي، إلى أن تمسك المزارع بالأمل بتحسن الأوضاع زاد من معاناتهم، إذ إنهم اضطروا إلى إنفاق مبالغ طائلة في سبيل الحفاظ على المحصول لأطول فترة ممكنة على أمل أن تتحسن أسعار البيع، إلا أن مساعيهم ذهبت أدراج الرياح، مبينا أن بعض أصناف الخضار كانت جيدة وأخرى كانت دون الكلفة، إلا أن الموسم ككل كان سيئا.
ويتفق مزارعون على أن الموسم الحالي يعتبر من أسوأ المواسم التي مرت على مزارعي وادي الأردن بسبب الخسائر التي لازمتهم طوال فترات الموسم الحالي، نتيجة تراجع حركة التصدير إلى الأسواق الخارجية إلى مستويات شبه معدومة، مشيرا الى أن تراجع واردات السوق دفعت غالبية التجار الى إغلاق أبواب محالهم ما دفع المزارعين إلى توريد منتوجاتهم إلى سوق عمان المركزي على أمل الحصول على أسعار بيع أفضل.
الخيارات بحسب المزارع نواش العايد صعبة للغاية، فالمزارع ليس أمامه سوى بيع أملاكه لسداد الديون أو اللجوء للمؤسسات الاقراضية للحصول على قرض أو الملاحقات القضائية التي قد تفضي به إلى السجن، موضحا “باستثناء فترات قليلة فإن غالبية فترات الموسم كانت سيئة للغاية على خلاف المواسم الماضية بما فيها مواسم “كورونا” التي كانت تنتهي عادة بربح بسيط أو بدون ربح أو خسارة أو على أقل تقدير خسائر بسيطة يمكن تحملها”.
ويؤكد أن عددا كبيرا من المزارعين أنهوا موسمهم مبكرا خوفا من تكبد خسائر إضافية، والبقية ما زالوا مستمرين رغم انخفاض أسعار البيع وتراجع جودة الإنتاج، على أمل أن يسهم تراجع الإنتاج بارتفاع أسعار البيع، واصفا “الزراعة بالمقامرة غير المحسوبة”.
المزارع وليد الفقير كغيره من المزارعين تعرض لخسارة فاقت 5 آلاف دينار، مبينا أنه أنفق على زراعة أرضه ما يقارب من 110 آلاف دينار في حين بلغت مبيعاته 105 آلاف دينار، قائلا “خسارته لم تشمل المصاريف اليومية والجهد والتعب والسهر وخيبة الأمل”.
ويضيف، “رغم ذلك فإن حالي أفضل بكثير من عدد كبير من المزراعين الذين لم يستطيعوا إلى الآن سداد أثمان المستلزمات الزراعية وأجور العمال”، مؤكدا أن غياب الأسواق التصديرية وزيادة العرض مقابل الطلب محليا أطاح بآمالهم ودفعهم إلى إهمال مزارعهم لتقليل المصاريف.
ويؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام أن أوضاع القطاع الزراعي في وادي الأردن أصبحت مأساوية في ظل انخفاض أسعار الخضار وارتفاع كلف الإنتاج خاصة أجور العمالة وأثمان المبيدات والأسمدة، مؤكدا أن الاستمرار في العمل الزراعي في ظل الظروف الحالية يعد استنزافا للموارد وخطوة في الاتجاه غير الصحيح، بدليل تراجع الإنتاج الخضري بشكل كبير مقارنة بعشر سنوات سابقة.
ويضيف أن الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمزارعين الموسم الحالي سيكون لها آثار وخيمة على القطاع الاقتصادي والاجتماعي في وادي الأردن، كون غالبية أهالي الوادي يعتمدون بشكل كلي على القطاع كمصدر دخل رئيس، لافتا إلى أن المزارع المثقل بالديون لن يستطيع زراعة أرضه الموسم المقبل وحتى لو استطاع البدء فلن يكون بمقدوره توفير الرعاية الفضلى لمحصوله.
من جانبه، يبين مدير سوق العارضة المركزي المهندس أحمد الختالين أن حركة البيع في السوق تلفظ أنفاسها الأخيرة تمهيدا للإغلاق نتيجة تدني أسعار البيع وتراجع جودة الإنتاج، موضحا أن غالبية المنتوجات تورد حاليا إلى سوق عمان المركزي.