أوصى تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، حول تطوير قطاع الملابس والأزياء الأردنية لتعزيز خلق فرص العمل للشباب والنساء، بتحسين رأس المال البشري من خلال الرواتب الجيدة وظروف العمل الأفضل لتكون حافزًا مهمًا للأردنيين للعمل في قطاع الملابس.
وبين التقرير الذي أعد بالتعاون مع الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي، ووزارة الصناعة والتجارة والتموين، أنه “من أجل تحسين رأس المال البشري يمكن لمجلس تنمية المهارات المهنية والتقنية (TVSDC) تقديم برامج تدريب مهني بشكل أفضل بما يتماشى مع المهارات التي يطلبها قطاع الملابس للحد من عدم التطابق مع كفاءات العمال الأردنيين الفعلية، وخاصة أنه تعتبر الرواتب الجيدة وظروف العمل الأفضل حافزًا مهمًا آخر للأردنيين للعمل في قطاع الملابس”.
ودعا إلى البحث والتطوير لإنتاج مخرجات ذات قيمة مضافة عالية من خلال اختبارات الجودة وأنشطة التصميم، مع إمكانية إنشاء مركز مستقل لاختبار الجودة لتحسين جودة منتجات الملابس والامتثال لمتطلبات الوصول إلى الأسواق.
وقال إن الابتكار في منتجات الملابس يعتمد أيضا على تصميمها، حيث يمكن دعم مركز خدمات تصميم الملابس والتدريب (GSC) لبناء قدرات التصميم داخل الشركات الصغيرة والمتوسطة الأردنية لمعالجة النقص الحالي في مهارات التصميم في الصناعة التحويلية، موصيا بتعزيز القدرة التنافسية من خلال خفض التكاليف اللوجستية.
ووفقاً لمؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي بعنوان “سهولة ترتيب الشحنات بأسعار تنافسية”، يحتل الأردن مرتبة أدنى من الصين وتركيا وبنغلاديش، المنافسين الرئيسيين في دول مجلس التعاون الخليجي والدول المجاورة.
وتشمل التوصيات المحتملة على مستوى الشركة رفع المستوى التكنولوجي، من خلال إدخال أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP) لإدارة الخدمات اللوجستية، وعلى مستوى بيئة الأعمال، تتطلب الحدود والجمارك مع الدول المجاورة تحسين التسهيلات، في حين يمكن لميناء العقبة تحسين مستوى خدماته.
ويلخص التقرير تحليل سلسلة قيمة الملابس والأزياء في الأردن، بهدف تعريف القارئ بإمكانياتها من حيث السوق، وتوليد فرص العمل للنساء والشباب، والابتكار.
وقامت وزارة الصناعة والتجارة والتموين ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) بالبحث في إمكانات سلسلة قيمة الملابس والأزياء لتوفير جزء من 60.000 فرصة عمل جديدة مطلوبة سنويًا للنساء والشباب في الأردن.
ويعمل في القطاع حوالي 87 ألف عامل في 60 شركة كبيرة و105 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، و1.350 مؤسسة متناهية الصغر، فمن ناحية، توظف الشركات الكبيرة، المملوكة للأجانب بشكل رئيسي، معظم القوى العاملة في صناعة الملابس، أي 69000 عامل، 75 % منهم مهاجرون (معظمهم من النساء) من جنوب آسيا وشرق آسيا.
ووفقا للمقابلات التي أجراها هذا التقييم، يعتبر العمال من جنوب آسيا أكثر استعدادا للعمل الإضافي، ولديهم نسبة تغيب أقل عن العمل، ويتمتعون بمهارات في صناعة الملابس مقارنة بنظرائهم الأردنيين.
وتظهر هذه البيانات أن هناك إمكانات غير مستغلة لتوظيف الأردنيين في الاستثمار الأجنبي المباشر إذا تم تزويد العمال بالمهارات والشروط المطلوبة، ومن ناحية أخرى، توظف الشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الصغيرة جدًا 10500 و7400 عامل، على التوالي، 40 % منهم نساء (تزيد أعمارهم على 18 عامًا) و40 % شباب بالغون (تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا)، وبالتالي، فإن أي تحسن في الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الملابس من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي على توظيف النساء والشباب.
وهناك سبب آخر لاختيار قطاع الملابس والأزياء، يكمن بتأثيره على النمو الاقتصادي في الأردن، حيث يمثل 27 % من صادرات البلاد بقيمة 2 مليار دولار.
وأوضح التقرير أن هناك “انقساما واضحا داخل مشهد تصدير الملابس الأردنية بين المصانع الكبيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تستأثر الشركات الكبيرة بما يقرب من 95 % من صادرات الملابس في الأردن، وتقوم بشكل رئيسي بتصدير الملابس الرياضية للعلامات التجارية Nike وUnder Armor في الولايات المتحدة الأميركية”. واستناداً إلى مزايا الاتفاقية التجارية بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية (JUSFTA)، من المتوقع أن تنمو الصادرات والتوظيف في هذا القطاع بنسبة 30 % و17 %.
وعلى العكس من ذلك، تعتمد الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل أساسي على السوق المحلية، في حين يقوم عدد قليل منها بالتصدير إلى دول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية بشكل رئيسي)، وإلى الدول المجاورة (ليبيا بشكل رئيسي).
وتتمتع الشركات الوطنية الصغيرة والمتوسطة بالقدرة على زيادة صادراتها إذا تم تنفيذ التدخلات الموصى بها، وفق التقرير.
وتميل الشركات في الأردن إلى التركيز على مراحل “القص والتصنيع والتشذيب” (CMT) لإنتاج الملابس، والتي لها قيمة مضافة محدودة، فيما تحصل على المدخلات من الخارج، وبسبب نقص إنتاج القطن المحلي والمياه، لا يتم إنتاج أي أقمشة في الأردن، كما أن القدرة التصميمية ذات القيمة المضافة محدودة للغاية.
وتنتج الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل فردي ما يصل إلى 120 ألف قطعة سنويًا بما في ذلك الملابس الإسلامية والزي الرسمي والملابس الرياضية والتنانير والفساتين والسراويل والبدلات وفساتين السهرة، وتحقق الشركات الصغيرة والمتوسطة متوسط هامش ربح إجمالي يبلغ 15 %.
وحدد تقييم القيمة المضافة بعض المزايا النسبية لقطاع الملابس في الأردن وفرص التصدير إلى سوق الاتحاد الأوروبي، وبالمقارنة مع المنافسين ذوي الأسعار المنخفضة وكبيرة الحجم مثل بنغلادش، يتمتع الأردن بميزة تنافسية في مرونة الدفعات الصغيرة، ما يسمح له بتلبية احتياجات العملاء الصغار في السوق الأوروبية الذين يطلبون أحجام طلبات متكررة ولكن صغيرة.
ورجح التقرير أن تستفيد الشركات في الأردن من الموقع الجغرافي والاتفاقيات التجارية مثل قواعد المنشأ المخففة للاتحاد الأوروبي (RoO) (المطبقة حتى عام 2030) واتفاقية أغادير للوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي (على الرغم من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة ما تزال بحاجة إلى استيفاء بعض الشروط).
ويتمتع الأردن بإمكانيات كبيرة في سوق الاتحاد الأوروبي بسبب الطلب المتزايد هناك على الملابس الإسلامية، حيث قامت العلامات التجارية الكبرى مثل Zara وH&M مؤخرًا بتوسيع عروضها من هذه الأزياء، بالإضافة إلى ذلك، يبتعد المشترون في الاتحاد الأوروبي عن الصين وبنغلادش لتجنب بعض المشكلات البيئية، ويبحثون عن بلدان مصادر جديدة لتلبية إستراتيجيات المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR).
ويوفر قطاع الملابس في الأردن فرص عمل للاجئين السوريين، ويمكن الاستفادة من هذا التأثير الاجتماعي كفرصة فريدة لبيع “منتجات ذات هدف”.