في المستقبل التنموي الذي يُخطط له في محافظة عجلون، يؤكد مسؤولون حكوميون أن المخطط الشمولي قيد التنفيذ، سيركز على خصوصية المحافظة السياحية والزراعية، وبالتالي توجيه الدعم والاستثمار لهذين القطاعين لتحقيق الفائدة، والنهوض بالمحافظة تنمويا.
هذا التوجه، لا سيما المتعلق بالشق الزراعي، أثار تساؤلات متابعين حول آليات استثمار خصوصية المحافظة الزراعية، ودفع مزارعين للتفاؤل بأن يشمل الاهتمام بهذا الجانب نواحي عديدة، من أهمها إعادة إحياء زهاء 150 ألف دونم تصلح للزراعة، وما تزال غير مستغلة.
وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية توفيق كريشان، وخلال ترؤسه الفريق الوزاري الذي زار المحافظة مؤخرا، أكد أن تنظيم المحافظة في المخطط الشمولي، والدعم الموجه، سيكون على أساس أنها محافظة سياحية وزراعية، لافتا إلى أنه سيتم إعادة النظر ببعض التشريعات المتعلقة بقانون الحراج لتسهيل عملية التخصيص لغايات الاستثمار، وكذلك الأنظمة والقوانين المتعلقة بسعة الطرق وقضايا التنظيم والإفراز.
وقال إن المخطط الشمولي لمحافظة عجلون هو الآن قيد التنفيذ بعد أن تم مراجعة بعض الأمور، مؤكدا أنه سيحدث نهضة تنموية كبيرة في قطاعي السياحة والزراعة.
ويقول الخبير الزراعي محمد عنانبة، إن أوجه دعم القطاع الزراعي في المحافظة عديدة، وعلى رأسها توفير المخصصات والدعم الكافي لتشجيع السكان على إعادة استصلاح مساحات زراعية ما تزال مهملة، وتقدر بأكثر من المساحة الزراعية المستغلة حاليا والتي لا تتجاوز زهاء 100 ألف دونم، موضحا أن عملية الدعم يفترض أن تشتمل على زيادة المخصصات للتوسع بمشاريع استصلاح الأراضي الصخرية، ومشاريع معرشات العنب، وعمل أقنية ري جديدة، والتوسع بإنشاء الطرق الزراعية، ومشاريع الحصاد المائي، والتوسع بمشاريع المدارس الحقلية والزراعات العضوية والحديثة.
ووفق الأرقام الرسمية، فإن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في المحافظة وغير المستغلة، تقدر بأكثر من 150 ألف دونم، موزعة في مختلف مناطق المحافظة.
ويرى المهندس الزراعي سامي فريحات أن استثمار خصوصية المحافظة الزراعية، يتطلب الالتفات إلى تنوعها المناخي والبيئي، ومناسبتها لأنواع عديدة من الزراعات الحديثة والمجدية ماديا، لافتا إلى نجاح عدة تجارب زراعية في المحافظة، وتتمثل بزراعة أنواع عديدة من الفاكهة الاستوائية والنباتات العطرية، داعيا إلى ضرورة إيجاد مصانع غذائية ترتبط بالمنتجات الزراعية، كالمتعلقة بتبريدها وصناعة العصائر وتجفيف بعضها.
وأكد أن مزارعين يمتلكون مساحات شاسعة من الأراضي الوعرة والصخرية في المحافظة، يعزفون عن استصلاح أراضيهم واستغلالها في زراعات متنوعة، لارتفاع كلف الاستصلاح، خصوصا وأنهم لا يجدون ما يشجعهم على استصلاحها، لاسيما في ظل غياب الدعم الرسمي لهم، ومحدوديته في حال توافره، بحيث لا تغطي المبالغ سوى جزء بسيط من كلفة استصلاح الدونم الواحد التي تصل إلى ألفي دينار غالبا.
ويقول المزارع أبو نادر إن تكلفة استصلاح الأراضي الوعرة لغايات الزراعة وعلى حساب المزارع مرتفعة، بحيث تتجاوز كلفة الدونم الواحد ألفي دينار في معظم الأوقات، وتشمل أجور عمال وكلف سلاسل حجرية وأجور آليات حفر وتجريف، هذا في ظل محدودية الدعم الحكومي، وعدم كفايته في حال توافره.
وأكد أن زيادة المساحات المنظمة سيسارع في عملية التنمية الشاملة، وذلك عبر تمكين السكان من استغلال أراضيهم في حال توافر خدمات البنى التحتية بمشاريع متنوعة زراعية وسياحية، مشيرا إلى أن مزارعين نفذوا في سنوات سابقة، عمليات استصلاح لمساحات كبيرة من الأراضي التي كانت مهملة، وحققت حينها نجاحات كبيرة بعد أن استصلحوا أراضيهم الوعرة والصخرية وزرعوها بالكروم والأشجار المختلفة، بحيث أصبحت تدر عليهم دخولا جيدة.
يذكر أن دراسات سابقة لهيئة الاستثمار، كشفت أن المساحة غير المستغلة زراعيا في المحافظة تبلغ
53 % من أصل 27 % من مساحة المحافظة الكلية الصالحة للزراعة، برغم أن المحافظة تحظى بميزات مناخية جيدة، وطابع زراعي وأعلى معدلات هطل مطري، ما يجعلها ذات تنوع زراعي، يشتمل على التفاحيات واللوزيات والزيتون والعنب والتين وأنواع كثيرة من الفواكه.
ووفق أرقام مديرية زراعة المحافظة، فإن المساحات الزراعية المستغلة في المحافظة تبلغ 100 ألف دونم، فيما تبلغ مساحة الأراضي الحرجية 34 % من مساحة المحافظة البالغة 419 كلم 2، بينما يوجد 82 ألف دونم مزروعة بالزيتون، و21 ألفا بالحمضيات والكرمة والفاكهة.
من جهته، قال مدير زراعة محافظة عجلون المهندس رامي العدوان إنه يوجد حاليا عدة مشاريع قيد التنفيذ، وتشمل على مشروع استصلاح الأراضي الزراعية وعمل الفائر والآبار بقيمة 315 ألف دينار، ومشروع تأهيل وتبطين قنوات للري بقيمة 175 ألف دينار، ومشروع إعادة تأهيل محطة حراج اشتفينا بقيمة 15 ألف دينار.
وبين أن المحافظة لاقت دعما جيدا خلال السنوات الماضية، بحيث تم انفاق 5 ملايين دينار على مشاريع تطوير الأراضي المرتفعة وإنفاق مبلغ مليونين و58 ألف دينار لحفر 2150 بئرا، وتبطين أقنية ري بطول 23 كيلو مترا ومد برابيش للري بطول 8 كم و إنفاق 90650 دينارا لمشروع تطوير سلسلة القيمة المضافة للتخزين المبرد في جمعية قرى شمال عجلون التعاونية.
وفيما يتعلق بمشاريع تحسين دخل الأسر، بين العدوان أنه استفاد منها 400 أسرة، وتم إنفاق مبلغ 40 ألف دينار على مشروع العمالة المكثفة وإنفاق مبلغ 100 ألف دينار على المجترات الصغيرة، وإنفاق مبلغ 117 ألف دينار على مشروع تحسين سبل العيش(مدد)، وإنفاق مبلغ 14 ألف دينار لمشروع معمل البان عرجان، لافتا إلى أن مشروع زراعة العنب أنفق عليه مبلغ 350 ألف دينار في الوقت الذي تم فيه فتح 250 طريقا زراعيا.
وأشار إلى أن قسم الإرشاد الزراعي نفذ 14 برنامجا إرشاديا، و21 مدرسة حقلية.
بدوره، أكد رئيس مجلس المحافظة عمر المومني، أهمية توجيه الدعم الحكومي وزيادة مخصصات المحافظة خلال السنوات القادمة للنهوض بواقع المحافظة التنموي، خصوصا في المجالين السياحي والزراعي.
وقال إن أبناء المحافظة ينتظرون تنفيذ عدة مشاريع تنموية زراعية وصناعية، اقترحتها “هيئة الاستثمار” في الخريطة الاستثمارية للمحافظة قبل زهاء 6 سنوات، مؤكدا أنه رغم إعداد دراسات الجدوى لها، إلا أن المشاريع الصناعية العشرة التي تم عرضها في الخريطة الاستثمارية للمحافظة أواخر العام 2017، لم ينفذ أي واحد منها حتى اللحظة.
وبين أنه تم عرض قطع أراض على مستثمرين لإقامة مشروعين خاصين بتجفيف الفواكه وآخر لصناعة الجفت، إلا أن الجهود ذهبت أدراج الرياح، مشيرا إلى أن الخريطة الاستثمارية للمحافظة، اقترحت حينها عددا من المشاريع الصناعية من بين 20 فرصة استثمارية مقترحة لمختلف القطاعات، من بينها مصنع إنتاج وتقطير زيوت النباتات العطرية والطبية، ومشروع لتصنيع الفاكهة المجففة والزبيب، ومصنع للعصائر الطبيعية، ومصنع منتجات غذائية للمخللات والمربيات، معربا عن أمله بأن تنجز هذه المشاريع في المستقبل للإسهام بتنمية المحافظة زراعيا.