ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات لحملات واسعة تطالب بحظر “بلوك” لمؤثري السوشال ميديا وصناع المحتوى ومشاهير العالم، تحديدا من كان صمتهم واضحا عن الحرب القائمة في قطاع غزة، وغاب تفاعلهم بشكل واضح ومقصود.
قائمة طويلة لحملة “Blockout 2024” ضمت أسماء العديد من مؤثري وصناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي العالم الغربي والمطالبة بحظرهم لصمتهم عن الإبادة الجماعية في غزة وفلسطين، والحملة ليست بجديدة، ولكن تصدرت الترند في الأيام الأخيرة ووصلت لبعض المشاهير والمؤثرين العرب، باعتبارهم نسوا الذي يحدث في غزة وكأن الحرب انتهت لتكون الحملة لكل من لم يدعم القضية.وشعار الحملة “نحن من نتحكم بأموال المشاهير.. وعملة نجاحهم هي اهتمامنا بهم”، هذا وقد كانت بدأت شرارة الحملة بعد حفل “met gala” العالمي وحضور العديد من النجوم فيه، ليخرج رواد المنصات عن صمتهم ويخبروا العالم أن هؤلاء المشاهير يعيشون في عالم مواز بعيد ومختلف عن الذي يعيشه الأشخاص الطبيعيون.
“كما قيل مرارا هؤلاء الأشخاص لديهم كل الإمكانيات لفرض تغيير في هذا العالم وعوض عن استغلال منصاتهم للتحدث عن الأمور المهمة يستغلونها فقط لجمع الأموال”، هذه كانت كلمات أحد الأشخاص المنظمين للحملة ليسلط الضوء على الدور المهم الذي قد يلعبه مشاهير العالم في القضايا المهمة، ولكنهم اختاروا الصمت وجمع المال عوضا عن التحدث وإحداث التغيير الذي يطالب به الآن طلاب الجامعات الأحرار في مختلف جامعات العالم.
وانتشرت فيديوهات عديدة لرواد المنصات المستجيبين للحملة يوثقون بها قيامهم بحظر مشاهير وموثري وصناع المحتوى على مختلف منصات التواصل الاجتماعي من “انستغرام” و”تيك توك” و”يوتيوب” وغيرها، إذ أعرب العديد عن تأييدهم لهذه الحملة واشتراكهم بها، وكالنار في الهشيم تنتشر الحملة يوما بعد آخر لتحرق في طريقها كل صامت عن الظلم والإبادة التي يشهدها العالم.
وعي كبير يشهده العالم من جيل اليوم بمواقف مختلفة تجاوزت التوقعات، ليخبروا بذلك أن هذا الجيل مدرك وواع لما يدور من حوله، بل ويعلم تماما كيف ينال مراده بطرقه المبتكرة والمؤثرة.
الخبير والمستشار في مجال الإعلام الاجتماعي خالد الأحمد، يبين أن “حظر 2024” هي حركة رقمية عالمية؛ حيث يقوم مستخدمو منصة “تيك توك” وغيرها من المنصات بحظر حسابات المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من مجرد إلغاء متابعتهم.
ويوضح الأحمد لـ”الغد”، أن هذه الحملة تأتي كرد فعل على عدم استخدام المشاهير نفوذهم الكبير في الترويج لقضايا مهمة، مثل الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة.
ويشير الأحمد إلى أن الحملة تظهر فعالية ملحوظة؛ فعلى سبيل المثال، خسرت كيم كارداشيان أكثر من 3 ملايين متابع على “تيك توك” خلال 24 ساعة فقط، مبينا أن الفرق بين الحظر وإلغاء المتابعة كبير، حيث إن الحظر يمنع المشاهير من استهداف المستخدمين بالإعلانات، مما يقلل من قدرتهم على التأثير والوصول إلى جمهور واسع.
ويذكر الأحمد أن تأثير الحظر على المشاهير كبير، حيث ينخفض في عدد المتابعين، مما يؤثر سلبا على الصورة العامة والتأثير الرقمي، كما يتأثر التفاعل بشكل كبير نظرا لأن المستخدمين المحظورين لا يمكنهم التفاعل مع المحتوى أو المشاركة فيه.
ومن جهة أخرى، ستتأثر المشاعر العامة تجاه المشاهير بشكل سلبي، بحسب الأحمد، حيث يعبر المستخدمون عن استيائهم وانتقاداتهم من خلال الحظر، بالإضافة إلى خفض الوصول العام للمشاهير إلى الجمهور، مما يقلل من فعالية أي حملات إعلانية مستقبلية.
ويذكر الأحمد بعض الحيل التي يستعملها المواطنون الرقميون، منها التركيز على شخصية واحدة يوميا، مما يزيد التأثير السلبي على حساباتهم الرقمية وأيضا التظاهر بشراء العديد من منتجاتهم، وقبل الوصول لصفحة الدفع، ترك عربة الشراء الرقمية، وهذه الحيلة ستحجب المنتجات عن المشترين الحقيقيين لأنه سيظهر أن الكمية نفدت، وسيقوم فريق التسويق بعمل إعلانات رقمية لإعادة استهداف كل من ترك عربة الشراء، وهذا سيخسرهم المزيد من المال.
ويختتم الأحمد حديثه، مؤكدا أن الخسائر المالية ستكون كبيرة للمشاهير، فمع انخفاض الأرقام الرئيسية، مثل المتابعين والتفاعل، ستتأثر أسعار الإعلانات التي يمكن أن يطلبها المشاهير لحملات التسويق عبر المؤثرين، مما يؤدي إلى خسائر مالية مباشرة، بمعنى آخر، تعد حملة الحظر أداة فعالة للضغط على المشاهير ليكونوا أكثر مسؤولية ونشاطا في استخدام منصاتهم للتأثير الإيجابي.
ومن الجانب الاجتماعي، بين الدكتور محمد جريبيع أن مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية وصل إلى مستويات مرتفعة جدا وهذا أحد أهم المكاسب، موضحا أنها انطلقت من الإطار المحلي إلى الإطارين الإقليمي والعالمي، وبالتالي أصبحت محط اهتمام. كما أن هنالك وعيا متجذرا لدى أفراد الشعوب المختلفة لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية، إضافة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي إحدى أهم المساهمات لنقل الحقيقة وفضح جرائم الإبادة الجماعية، وبسببها أصبح الاحتلال الإسرائيلي مكشوفا لكل العالم بأفعاله السيئة.
ويشير جريبيع إلى أن حملة المقاطعة التي يتم الآن المناداة بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تأتي كموقف جديد لبناء الوعي وبناء التحالف العالمي ضد أعمال العدو الإسرائيلي، وهذه خطوة جديدة تسجل إلى حملات كسب الدعم والتأييد للمواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، وتأتي أيضا كخطوة جديدة لنهاية الصورة النمطية المزعومة لدولة الاحتلال والتي بنيت على مدار سنوات عديدة.
ويؤكد جريبيع أن هنالك تشابكا بين البعد الاجتماعي والبعد السياسي بين القضية الفلسطينية وما يدور الآن على الساحة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومحاولات ضغط على العالم لوقف إطلاق النار في غزة، منوها إلى أن للجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في القضية الفلسطينية، جوانب متداخلة في هذا الأمر، والفرد، بدوره، يستخدم الجانب الذي يستطيع فيه أن يسهم في المساعدة وإيصال الصوت، وبذلك يشعر أنه قام بالدور المطلوب منه.
ووفق جريبيع، فإن استغلال السوشال ميديا يعد إحدى الوسائل المهمة من أدوات الحرب النفسية التي تمارس الآن على مستوى العالم، وجزء من الحرب السياسية والعسكرية التي تدار الآن في قطاع غزة، وهذه خطوة جديدة تضاف إلى الجهود الجريئة التي تحاول أن تفضح العدو الإسرائيلي، معتقدا أننا سنشهد خلال الأيام المقبلة خطوات جديدة كلها في سبيل دعم القضية الفلسطينية.