يعاني الأردنيون من معضلة الأزمات المرورية التي غدت تلازمهم طوال فترات العام، لا سيما خلال أوقات الذروة اليومية.
وتزامناً مع قدوم فصل الصيف تزداد حدة تلك الأزمات نظراً لعودة المغتربين إضافة إلى عطلة المدارس وتنشط الحركة السياحية.
مدير دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان الكبرى المهندس محمد الحنيطي قال إن أزمات السير في العاصمة عمان مشابهة لأزمات السير في مختلف المدن الكبرى.
وبين ، أن أسباب ازدياد الأزمات المرورية تتمثل في ازدياد عدد المركبات التي تدخل المملكة بشكل سنوي.
وأوضح أنه يتم التخليص والموافقة على عدد كبير من المركبات وهو ما ينعكس على أوضاع الأزمات المرورية، لا سيما وأن الطرق الموجودة في العاصمة ذات تخطيط قديم ولا يوجد مجال لزيادة سعتها في غالب الأحيان.
ونوه أن الطاقة الإستيعابية للطرقات تتحمل قدرا معينا من المركبات إن تم تخطيه سيتسبب بصناعة أزمات واختناقات مرورية.
وذكر أن التقاطعات أيضا ذات تخطيط قديم وبالكاد يمكن صناعة حلول مرورية على أغلبها، مثل انشاء جسور وأنفاق وغيرها.
وأكد أن الأمانة محصورة بعدد ومساحة الطرقات، وعدم قدرتها على التحكم بأعداد المركبات التي تدخل إلى المملكة في كل عام.
النقل العام.. هل يحل المشكلة؟
يرى خبراء أن توفير نظام نقل مرن وحيوي سيسهم بالضرورة في تقليل الاختناقات والأزمات المرورية باعتبار لجوء المواطنين إلى استخدامها بدلا من مركباتهم الخاصة، لا سيما خلال فترات التوجه والعودة من العمل.
الحنيطي أكد أن أمانة عمان تعمل بشكل جلي على هذه الجزئية، وبدأت أولاً بمشروع الباص سريع التردد “الباص السريع” والذي انتهت المرحلة الأولى منه ويتم العمل على دراسات المرحلة الثانية.
وبين أن مثل هذه المشاريع ستسهم وتساعد في تقليل الاختناقات المرورية، حيث سينظر المواطن إلى تلك الوسائل باعتبارها خيارا سهلاً توفر وقتا وجهدا ومالاً.
وذكر أن وسائل النقل تقدم مزايا عدة للراغبين باستخدامها أبرزها توفير المال الذي يتم دفعه على المحروقات “مرتفعة السعر” وتكاليف الحصول على موقف للمركبة الخاصة في ظل عدم وجود مواقف كافية داخل المدينة.
وأفاد أن الأمانة تمنح مشاريع النقل العام أولوية قصوى واهتماما بالغا خلال الفترة الحالية.
الأثر الإيجابي لمشروع الباص السريع
الحنيطي قال إن الباص السريع لن يحل مشكلة الأزمات المرورية بشكل كامل، ويحتاج إلى وقت حتى تختلف ثقافة المواطن فيما يتعلق باستخدام وسائل النقل العام وهذا الأمر لن يأتي بين ليلة وضحاها.
وأضاف:”مشروع الباص السريع يتألف من عدة مراحل، ودون اتمام كافة مراحله لن نلمس الأثر الحقيقي له وما نرجوه منه فيما يتعلق بمعالجة الأزمات والاختناقات المرورية”.
وتابع:”المرحلة الأولى من الباص السريع حققت نجاحا ملموسا ولدينا أعداد كبيرة من المواطنين الذين اتجهوا إلى استخدام الباص بدلا من المركبات الخاصة”.
انفاق وجسور.. مشاريع ضخمة في عمان لحل الأزمات
الحنيطي ذكر أن النقاط الساخنة داخل العاصمة والتي تعاني من ازدحامات مرورية محددة، وتنحصر بالمحاور الرئيسية، مثل محور شارع الاستقلال الذي يعاني على طوله من ازدحامات خانقة رغم تنفيذ مشاريع عليه وإعداد مشاريع أخرى لتنفيذها مستقبلا.
وأوضح أن دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان الكبرى تعمل على دراسة المحاور بشكل كامل وليس نقاط محددة بداخلها؛ بهدف العمل على حل المشكلة المرورية على طول المحور وعدم ترحيل المشكلة إلى وقت لاحق.
وحول محور شارع الاستقلال نفذت الأمانة إشارة مرورية على تقاطع الشميساني أسهمت في تنظيم حركة السير على الدوار وساعدت في تخفيف الاختناق المروري، كما ويتم طرح عطاء حاليا على تقاطع الإستقلال ذاته الذي يربطه مع شارع الأردن بهدف انشاء جسر باتجاه الشمال.
وبين أن هذا الجسر سيؤدي إلى نقل مستخدمي شارع الاستقلال القادمين من دوار الداخلية إلى اتجاه الشمال مباشرة، بدلاً من أن يقوم بعملية الالتفاف الإعتيادية.
وأكد أن الجسر سيكون على منحنى واسع وسيمنح السائق امكانية البقاء على سرعة مركبته، حيث سيساعد بالتخفيف من الأزمة الموجودة في دوار الداخلية وشارع الاستقلال.
ولعدم نقل الأزمة المرورية باتجاه الإشارات المرورية الموجودة بالقرب من مستشفى الملكة علياء العسكري، قال الحنيطي إن الأمانة ألغت قبل مدة تلك الإشارات واستعاضت عنها بالتفافات من دون إشارة، ما يعني أنه سيتم نقل الأزمة من دوار الداخلية إلى طريق مفتوح.
وكشف عن مشروع ضخم سيتم إنشاؤه على تقاطع الدوار الثامن يتضمن هدم الجسر القائم حاليا وانشاء أنفاق وجسور أكبر جديدة، إضافة إلى إشارة ضوئية للحركات المرورية البسيطة المتبقية.
وأشار إلى أن المشروع جاهز للطرح تقريبا خلال الفترة المقبلة.
ما فائدة الغاء الدواوير في الأردن؟
وحول اقدام أمانة عمان الكبرى على الغاء عدد من “الدواوير” في العاصمة عمان والإستعاضة عنها بإشارات وحلول أخرى، أوضح الحنيطي أن هذا الإجراء اسهم في تقليل الاختناقات المرورية.
وأكد أن الأمانة لا تملك عصا سحرية تنهي الأزمات، إلا أن إجراءاتها تخفف الأثر المروري، حيث يستوعب الدوار عدد من المركبات بالساعة ما يجعلنا نستعيض عنه بإشارة مرورية تحتمل عددا أكبر من المركبات، عدا عن قدرة الأمانة على التحكم بمدة فتحها وإغلاقها من خلال مركز التحكم بالإسارات الضوئية.
وذكر أنه يوجد 192 إشارة ضوئية في العاصمة، 162 منها مرتبطة بمركز التحكم ومن خلال الشاسات يمكن تحديد موقع الأزمات واتجاهاتها وبناء على ذلك يحدد وقت فتح وإغلاق المركبة.
ونوه أن الحلول لن تعطي نتائج كاملة لإنهاء الأزمات، وأزمة عمان لن تنتهي، حيث أن الحلول قد تقلل من حجم المشكلة إلى النصف.
وقال:”لا يوجد حلول يمكنها إلغاء مشكلة الاختناقات والأزمات المرورية وجعلها صفرية، لا سيما في ظل حصر الطرقات بمساحات ضيقة ووجود مشاريع انشائية ضخمة على جنباتها”.
تخطيط مختلف للمدن الجديدة
وتشهد العاصمة عمان توسعا مستمرا وانشاء مدنٍ جديدة، ما يطرح التساؤلات حول أخذ الجهات المختصة بعين الاعتبار حجم الطرقات.
الحنيطي أوضح أن دائرة التخطيط المروري في أمانة عمان يمر عليها أي مشاريع جديدة كبيرة من المتوقع أن ينتج عنها أثرا مروريا ضخما.
وأشار إلى أن الدائرة تدرس مخططات المشروع وبناءً على المعطيات تجيز أو لا تجيز ذلك المشروع، حيث يوجد شروط معينة يتم طلبها من تلك المشاريع حتى لا يكون الأثر المروري كبيرا على حركة الطرقات.
شركاء إدارة المرور في عمان
الحنيطي ذكر أن الأمانة تعمل على تنظيم حركة المرور بالتعاون مع عدد من الشركاء، عدا عن وجود أكثر من مديرية داخل الأمانة تعمل بشكل وثيق.
وقال إن هناك مديرية الهندسة ومديرية ومديرية المرور ومديرية النقل يعملون إلى جانب بعضهم في الأمانة، فيما نعمل مع جهات خارجية مثل إدارة السير بشكل مباشر، إضافة إلى المعهد المروري ووزارة الأشغال والنقل.
وأكد أن التعاون ممتاز بين مختلف الجهات ولا يوجد أي عقبات تعرقل آلية العمل.
اشارات ذكية في عمان
الحنيطي بين أن هناك إشارات ذكية تقوم بفتح الطريق وإغلاقه بناء على المسار الأكثر اكتظاظا بالمركبات، موضحاً أن هذا الإستخدام موجود على نطاق ضيق.
وأشار إلى أن الأمانة تدرس تحويل العاصمة عمان إلى مدينة ذكية ومن ضمن ذلك المشروع هناك ما يسمى “إدارة المرور الذكي”.