في الوقت الذي شهد فيه القطاع الزراعي تحسنا في أدائه خلال العام الماضي بنسبة 5.8 %، أكد خبراء اقتصاديون أن الزراعة من القطاعات الحيوية المحركة لعجلة النمو الاقتصادي لما لها من دور في دعم الصادرات الوطنية واستيعاب الأيادي العاملة وتعزيز الأمن الغائي الوطني.
واعتبر الخبراء أن استمرار تحسن أداء القطاع الزراعي من عام إلى آخر أمر إيجابي للاقتصاد الوطني، كما أنه يعكس ما يتمتع به هذا القطاع من مزايا نسبية وفرص اقتصادية مهمة تجعل منه رافعة اقتصادية وتنموية مهمة.
وبغية استدامة نمو القطاع الزراعي وتعزيز الدور الاقتصادي والتنموي له، طالب الخبراء بالتوسع في برامج تسويق المنتجات الزراعية المحلية، وحث المزراعين على تطوير نوعية المحاصيل والمنتجات الزراعية لديهم، إضافة إلى تثقيف المزراعين بأهمية الالتزام بالمواصفات والمقاييس العالمية.
كما طالب هؤلاء بضرورة، التوسع في استخدام الأساليب الزراعية القائمة على التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى ضرورة الاستفادة من ميزة المناطق الغورية في المملكة والتي تعد مؤهلة للإنتاج محاصيل زراعية موسمية على مدار العام، بالإضافة إلى ذلك أهمية إعادة النظر بتكاليف ومستلزمات الإنتاج وتقديم المزيد من الدعم إلى المزراعين، علاوة على ضرورة دفع عملية الشراكة بين قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية.
وسجل القطاع الزراعي خلال العام الماضي 2023 تحسنا في أدائه إذ نما بنسبة 5.8 % مقابل 3.3 % خلال عام 2022، وعليه ارتفعت مساهمته في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بأسعار الأساس الثابتة، بواقع 0.1 % لتبلغ 0.3 %. كما ارتفعت أهميته النسبية في الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 5.6 %، وذلك وفق بيانات البنك المركزي الأردني.
وبحسب تحليل البنك المركزي لأداء القطاع خلال العام الماضي، يأتي التحسن في أداء هذا القطاع في جانب منه، مدفوعا بتحسن الطلب الخارجي، والمعبر عنه بارتفاع الصادرات الزراعية بنسبة 16.5 % خلال عام 2023 بالمقارنة مع 11.6 % خلال عام 2022. هذا إلى جانب استمرار العمل على تنفيذ الخطة الوطنية للزراعة المستدامة 2022 – 2025 التي أطلقتها وزاراة الزراعة في عام 2022 بهدف دعم المزراعين، وزيادة إنتاجية القطاع الزراعي، حيث ترواحت نسبة إنجاز المشاريع الواردة في هذه الخطة بين 50 – 90 % والتي من أبرزها تشغيل الزراعة الحديثة وإنشاء سجل مزرعة رقمي شامل، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة للأمن الغذائي، وتطوير الصناعات الزراعية في المدن الصناعية.
وقال مدير عام اتحاد المزارعين الأردنيين، محمود العوران إن استمرار تحسن أداء القطاع الزراعي من عام للآخر يعكس ما يتمتع به هذا القطاع من مزايا نسبية وفرص كامنة ثمينة للاقتصاد الوطني، كما يؤكد أن القطاع لديه المقومات الكاملة التي تجعل منه رافعة اقتصادية وتنموية مهمة.
وأضاف العوران أن لتحسن أداء القطاع الزراعي عوائد إيجابية على الاقتصاد، وتتمثل هذه العوائد في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي من خلال زيادة حجم الصادرات، فضلا عن خلق المزيد من فرص العمل ويضاف إلى ذلك أن القطاع يعد من القطاعات المولدة والمساندة، إذ يلعب دورا أيضا في تشغيل عدد آخر من القطاعات كالنقل والخدمات وغيرها.
وأعاد العوران التحسن الذي طرأ على نمو القطاع خلال السنوات الماضية بصورة رئيسية إلى زيادة حجم تصدير المنتجات الزراعية نتيجة جودة المنتج الزراعي الأردني، إضافة إلى الموقع الإستراتيجي الذي يتمتع به الأردن ما يسهل من عملية تصدير المنتجات إلى الدول المجاورة.
وأكد أن رؤية التحديث الاقتصادي أولت القطاع الزراعي أهمية كبرى من خلال سعيها إلى ربطه بقطاع الصناعات الغذائية، إضافة إلى إيجاد أسواق خارجية إضافية للمنتجات الزراعية ما سيساعد على تنمية قطاع الزراعة مع نهاية تنفيذ رؤية التحديث.
ويشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت منتصف عام 2022 اقترحت عددا من المبادرات ذات الصلة بقطاعي الزراعة والصناعات الغذائية إذ اشتملت على إستراتيجية الأمن الغذائي، وتخصيص جزء من المحاصيل الزراعية لصالح التصنيع الغذائي (التكامل الرأسي)، وجذب الاستثمارات في قطاع الصناعات الغذائية، ومساعدة الشركات على الامتثال البيئي وتسريع التخلص من السوق الموازية في قطاع الصناعات الغذائية وتسويق الصناعات الغذائية والترويج لها وتحسين الإنتاجية وتنافسية الكلفة للقطاع.
وبقصد استدامة نمو القطاع الزراعي، دعا العوران إلى ضرورة التوسع في برامج تسويق المنتجات الزراعية المحلية، إضافة إلى أهمية إعادة النظر بتكاليف ومستلزمات الإنتاج وتقديم المزيد من الدعم إلى المزراعين، علاوة على ضرورة دفع عملية الشراكة بين قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية.
بدوره، اعتبر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي قاسم الحموري أن القطاع الزراعي من القطاعات الحيوية المحركة لعجلة النمو الاقتصادي المحلي، لذلك يعد استمراره في النمو أمر إيجابي للاقتصاد الوطني، لما له من دور في زيادة الدخل القومي من خلال صادراته، إضافة إلى استيعاب عدد كبير من الأيدي العاملة، فضلا عن تعزيز الأمن الغائي الوطني.
وأوضح الحموري أن الطلب المتزايد على الغذاء جاء نتيجة الأزمات التي ألمت في العالم من جائحة كورونا إلى الحروب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تقطع سلاسل الإمداد الغذائي والزراعي، وساهم هذا التزايد في تنامي القطاع الزراعي محليا على مدار السنوات الأربع الماضية تقريبا.
ولفت الحموري إلى أن القطاع الزراعي أثبت أهميته خلال جائحة كورونا إذ استطاع أن يسد حاجات السوق المحلي ويحميه من تأثيرات تقطع سلاسل التوريد عالميا وإقليما، ما ساهم في تقليل الكلف على الاقتصاد الوطني ومساعدته على تخفيف حدة التضخم الذي ضرب الكثير من بلدان العالم.
ويرى الحموري أن القطاع الزراعي لديه قدرة أكبر على النمو والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ما يتطلب بذل المزيد من الجهود لضمان استمرارية نموه بهذا النسق الإيجابي وذلك من خلال زيادة حجم الدعم الحكومي لهذا القطاع، إضافة إلى التوسع في إتاحة استخدام المزراعين لطاقة البديلة وتذليل العقبات أمامهم في هذا لخصوص إلى جانب تخفيض كلف الطاقة والمياه على المزراعين.
كما دعا إلى أهمية بذل المزراعين أنفسهم المزيد من الجهود في تطوير نوعية المحاصيل والمنتجات الزراعية لديهم، إضافة إلى ضرورة تثقيف المزراعين بأهمية الالتزام بالمواصفات والمقاييس العالمية، إلى جانب التوسع في استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة، علاوة على أهمية تطوير قدرات المزراعين في تسويق منتجاتهم الزراعية.
إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة، أن القطاع الزراعي من الروافع المهمة للاقتصاد الوطني، حيث يبرز دوره بشكل كبير في زيادة حجم الصادرات الوطنية إضافة إلى دعم تحقيق الأمن الغذائي في الأردن.
وشدد زوانة على أن تعزيز الدور الاقتصادي والتنموي للقطاع الزراعي، يستدعي التركيز على التصنيع الغذائي والزراعي للفارق الكبير بين مردود القطاع التصديري في حالة التصدير كماده أولية خام وبين عائد التصدير لمادة غذائية منتجة، إضافة إلى أهمية التوسع في استخدام الأساليب الزراعية القائمة على التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى ضرورة الاستفادة من ميزة المناطق الغورية في المملكة والتي تعد مؤهلة للإنتاج محاصيل زراعية موسمية على مدار العام.
كما طالب زوانة بتطوير قطاع “الإرشاد الزراعي” ليصبح القطاع الزراعي أحد القطاعات القادرة على خلق وظائف، ناهيك عن تطوير قنوات التسويق بما يتناسب وحاجة الأسواق.