يعول صيادو السمك بالعقبة، على موسم صيد جيد، مع عودة رحلات الصيد التي كانت متوقفة منذ 4 أشهر، في وقت بات بمقدروهم بيع ما يجود به البحر في سوقهم الجديد، الذي تم افتتاحه مؤخرا، والذي أسهم بإنهاء معاناة التنقل بين محال بيع الأسماك المنتشرة بشكل عشوائي بسوق المدينة لتسويق صيدهم.
وبدأ سوق السمك باستقبال أول الكميات التي يوردها الصيادون من السمك الطازج والمقدرة بقرابة 120 كلغم يوميا، في مؤشر على موسم جيد، سترتفع معه كميات الصيد مع دخول فصل الصيف.
وخلال الثلاثة أيام الماضية منذ افتتاح سوق السمك، يعرض صيادو الأسماك في العقبة والبالغ، أصنافا مختلفة كأسماك الفرس، الغزير، والتونة، والريم، وجميعها مطلوبة وتعد أصنافا أساسية للمائدة العقباوية.
وجاء افتتاح السوق بالتزامن مع بدء موسم صيد الأسماك بعد قرار سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بمنعه 4 أشهر، منذ بداية العام الحالي ولنهاية شهر نيسان (إبريل)، بهدف الحفاظ على الثروة السمكية في خليج العقبة وزيادة تكاثرها، وبما ينعكس على استدامة المخزون السمكي والحفاظ على الأنظمة البيئية البحرية الفريدة فيه.
وانطلقت مع بزوغ شمس أول يوم سمح فيه بالصيد، قوارب الصيد من مرفأ الصيادين قبالة سوق السمك إلى مناطق مختلفة ضمن المياه الإقليمية لصيد الأسماك، لتعود وقبل مغيب الشمس، حاملة ما اصطاده الصيادون الذين تفاءلوا بسرعة بيع كل صيدهم فور عرضه في سوقهم الجديد.
وقبل إنشاء السوق، كان الصيادون بالعقبة، يواجهون تحد بنقل صيدهم من مرفأ الصيادين إلى المحلات العشوائية المنتشرة في مواقع مختلفة في الأسواق التجارية، بينما أصبح اليوم بمقدروهم عرضه وبيعه بشكل مباشر في السوق.
يقول رئيس جمعية صيادون العقبة بدر ياسين إن الجمعية تضم 198 صياداً مرخصا يمارسون مهنة الأباء والأجداد من بدايات القرن الماضي، وهم يعتاشون على اصطياد الأسماك وبطرق بدائية، مؤكداً أن افتتاح السوق اليوم، بمثابة هدية لجميع الصيادين بتوفير مقر دائم لهم بسوق صمم بمواصفات عالمية وعلى البحر مباشرة وفي منطقة مكتظة بالزوار قرب ساحة الثورة العربية الكبرى ومتحف وبيت الشريف الحسين بن علي وقلعة العقبة الأثرية.
وأشار إلى أن هذه الخطوة بالاتجاه الصحيح، وجاءت بعد مطالبات متكررة بتوفير مكان يجتمع فيه صيادون لعرض ما حباهم الله من الأسماك وبيعها مباشرة للتجار أوالمستهلكين من العقبة والمحافظات الأخرى.
وبين ياسين أن السوق اليوم بافتتاحه قضى على ظاهرة محال بيع السمك العشوائية، ورفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة للمستهلكين في مكان يجتمع فيه سكان العقبة والزائر والسائح.
ويقع سوق السمك على الشاطئ الأوسط بمساحة إجمالية 2016 م2، على مرسى قوارب الصيادين بتصميم، يساعد على عرض السمك من الصيد المحلي والبيع المباشر بهدف تنشيط قطاع الصيد في المدينة، وتوفير مرافق ومعدات جديدة للصيادين.
ويعتبر السوق الجديد أحد أهم المشروعات التنموية التي نفذتها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة تطوير العقبة وبإدارة شركة العقبة للمرافق العامة للحد من ظاهرة الأسواق العشوائية وما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والصيادين على حد سواء.
ويقول الصياد محمد البدري إن سوق السمك يوفر مكانا مميز طالما انتظرناه بفارغ الصبر منذ سنوات طويلة، مؤكداً أن رحلة صيادي الأسماك في العقبة كرحلة الطير، تغدو خماصا وتعود بطانا، ينسلون صباحا بحثا عن رزق كتب في السماء، لكنه في عمق البحر، يجود به تارة ويمنعه أخرى.
وللصيد تقاليده في العقبة، منذ أن كان السمك وفيرا وبعد نضوبه، إذ يبحث عنه العقباويون في عمق البحر في رحلة صيد يطلقون عليها اسم “القنصة” أو “السرحة”، وتطول الرحلة أحيانا لأسبوعين أو أكثر لندرة السمك، وخلال رحلتهم يشرعون في الغناء والمواويل العقباوية على أنغام السمسمية.
وللصيد في خليج العقبة طقوس عند أهل العقبة الذين ورثوا المهنة عن الأباء والأجداد منذ مطلع القرن الماضي، إذ نراها في ملابسهم الخاصة ومأكولاتهم المتنوعة والمعتمدة بشكل أساسي على الأسماك، مثلما أن ملامح المهنة تظهر في طقوس زواجهم وأفراحهم، وهي مرتبطة بالفلكلور الشعبي والأغاني وما يرافقها من رقصات ومعزوفات على السمسمية، لينسحب ذلك حتى على أسماء أطفالهم كالريم ووزكة وبخة وغيرها من الأسماء الخاصة بالسمك.
ويعيش في مياه خليج العقبة ما يزيد على 450 نوعا من الأسماك من أصل 1300 نوع تعيش في مياه البحر الأحمر، وتنتمي إلى 13 عائلة من الأسماك الغضروفية و78 عائلة من الأسماك العظمية.
ويبلغ عدد الصيادين المسجلين في جمعية صيادي العقبة زهاء 198 صيادا، فيما يمارس مهنة الصيد خارج إطارها من هواة وممتهنين زهاء 300 صياد، كثير منهم يعتاشون على صيد السمك، عبر المياه الإقليمية الأردنية التي تبلغ حوالي اثني عشر ميلا، في حين لا يتجاوز خليج العقبة طول ساحله 27 كم، يتّسم بأعماقه الكبيرة التي تصل إلى 800 متر، وتصل في بعض المواضع إلى 1800 متر.