تخوض السلطات في البرازيل الأحد، سباقا مع الزمن لإغاثة المتضررين جراء الفيضانات المدمّرة التي تضرب جنوب البلاد خصوصا ولاية ريو غراندي دو سول، بعدما تسببت بمقتل زهاء 60 شخصا ونزوح قرابة 70 ألف نسمة من منازلهم.
ومساء السبت، بلغت حصيلة ضحايا الفيضانات وانزلاقات التربة الناجمة من الأمطار الغزيرة 55 قتيلا مع سبع وفيات أخرى تخضع “للتحقيق”، فضلا عن 74 مفقودا و107 جرحى، بحسب الدفاع المدني، في حين تشهد عاصمة الولاية بورتو أليغري كارثة “غير مسبوقة”.
ومن الصور الملتقطة من الجو وعمليات الإنقاذ الجارية على الأرض، تبدو أحياء غارقة في مياه غمرتها بالكامل، بما يعكس الأضرار الفادحة جنوب البلاد حيث ارتفع منسوب المياه إلى حد غمر منازل بأكملها، وأفقد السكان كلّ ما يملكون خلال دقائق، بينما غرقت شوارع بورتو أليغري التي يقطنها قرابة 1,4 مليون نسمة، بالمياه.
وارتفع منسوب نهر غوايبا إلى 5,09 أمتار ليتجاوز بذلك الرقم القياسي المسجل في فيضانات العام 1941 والذي بلغ 4,76 أمتار، وفق رئاسة البلدية.
وكانت السلطات أعلنت السبت أن ما يقرب من 70 ألف شخص اضطرّوا إلى مغادرة منازلهم، وأنّ أكثر من مليون مسكن بات بلا مياه، بسبب الفيضانات التي تضرب جنوب البرازيل منذ أيام.
وأكدت روزانا كوستوديو، وهي ممرضة في السابعة والثلاثين اضطرت لمغادرة منزلها، أنها “خسرت كل شيء”.
وأضافت لوكالة فرانس برس في رسالة عبر تطبيق واتساب “قرابة منتصف الليل الخميس، بدأ مستوى المياه بالارتفاع بشكل سريع للغاية”. وتابعت “خرجنا بسرعة بحثا عن مكان آمن أكثر. لكننا لم نتمكن من السير… وضع زوجي طفلتينا في قارب مطاطي صغير وقام بالتجديف مستخدما القصب، بينما سبحنا أنا وابني حتى آخر الشارع”.
ولجأت العائلة إلى منزل شقيق زوجها بشمال بورتو أليغري، لكنها اضطرت مجددا إلى النزوح بعدما بلغت المياه مناطق جديدة. وأوضحت كوستوديو “أنقذنا مركب عامل بمحرك يعود لأصدقائنا”، مؤكدة أنهم باتوا في مأمن “لكننا فقدنا كل ما كنا نملكه”.
وبينما تراجعت كمية المتساقطات خلال ليل السبت الأحد، يتوقع استمرار هطول الأمطار خلال الساعات الـ24 إلى 36 المقبلة، مع تحذير السلطات من حدوث انزلاقات أرضية.
– “يوم محوري” –
وأشار حاكم الولاية إدواردو ليتي إلى أن ريو غراندي دو سول تشهد “أسوأ كارثة مناخية في تاريخها” مع إصابة قرابة 300 بلدة بأضرار.
واعتبر أن الوضع “مأساوي وغير مسبوق على الإطلاق”. ومن المقرر أن يستقبل في وقت لاحق الأحد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وذلك للمرة الثانية منذ بدء الفيضانات، علما بأن الحاكم أكد أن الولاية تحتاج إلى “خطة مارشال” لإعادة إصلاح ما تضرّر، في إشارة إلى خطة إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
في انتظار ذلك، تتكرر المشاهد على مختلف مساحة الولاية: عائلات تنتظر على سطوح المنازل وصول فرق الإغاثة، وقوارب صغيرة تجول في شوارع وجادات غمرتها المياه بالكامل.
وأكد المسؤول في الرئاسة البرازيلية باولو بيمنتا أن الأحد سيكون “يوما محوريا” لعمليات الإنقاذ.
ويتزايد القلق حيال نقص المواد الأساسية وتضرر سلاسل الإنتاج في الولاية التي تعد من الأبرز على صعيد الزراعة في البلاد، وتسهم بنسبة 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبرازيل.
وفي ظل ذلك،دعا رئيس بلدية بورتو أليغري سيباستياو ميلو من السكان ترشيد استهلاك المياه، بعد الإغلاق القسري لأربع من محطات معالجة مياه الصرف الصحي الستة في المدينة.
– “مزيج كارثي” –
وأدت الفيضانات إلى عزل بورتو أليغري بشكل جزئي عن باقي أنحاء البرازيل.
وبحسب شرطة السير، قطعت الطرق المؤدية إلى المدينة من جهة الجنوب على بعد 15 كلم من مدخلها، لكن الوصول إليها من الشمال يبقى ممكنا.
وغمرت المياه المحطة الرئيسية للحافلات وتسببت بتعليق الرحلات في مطار بورتو أليغري الدولي اعتبارا من الجمعة ولأجل غير مسمّى.
وقال الخبير البرازيلي في شؤون المناخ فرانسيسكو إليزو أكينو لوكالة فرانس برس إن الأمطار الغزيرة يعزّزها “مزيج كارثي” من التغير المناخي وظاهرة إل نينيو وظواهر قصوى أخرى.
وسبق أن تعرضت ريو غراندي دو سول مرارا لفيضانات مميتة، ولا سيما في أيلول/سبتمبر حين قضى 31 شخصًا في مرور إعصار مدمّر.
ويؤدي الاحترار المناخي الناجم من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري، إلى زيادة شدّة موجات الحر ومدّتها وتواترها، حسب الخبراء.
وشهدت البرازيل جفافا تاريخيا العام الماضي في شمالها، وبلغ عدد حرائق الغابات رقما قياسيا بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل، وسُجّل أكثر من 17000 حريق في مختلف أنحاء البلاد، نصفها تقريبا في منطقة الأمازون.