من تحت المياه الجليدية لأرخبيل لوفوتن في شمال النرويج، تحصد أنجيليكا إريكسن، وشريكتها بسكين طحالب بحرية تُعدّان بها أطباقاً للذوّاقة في مطعمهما الأوروبي.
وتفتخر إريكسن، خلال مقابلة في مشغلها المخصص لتجفيف الطحالب، بأن لدى النرويج “أنقى وأنظف مياه في أوروبا”، مضيفة: “نحن محظوظون لأن هذا المورد ينمو في جوارنا، ونريد أن نُعرّف بقية العالم به”.
وتعاونت إريكسن، وهي نرويجية ابنة صياد، مع تمارا سينجر، التي كانت والدتها اليابانية تطبخ الأعشاب البحرية مع كل وجبة، في تطوير شركتهما Lofoten Seaweed، المتخصصة في حصاد الطحالب البحرية وإعدادها للطعام.
وبمساعدة 6 أشخاص، تحصدان يدوياً 11 طناً من الطحالب سنوياً، ويمتد موسم الذروة من نهاية أبريل إلى يونيو، وهو “عمل يتطلب جهداً بدنياً”، وفق قولهما.
وقالت إريكسن إن “أعشاب الدلسي، والنوري، والكمأة البحرية تُحصد في الخريف والشتاء”. موضحة: “يكون الجو بارداً، ونبقى ساعة” في الخارج، على طول الساحل، وتكون أقدامنا في الماء. أما في نهاية شهر مايو، في موسم الذروة، فأتصبب عرقاً بملابس العمل، ويتصاعد البخار من قفّازيَّ حين أخلعهما”.
وتُقرّ إريكسن بأن هذا العمل “مُضنٍ جسدياً، ولكنه في الوقت نفسه يشجّع على التأمل”.
وتركّز الشريكتان على إعداد أطباق قائمة على نحو 10 أنواع من الطحالب البحرية، وهو طعام يألفه اليابانيون منذ زمن طويل، وتغزو جودته الغذائية أوروبا تدريجياً.
وتُباع الطحالب البحرية في الأسواق المحلية، وكذلك تُشحَن إلى مطاعم الذواقة في النرويج ودول أوروبية عدة.
وتنظّم إريكسن وسينجر، ورش عمل لتثقيف الطهاة بشأن أهمية الطحالب البحرية.
وتشبّه سينجر، الأعشاب البحرية بالخضر، وتوضح أن “لها قوامها الخاص، ومذاقها الخاص، ولونها الخاص”.
وتعرب المستثمرة عن “دهشتها الكبيرة” أمام عدد الطهاة الأوروبيين الذين ساهمت وشريكتها في تعريفهم بمذاقات الطحالب، وطرق إعداد الأطباق المكوّنة منها.
وفي المقابل، عملت المرأتان مع طهاة يابانيين “يعرفون بالضبط ما يريدون فعله” بالأعشاب البحرية. وتضحك سينجر قائلة: “في نظرهم، الأمر يشبه إعطاء قطعة سمك لنرويجي شمالي”.
وعلى بعد نحو 20 كيلومتراً، يطهو الشيف جوش وينج أعشاب لوفوتن البحرية منذ 5 أو 6 أعوام في مطعمه الراقي “هاتفيكا لودج” Hattvika Lodge. ولم يحتَج إلى متابعة جلسات التدريب مع الشركة التي تؤمن له الطحالب.
ويبدي وينج إعجابه بلبّ الدلسي الذي يقدمه مع أطباق السمك المحلية، أو في الخبز، “ما يمنحه “قواماً بصرياً جميلاً جداً، لا توفره المنتجات الأخرى”.
ولضمان استمرارية عملهما، لجأت رائدتا الأعمال إلى وضع خرائط لمواقع الحصاد، وتواريخها منذ 4 أعوام، وكذلك الكميات التي تحصدانها بحسب النوع لتأمين حصاد مستدام.
وتقولان: “نتائجنا تظهر أن الطحالب في المناطق التي تم حصادها أخيراً تنمو مرة أخرى بشكل أسرع من المتوقع”.