دفع هبوط أسعار بعض المحاصيل وعلى رأسها البندورة والباذنجان في وادي الأردن، بعض المزارعين إلى بيع ما تبقى من ثمار لمربي المواشي، بدلا من قطافها وتوريدها للأسواق المركزية.
ويكون المزارعون بهذا الإجراء، قد انهوا موسمهم، الذي شهد عمليات تذبذب في الأسعار بعضها كان خلال مدة قصيرة لم تتجاوز الأسبوع الواحد.
ويشير مزارعون إلى أن كلف جني المحصول وتعبئته بصناديق وإرساله إلى الأسواق المركزية تفوق أسعار البيع، أي أنهم يدفعون من جيوبهم لتسويق محصولهم، لافتين أن هذا الأمر تسبب لهم بخسائر فادحة ما دفعهم إلى التوقف عن قطاف الثمار.
المزارع أبو يزن يقول إن “بيع المحاصيل لمربي الماشية يحد من خسائرهم المستمرة والتي فرضتها أسعار السوق مقارنة بالكلف المرتفعة، ككلف الزراعة والتسويق، وكلف رعاية المحصول والري وما إلى ذلك”، مضيفا، “تضمين المحاصيل لمربي الماشية سيعود عليهم ببعض السيولة التي ستمكنهم من دفع جزء من أجور العمالة على أقل تقدير”.
ويشاركه الرأي المزارع محمد العجوري، مبينا أن توريد محاصيل البندورة والباذنجان والزهرة للأسواق المركزية هذه الأيام يتسبب بخسارة كبيرة، إذ إنه يتفاجأ يوما بعد يوم بوجود عجز في فاتورة البيع، لافتا إلى أن ذلك يضطره إلى دفع أجور النقل والعمال من جيبه الخاص”.
ويؤكد أنه قام بتأجير الأرض بما عليها من محصول، لأحد مربي الماشية مقابل مبلغ مادي بسيط، قائلا، “أوفر بذلك أجور العمالة والنقل والصناديق الفارغة، فضلا عن تنظيف الأرض من المخلفات”.
ويشير الخبير الزراعي المهندس عبد الكريم الشهاب أن الموسم الزراعي بوادي الأردن انتهى “قسرا” نتيجة تعرض معظم مزارعي الوادي للخسائر بعد انخفاض أسعار البيع، لافتا إلى أن الظروف السياسية كان لها الدور الأكبر في هذه الخسائر، إذ أن عدم وجود منافذ لتصدير الخضراوات إلى الأسواق التصديرية الرئيسة تسبب بخلل واضح في ميزان العرض والطلب بالتزامن مع تراجع الطلب محليا.
ويؤكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام أن انخفاض أسعار بيع معظم أصناف الخضار دفع العديد من المزارعين إلى تضمينها لمربي المواشي لتفادي تحمل خسائر إضافية، في حين قام آخرون باقتلاعها واستبدالها بمحاصيل جديدة.
ويبين أن قيام المزارع بهذه الإجراءات يأتي لتقليل الكلف والعمل باكرا على زراعتها بمحاصيل أخرى على أمل تعويض ما يمكن تعويضه، قبل انتهاء الموسم الزراعي، مشيرا إلى أن استمرار معضلة التسويق وخصوصا التصدير إلى الأسواق الخارجية، يبقى الهم والوجع الأكبر الذي يعاني منه مزارعوا وادي الأردن منذ سنوات طويلة.
ويلفت الخدام إلى أن القطاع الزراعي يعيش حالة إرباك لم يشهدها طيلة الأعوام السابقة، في ظل انعدام التصدير واستمرار إغلاق الأسواق الرئيسة والذي تسبب بتدني أسعار البيع في الأسواق المركزية إلى ما دون سعر التكلفة في بعض الأحيان، مضيفا أن معاناة المزارع لا تتوقف عند هذا التحدي فقط، إذ إن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وشح مياه الري وتراكم المديونية الزراعية، أسهمت في تفاقم أوضاعه ما دفع بعدد كبير للانسحاب من العمل بالقطاع وخصوصا صغار المزارعين الذين لم يعد بمقدورهم مجابهة هذه التحديات في ظل تراجع أسعار البيع وارتفاع الكلف.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يضطر مزارعوا الوادي إلى التوقف عن قطاف محاصيلهم وبيعها لمربي المواشي نتيجة تدني أسعار البيع، إذ شهدت المواسم الماضية صورة مشابهة وإن كانت في وقت متأخر وبشكل أقل مما هي عليه الآن.