اشتد عنف المستوطنين في كافة أنحاء الضفة الغربية التي أصبحت غير آمنة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تحولوا الآن بفضل التسليح الذي حصلوا عليه إلى أشبه بميليشيات الأمر الواقع التي تعمل في ظل حصانة شبه تامة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” الأحد 21 أبريل/نيسان 2024.
الصحيفة أشارت إلى أنه بسبب التحول المطرد نحو اليمين في السياسة الإسرائيلية، تفاقمت عمليات الاستيلاء على الأراضي والهجمات العنيفة في المنطقة (ج) خلال السنوات القليلة الماضية، والتي تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على ترك منازلهم.
كما كان انتخاب شخصيات يمينية متطرفة بارزة من حركة الاستيطان لمناصب وزارية في نهاية عام 2022، بمثابة نقطة تحول سرعان ما تجلت في هجوم غير مسبوق على بلدة حوارة في فبراير/شباط من العام الماضي.
تهجير قرى بأكملها بالضفة الغربية
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، اشتد عنف المستوطنين في جميع أنحاء الضفة الغربية، مما أدى إلى تهجير قرى بأكملها للمرة الأولى، في الوقت الذي يشن فيه الجيش الإسرائيلي هجمات في جنين ونابلس وطولكرم كل ليلة تقريباً، حيث قتل نحو 466 فلسطينياً في خلال الأشهر الستة الماضية.
في 12 أبريل/نيسان 2024، تعرضت قرى المغير وبيتين وسط الضفة الغربية لهجوم من مئات المستوطنين الإسرائيليين في حلقة غير مسبوقة من عنفهم، ما أدى إلى مقتل الفتى عمر حامد (17 عاماً)، وجهاد أبو عليا (25 عاماً)، وإصابة العشرات.
والإثنين الماضي، هاجم 50 مستوطناً بلدة عقربا بالقرب من نابلس، ما أدى إلى مقتل محمد بني جامع (21 عاماً)، وعبد الرحمن بني فاضل (30 عام).
خلال زيارة إلى قريتي المغير وبيتين الخميس الماضي، كان القرويون لا يزالون يعانون من أحداث الأسبوع الماضي، حيث يقومون بتنظيف الدخان من المنازل المدمرة واستخدام رافعة شوكية لإزالة المركبات المحترقة.
أثناء هجوم المستوطنين، تمكنت رانيا أبو عليا من الهرب إلى منزل والديها، بينما بقي زوجها محمد للدفاع عن منزلهم في قرية المغير خلال هجوم المستوطنين، وقد حاول خمسة مستوطنين مسلحين اقتحام الشقة في الطابق العلوي، لكنهم فشلوا، ثم أشعلوا النار في متجر السيارات بدلاً من ذلك.
اقترب أحدهم من محمد بعد أن نجح في إخماد الحريق، ووضع مسدساً على رأسه وضغط على الزناد، لكنه كان إما معطلاً أو لم يكن محشواً.
تقول رانيا (24 عاماً)، والتي كانت يداها وقدماها سوداء بسبب الرماد خلال عملية التنظيف: “جاء مهندس ليلقي نظرة على المنزل وقال إنه ليس آمناً، ولكن ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه.. أين نذهب؟ لا يوجد مكان آمن من المستوطنين”.
عنف المستوطنين ليس ظاهرة جديدة في جميع أنحاء المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة المدنية والعسكرية الإسرائيلية، وتشكل 60٪ من أراضي الضفة الغربية.
الصحيفة تشير إلى أن الوضع المتدهور بسرعة في الضفة الغربية قد طغت عليه إلى حد كبير الخسائر البشرية المدمرة التي خلفتها الحرب في غزة؛ كما تم عدم تسليط الضوء على العنف المذهل الذي وقع الأسبوع الماضي، بسبب انشغال العالم بالتصعيد المباشر الأول بين إسرائيل وإيران.
وقد أصبح المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية أفضل تنظيمياً وتسليحاً، ويعملون بأعداد أكبر من أي وقت مضى، إلى الحد الذي أصبحوا فيه الآن أشبه بميليشيات الأمر الواقع التي تعمل في ظل حصانة شبه تامة. فقط 3% من ملفات الشرطة المفتوحة بخصوص عنف المستوطنين منذ عام 2005 انتهت بالإدانة؛ والعديد من هؤلاء الجناة أنفسهم يحملون الآن بنادق آلية من طراز M16 في أعقاب قرار اتخذه وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، بتخفيف القيود المفروضة على تصاريح الأسلحة لليهود في أعقاب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.