رغم تزايد انتشار السيارات الكهربائية في مدينة العقبة، إلا أن المدينة السياحية ما تزال تفتقر لمحطات شحن كافية، اذ ينحصر وجودها بنقاط محدودة في بعض محطات الوقود، وهو الأمر الذي يشكل صدمة بالنسبة لزوار المدينة من المحافظات الأخرى لحظة وصولهم ونفاد الشحن.
ويعد افتقار العقبة للبنية التحتية لمحطات الشحن، حجر عثرة لزوار وسكان المدينة، وهو ما لا ينسجم ايضا مع جهود الجهات المعنية بالتحول الى الاقتصاد الاخضر تدريجيا والتشجيع على الحد من الانبعاثات الكربونية في كافة القطاعات والتوجه نحو مركبات وصناعات صديقة للبيئة للمحافظة على الموارد الطبيعية ووقف استنزافها أو تلويثها، وإرساء دعائم تنمية مستدامة في المدينة السياحية.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن العقبة يدخلها قرابة 5 آلاف سيارة كهربائية خلال الشهر، في المقابل لا يوجد بالمدينة سوى 6 نقاط شحن موزعة على محطات الوقود.
وحسب هيئة مستثمري المناطق الحرة فقد نمت مبيعات السيارات الكهربائية في المملكة العام الماضي 2023 بنسبة 45 %، وبيعت ما يقارب 23 ألف مركبة، مقارنة بـ16 ألف مركبة بيعت في 2022، في وقت تسير على طرقات المملكة حوالي 60 ألف مركبة، بنسبة 3.3 %، من إجمالي المركبات، بينما يتوقع أن تشهد مبيعات المركبات الكهربائية في المملكة زيادة سنوية تبلغ في المتوسط 10.4 % خلال الـ10 سنوات المقبلة، بواقع 40 ألف وحدة كهربائية بحلول 2032، ما يشكل انتشارا للمركبات الكهربائية بنسبة تتجاوز 85 %.
هذه الأرقام تشجع الإقبال على المركبات الكهربائية في المملكة، يضاف إلى ذلك عنصر الحوافز والضرائب المنخفضة السيارات الكهربائية، وانخفاض اسعارها وخاصة صينية المنشأ مقارنة بغيرها.
رغم ذلك يبقى نقص محطات الشحن معضلة تدفع بالعديد الى تأجيل شراء السيارات الكهربائية لحين التوسع بشبكة الشحن.
في العقبة والتي من المفترض أن تكون حاضة لأكبر محطات شحن السيارات الكهربائية، ما تزال المدينة تخلو من أي محطة شحن متكاملة ومتخصصة، باستثناء بعض نقاط الشحن في محطات الوقود، والتي توفر نقطة شحن واحدة، فيما يأمل سكانها وزوارها بسرعة استحداث مراكز متخصصة للسيارات الكهربائية بالتساوي مع تزايد الاقبال عليها.
ومع وجود محطة شحن في محافظة معان -اقرب محافظة لمدينة العقبة- فما يزال نفاد الشحن، كابوسا يؤرق زوار العقبة من المحافظات الاخرى وخوصا القادمين من محافظة اربد التي تبعد اكثر من 450 كلم.
أمام هذا الواقع، فإن زوار المدينة يواجهون معضلة شحن مركباتهم عند وصولهم، ما يدفهم إلى شحنها بالفنادق الخاصة ذات تصنيف 5 نجوم أو شحنها في منازل أقرباء وأصدقاء، أو الذهاب الى محطات الوقود التي توفر نقاط شحن ولكنها غير كافية.
يقول انس المحيسن من سكان العقبة، “إنه يملك سيارة كهربائية تقطع بالشحنة الواحدة ما يقارب 120 كم فقط، ولشحن المركبة، فانه اضطر إلى تركيب شاحن بمنزله مع عداد كهربائي منفصل عن عداد المنزل”، لكن المحيسن يشير الى ان نقط الشحن المنزلي لا تكفي خاصة وانها تستغرق أكثر من 8 ساعات لاكتمال شحن مركبته في كل مرة، بينما بمحطة الشحن لا يستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة، لافتا الى حاجة العقبة الماسة لزيادة محطات شحن السيارات الكهربائية.
ويؤيد في ذلك معين العوران هو موظف في الموانئ الجنوبية ويقيم في محافظة الطفيلة، موضحا أنه عندما يشحن سيارته التي تقطع بالشحنة الواحدة ما يقارب 450 كم في منزله بالطفيلة ويصل العقبة، يضطر إلى شحنها في مرة اخرى في العقبة لضمان عدم نفاد الشحن.
وأشار إلى أنه في أحيان كثيرة ولغياب محطة شحن متخصصة بالعقبة، يضطر إلى الانتظار، وحجز دور عند إحدى نقاط الشحن القليلة التي توفرها بعض محطات الوقود، داعيا الى ضرورة توفير محطات شحن متعددة في العقبة، نظرا لخصوصيتها السياحية والتي يؤمها مئات الزوار واغلبهم يملكون سيارات كهربائية.
وبين الزائر إلى العقبة محمد صلاح أن هناك زيادة كبيرة في أعداد السيارات الكهربائية في المملكة، وبشكل يومي، معتبراً أن هذا التزايد لم يترافق مع تهيئة البنية التحتية، تحديدًا فيما يتعلق بمحطات الشحن الكهربائية، لا سيما في مدينة العقبة، والتي شكلت لي صدمة كبيرة بعدم وجود محطات كتلك المحطة على الطريق الصحراوي، مشيرا إلى أن محطات الشحن منتشرة اكثر في العاصمة عمّان، معتبرًا أن الوضع الحالي قد يعيق انتشار السيارات الكهربائية.
ولا يختلف الأمر كثيرا عن باقي زوار مدينة العقبة الذين يأتون للاستجمام في المدينة الساحلية ولا يجدون محطات للشحن، ما يدفعهم لاستئجار عدادات منزلية لشحن مركباتهم الكهربائية أو الانتظار طويلا للوقوف على نقطة شحن مزدحمة في إحدى محطات الوقود.
ويقول الخبير في مجال السيارات الكهربائية محمد معتوق إن مجرد توفر المحطات لا يعني أن مشكلة شحن المركبات الكهربائية قد حلت، بل يتعلق ذلك باختلاف مداخل الشحن للسيارات حسب بلد المنشأ بين سيارات صينية المنشأ أو أميريكة أو كورية أو اوروبية، موضحا أن مداخل الشحن تختلف من سيارة لأخرى، ومعظم محطات الشحن تعتمد على مداخل شحن لا تتلاءم مع مختلف الأنواع، وهذا يدفع بعض أصحاب السيارات لشراء وصلات تناسب سياراتهم في حال حاجتهم لشحنها خارج المنزل، وتتراوح تكلفة هذه الوصلات، حسب نوع السيارة بين 90 الى 120 دينارًا للشحن البطيء، و300 إلى 400 دينار للشحن السريع.
وقدر ان العقبة يدخلها يوميا اكثر من 200 سيارة كهربائية، وهو رقم يستدعي مزيدا من الاهتمام بتوفير محطات شحن متخصصة وألا يكون الامر محصورا على نقاط شحن متواضعة ببعض محطات الوقود.
في المقابل، يشير صاحب إحدى محطات الوقود جابر الفايز أن إنشاء نقاط الشحن مكلف، ويتطلب شروطًا فنية تطلبها هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن لتكون المحطة مؤهلة لتقديم هذه الخدمة، معتبرًا أن تحديد هيئة تنظيم قطاع الطاقة لأسعار الشحن يخفّض العائد المادي للمحطات من نقاط الشحن، علمًا بأن التعرفة الكهربائية لهذه الخدمة تبلغ حوالي 11 قرشًا لكل كيلوواط/ ساعة، وتتقاضى محطات الشحن عمولة إضافية على ذلك تبلغ 3.5 قرش لكل كيلوواط/ ساعة للشحن البطيء، وخمسة قروش لكل كيلوواط/ ساعة للشحن السريع حسب القانون المؤقت للعام 2022.
وطالب الفايز بمعالجة إشكاليات ارتفاع كلف إنشاء محطات الشحن وقلة الأرباح المتأتّية وتشجيع الحكومة للاستثمار في هذا القطاع.
وحددت هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن معايير فنية لتركيب محطات الشحن، منها اتخاذ إجراءات سلامة كافية لمنع المخاطر الكهربائية، وعدم تركيب المحطات في الأماكن الخطرة، والفصل بين محطة الشحن ومناطق الخطورة في محطات المحروقات بجدار إسمنتي مسلح، وتزويدها بإضاءة مناسبة ومظلات، وتمديد الأسلاك بصورة تمنع المخاطر على السلامة، وتركيب محطات الشحن بصورة تمنع اتصالها بالماء، مع تزويدها بأنظمة الحماية الكهربائية، وعدم استخدام وصلات (وحدات إطالة) على الكابلات، وغيرها من المعايير.
وكان رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، المهندس زياد السعايدة، قد اكد في تصريحات صحفية أنه تقدم للهيئة 230 مستثمرا للاستثمار في مجال محطات شحن المركبات الكهربائية، موضحا أنه من بين المستثمرين، 190 مستثمرا يرغبون في إنشاء محطات شحن عامة، وحصلوا على التصاريح اللازمة من أجل ذلك.
وأوضح أن الهيئة تخطط لتعزيز هذا القطاع بمحطات شحن في المحافظات كافة، لتوفير الخدمة لجميع مستخدمي المركبات الكهربائية في الأردن، مشيرا إلى وجود محطة قيد الإنشاء في محافظة إربد، تتسع لـ90 مركبة كهربائية دفعة واحدة.