داخل خيمة صغيرة في أحد مخيمات النزوح بمدينة رفح، يتلقى مجموعة من الأطفال دروسا، رغم الظروف الصعبة وقلة الإمكانيات، جراء عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وبصمود وإصرار تصر المعلمة جميلة حلاوة (41 عاما) برفقة زملائها المدرسين على مواصلة تقديم الدروس التعليمية للأطفال رغم غياب الإمكانات.
تلك الجهود التعليمية التي تبذلها المدرسة حلاوة وزملاؤها تهدف إلى الحفاظ على استمرارية التعليم في غزة، رغم ابتعاد الأطفال عن مقاعد الدراسة نتيجة العدوان المتواصل.
ويواصل المدرسون جهودهم بتفان وإخلاص، متحدين الصعوبات التي يواجهونها وأبرزها نقص الإمكانيات وعدم توفر فصول دراسية وأدوات تعليمية.
وتحاول حلاوة التي كانت مديرة “مدرسة مصعب بن عمير للبنات” قبل العدوان، ملء الفراغ الذي يعاني منه الأطفال جراء ويلات الحرب وما خلفتها.
ولاقت مبادرة حلاوة والمدرسين استجابة وتفاعلا كبيرين من الطلاب والأهالي النازحين، الذين اعتمدوا على تلك الخيمة الصغيرة لتعليم أطفالهم.
داخل الخيمة، يصدح صوت المدرسة حلاوة وهي تعلّم الأطفال حروف اللغة العربية، فيما يتسابق الطلاب على نطقها واستخراج كلمات عربية مفيدة منها.
تستخدم المعلمة سبورة صغيرة وطباشير لإعطاء الدروس للأطفال ضمن المنهاج الفلسطيني وتعليم الحروف، إضافة إلى تعليم قراءة القرآن الكريم بأحكامه ومعانيه.
وتقول لمراسل الأناضول: “جاءت المبادرة بعد رؤيتي لأحفادي وهم يمسكون بالقلم والدفتر ويتوقون للتعليم الذي تركوه بسبب الحرب على قطاع غزة”.
وتضيف: “أعجبتني الفكرة وأعجبت بعض المدرسين، لذلك قمنا بمبادرة إعطاء الدروس للأطفال في المخيم وافتتحنا خيمة بسيطة باستخدام بعض الدفاتر والأقلام والطباشير”.
وتتابع: “حظيت الفكرة بترحيب من الأهالي في المخيم والطلاب والمؤسسات المحلية، وتم تقديم بعض الدعم الأولي لتأسيس الخيمة بشكل بسيط لتقيم الدروس للأطفال من الصف الأول والثاني”.
وأشارت المعلمة إلى أنها تسعى بكل جهد رغم الظروف الصعبة لمواصلة إعطاء الدروس للأطفال ضمن المنهاج الفلسطيني، بهدف تجنب خروج جيل أُمّي.
وأوضحت أنها تعتزم فتح خيام أخرى في حال استمرار العدوان على قطاع غزة، بعد تدمير العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية في العدوان الذي تشنه إسرائيل.
وتحدثت حلاوة عن صعوبات تواجهها في الخيمة، مثل نقص المستلزمات الدراسية من كتب وقرطاسية، والارتفاع الشديد في درجات الحرارة داخل الخيمة، حيث تفتقر لوسائل التبريد.
بدورها، تقول المعلمة ريهام أبو مطر، التي نزحت من شمالي القطاع: “نعطي الدروس التعليمية بخيمة للأطفال في ظل الحرب ونقص الإمكانيات المتاحة”.
وأضافت للأناضول: “نريد أن يكون الجيل متعلمًا وليس جاهلاً، لذلك نعطيهم دروسا باللغة العربية والرياضيات والتربية الإسلامية واللغة الإنجليزية”.
وتتمنى المعلمة الفلسطينية دعم مشروع تعليم الطلاب في قطاع غزة الذين يعانون من ويلات الحرب.
بينما تقول الطالبة ليان المجبر (16 عامًا): “انقطعنا عن الدراسة بسبب العدوان، واليوم عدنا لها في إحدى الخيام التي تقدم دروسًا باللغة الإنجليزية والعربية وحفظ القرآن الكريم”.
وأضافت: “العدوان قتل الكثير من الأطفال وجعلتنا ننسى التعليم، والخيمة اليوم تعيد لنا ما نسيناه من العلم”، وتمنت أن ينتهي كابوس العدوان وتعود إلى مقعد الدراسة من جديد.
وأنشأ الفلسطينيون النازحون مخيمات مؤقتة في مدينة رفح المكتظة بنحو مليون و300 ألف نازح، يعيشون ظروفا صعبة جراء العدوان.
وتفتقر هذه المخيمات لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذًا مؤقتًا للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث يعيش السكان في ظروف صعبة تحت ظلالها.
وفي حصيلة غير نهائية نشرتها وزارة التربية والتعليم مطلع الشهر الجاري، فقد استشهد 6050 طالبا وأصيب 10219 آخرون بجروح، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة.
وأوضحت أن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 5994، فيما استُشهد في الضفة 56 طالبا، إضافة إلى اعتقال 105.
وأشارت إلى أن 266 معلما وإداريا استُشهدوا وأصيب 973 بجروح في قطاع غزة، فيما أصيب ستة بجروح، واعتُقل أكثر من 73 في الضفة.
ولفتت إلى أن 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، مما أدى إلى تعرض 111 منها لإضرار بالغة، و40 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 57 مدرسة في الضفة للاقتحام والتخريب، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
وأكدت التربية أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة.