هوَ مَثلٌ سوداوي يُقالُ فيمن يُشاهد الحقيقة ويعرفها إلّا أنه يبحث عنها خوفًا أو إحتيالاً أو نوعًا من المؤامرة مع الجاني !! وهذا هو حال غزّة وما تتعرض له مِنْ عدوان غاشم غير مسبوق على مَرّ التاريخ !! وجميعنا يعرف مَنْ هو الجاني وَمَن هو صاحب الأمر في إيقاف هذه الحرب .
وإذا قالوا ذات يوم أنّ التاريخ هو دفاتر الحاضر وحقيقته ِ فأنه لا بد من الرجوع الى هذا التاريخ لنستخلص منه العِبَر ومعرفة كيف ستنتهي هذه الحرب !!.
إنّ مشاكل إسرائيل ومعضلة وجودها هي أمور سياسية ولا شيء غير ذلك ، فهي – إسرائيل – تسعى لأن تكون دولة يهودية في حاضنة عربية إسلامية وقد أدرك زعماء إسرائيل إستحالة هذا الأمر حيث قال الزعيم الصهيونى ( فلاديمير جابوتنسكي ) منذ عام 1923 أنّ أي شخص ذو عينين مفتوحتين يمكنه أن يدرك إستحالة تحويل فلسطين من بلد عربي إلى بلد ذي أغلبية يهودية بشكل طوعي .
وبالعودة الى حروب إسرائيل منذ ثلاثينات القرن الماضي حاول الصهاينة تقسيم العرب الى متشددين ومعتدلين وعند إعلان إسرائيل لإستقلالها عام 1948 وعند مهاجمتها من قبل العرب إنتصرت عليهم وشردت ما يقارب 750 ألف فلسطيني ولولا خوفها من التدخل العسكري البريطاني ما أوقفت هذه الحرب !!.
وفي عام 1956 وبعد تأميم قناة السويس قامت إسرائيل وبريطانيا وفرنسا بغزو مصر وإحتلال سيناء وقطاع غزّة ولولا تهديد الرئيس الامريكي آنذاك ايزنهاور بالتدخل بالقوة لإيقاف هذه الحرب لما توقَّفت هذه الحرب .
وفي عام 1967 وبعد أن دخلت مصر وسوريا والاردن الحرب وخسارة القوات العربية للكثير من جيوشها!! أصدر مجلس ألأمن قرارًا بوقف الحرب إلّا أنّ إسرائيل امتنعت عن تنفيذ هذا القرار ولم تتوقف الحرب إلّا بَعدَ أن ضغطت أمريكا على رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك ليفي أشكول ووزير دفاعه موشيه ديان حيث توقفت الحرب فورًا.
وفي حرب 1973 وبعد أن أوشكت إسرائيل على تدمير الجيش المصري وخاصة الجيش الثالث وبحكم التوتر بين امريكا والإتحاد السوفيتي إضطر الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون الى إجبار إسرائيل على التوقف والعودة الى مواقعها السابقة.
هذه هي حروب إسرائيل بشكل عام وهي إنعكاس لنظريتها في إستخدام القوة الساحقة ولم تحاول أن تُغيّر هذه السياسة إلا ما بين الأعوام 1977 ولغاية عام 2000 بفضل رئيس حزب العمل آنذاك اسحق رابين الاّ أنّ إغتياله قَد جاء برئيس الوزراء نتنياهو التي كانت سياسته تقوم على التوسع وتدمير كل فرصة يمكنها أن تؤدي الى السلام وحتى في ظل المبادرة العربية تمنعت إسرائيل عن الاستجابة لأي محاولة للسلام .
وباستعراض ما ذكرته سابقًا يتضح أنّ الأهداف التي وضعتها إسرائيل لحربها في غزّة ليس المقصود منها التحقيق وإنما التدمير لمعرفتها التامة باستحالة تحقيقها وبالتالي فإنّ إسرائيل لَمْ تدخل يومًا حرباً ورغبت بإنهائها وإنما تُنهيها مرغمة ومأمورة من الولايات المتحدة وعليه إذا ما رغبنا بإنتهاء الحرب فإن أمريكا هي صاحبة الأمر وما مِنْ داعٍ لأن ينطبق علينا المثل العربي ” نشوف الذيب ونقص على أثره ” .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة