أفاد تقرير لوكالة “بلومبرغ”، الأربعاء 6 مارس/آذار 2024، بأن أوروبا تستعد لأزمة غذاء محتملة بسبب ظاهرتي “النينيو” و”النينيا”، مشيراً إلى أن القوى المشتركة للظاهرتين أدت إلى ذلك.
أضاف التقرير أنها أدت كذلك إلى شل إنتاج فول الصويا في أمريكا اللاتينية، بينما اضطر مزارعو روسيا وأوكرانيا للذهاب إلى الحرب، ومنعت إندونيسيا تصدير شحنات زيت النخيل إلى أوروبا، بينما الصين متعطشة للمحاصيل وأصبحت منطقة البحر الأبيض المتوسط أشبه بالصحراء.
التصادم “لم يحدث بعد”
بطبيعة الحال، فإن التصادم الدراماتيكي للأحداث لم يحدث بعد، لكن على مدار يومين في فبراير/شباط الماضي، اجتمع حوالي 60 مسؤولاً من الاتحاد الأوروبي والمسؤولين الحكوميين وخبراء الأمن الغذائي وممثلي الصناعة وعدد قليل من الصحفيين في بروكسل، لمواجهة احتمال حدوث شيء بالكاد كان متوقعاً قبل بضع سنوات: أزمة غذائية كاملة.
وجلست المجموعة في مبنى شركة “شل” الذي تم تجديده على طراز آرت ديكو لمحاكاة ما قد يحدث، والمساعدة في تصميم سياسات تهدف إلى الوقاية والاستجابة.
لكن على بعد بضعة شوارع، كان المزارعون يكثفون احتجاجاتهم ضد الاتحاد الأوروبي، ويعطلون الإمدادات عن المحلات التجارية، كما لو كانوا يهدفون إلى زيادة تركيز المشاركين، وفق التقرير.
لم تكن مساحة العمل المشتركة الفخمة بمثابة مخبأ أو قبو آمن في منطقة حرب، لكن صور الفيديو للجفاف والفيضانات والاضطرابات المدنية على وقع الموسيقى المشؤومة خلقت شعوراً بالإلحاح.
أزمة غذاء أوروبا: توقعوا الفوضى
بدوره، حذّر بيوتر ماغنوسزيوسكي، مصمم الأنظمة والألعاب الذي عمل مع الأمم المتحدة، قائلاً: “توقعوا مستوى من الفوضى.. قد تكون مرتبكاً في بعض الأحيان وليس لديك ما يكفي من المعلومات. عليك أن تسافر عبر الزمن”، في إشارة تحذيرية لما قد يحدث.
تقرير بلومبرغ اعتبر أن مشاهدة إحدى أفضل المناطق تغذية في العالم وهي تختبر نظامها الغذائي؛ تسلط الضوء على مستوى متزايد من القلق بين الحكومات بشأن تأمين الإمدادات لسكانها.
في غضون أربع سنوات، هزت صدمات متعددة طريقة زراعة الغذاء وتوزيعه واستهلاكه، وأدت جائحة فيروس كوفيد-19، والغزو الروسي لأوكرانيا، والاضطرابات في طرق الشحن الرئيسية؛ إلى اضطراب سلاسل التوريد ودفع الأسعار إلى الارتفاع.
إضافة لذلك، فإن الطقس غير المنتظم والمتطرف بات مصدر إزعاج للزراعة بشكل منتظم، ولذلك لم يعد المسؤولون يتساءلون عن موعد حدوث أزمة الغذاء، بل عن عدد الأزمات التي يمكنهم التعامل معها في وقت واحد.
سيناريوهات لا تبشر بخير
وفي إطار محاكاة الأزمة واستمرارها حتى عام 2025، أشار التقرير إلى أن هناك المزيد من فشل الحصاد، فهي تؤثر على أسعار الأعلاف الحيوانية، مما يحد من إنتاج الماشية والأسماك، في حين تبتعد بعض السفن التي تحمل المحاصيل عن أوروبا لتلبية احتياجات مقدمي العروض الأعلى في أماكن أخرى.
وتؤدي القيود المفروضة على تصدير زيت النخيل في آسيا الآن إلى خفض إمدادات المواد الغذائية الأساسية اليومية من السمن النباتي إلى الخبز، في حين تنتشر مزاعم جشع الشركات والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة.
من جانبها، قالت كاتيا سفينسون، كبيرة مستشاري النظم الغذائية في مجلس وزراء بلدان الشمال الأوروبي والتي شاركت في المحاكاة: “كان توقيت تناول الموضوع في محله بشكل لا يصدق”.
من جانب آخر، لفت التقرير إلى الاستعدادات التي تتدرب عليها الدول والحكومات قبل وقوع الأزمات كي تكون جاهزة لها، مشيراً إلى أن مثل هذا النوع من المناورات يعتبر “نادراً” في أوروبا، لا سيما التي تركز على الغذاء، وفقاً لما ذكره ماغنوسزيفسكي، المدير العلمي في مركز حلول الأنظمة في فروتسواف في بولندا.
أوروبا في وضع “لا تحسد عليه”
إلى ذلك، اعتبر التقرير أن أوروبا في وضع “لا تحسد عليه”، لافتاً إلى أنها من أكبر موردي المواد الغذائية في العالم من الحبوب ومنتجات الألبان إلى لحم الخنزير وزيت الزيتون، مع أدنى مستويات انعدام الأمن الغذائي.
وفي المتوسط، ذهب 14% فقط من إنفاق الأسر نحو الغذاء في عام 2021، مقارنة بنحو 60% في نيجيريا و40% في مصر.
ويصنف مؤشر الأمن الغذائي العالمي بانتظام الدول الأوروبية باعتبارها الأكثر أماناً في العالم، ومع ذلك هناك نقاط ضعف، حيث تضرب أحداث الطقس والمناخ المزارعين بانتظام، مما كلف أوروبا أكثر من 50 مليار يورو (54.3 مليار دولار) من الخسائر الاقتصادية في عام 2022.
بينما ارتفعت تكلفة الأسمدة والطاقة اللازمة لزراعة المحاصيل والحفاظ على تشغيل البيوت الزجاجية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وحذر التقرير من مستقبل مخيف فيما يتعلق بمحاكاة الأزمة في 2025، حيث الأمور ستتكشف بشكل أوضح آنذاك: “سينهب اللصوص المحلات التجارية، وتكافح الشرطة لاحتواء أعمال الشغب المنتشرة في المدن، ولن يستطيع الناس في ألمانيا العثور على الأسماك واللحوم في محلات البقالة، بينما سيكون مزارعو الماشية في طريقهم للإفلاس”.
في الوقت نفسه، سيتحول تركيز الجمهور إلى التربح من خلال تجار السلع الأساسية، في حين تتساقط المزارع الصغيرة مثل أحجار الدومينو، كما ستبدأ الهجمات على المهاجرين في الانتشار على نطاق أوسع، بحسب المصدر ذاته.