قال الناطق الرسمي للاتحاد الأوروبي لويس ميغيل بوينو، إن الأردن من أكثر الدول تأثرا بالتعليق المؤقت لتمويل وكالة أونروا، التي تقدم الخدمات الأساسية لأكثر من مليوني لاجئ في المملكة.
وأضاف خلال مقابلة صحفية أن التفاهمات الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، نتج عنها قرار بمواصلة دعم الوكالة الأممية من خلال اعتماد تقديم 150 مليون يورو، سيتم إرسال 50 مليون يورو منها الأسبوع المقبل.
وأشار بوينو إلى أن الاتحاد دعا المفوض العام لوكالة “الأونروا” فيليب لازاريني، لحضور اجتماع للدول الأعضاء قبل أسبوعين، ونتج عنه تفاهمات بين الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية وأونروا، لدعم مشاركة خبراء أوروبيين لمراقبة أونروا داخليا والتحقق من الادعاءات الإسرائيلية الصادرة بحق موظفين في الوكالة.
وشدد على الحاجة المطلقة للمساهمة في عمل أونروا بشأن حماية المدنيين، قائلا، إن أونروا مسؤولة عن تقديم خدمات أساسية للفلسطينيين، سواء كان على الصعيد الصحي أو التعليم، وما إلى ذلك في غزة ودول أخرى مثل الأردن.
وأعلن 16 بلدا من المانحين وقف تبرعاتهم لأونروا مؤقتا أو تعليقها مؤقتا، والتي يبلغ مجموعها 450 مليون دولار، بعد ادعاءات إسرائيلية لم تثبت حتى الآن بمشاركة موظفين في الوكالة في عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
الاتحاد الأوروبي، أكد عقب الاجتماع، أنه جرى إطلاق تحقيق شامل ومراجعة شاملة ومراجعة مستقلة، وسيتم تنفيذها بشفافية كاملة، وبالتعاون مع الجهات المانحة، موضحا أنه “إذا اختفت هذه الوكالة فسيكون لذلك تأثير مدمر على 5.6 مليون شخص”.
وأكد التكتل على أنه “إذا تم إلغاء وكالة أونروا، فإن مشكلة اللاجئين ستظل قائمة، بل أسوأ”.
وحذّرت أونروا من بدء ظهور مشاكل كبيرة للغاية في نيسان/ أبريل في حال عدم تراجع الدول المانحة عن تعليق تمويل الوكالة، فيما أكدت في وقت سابق، استمرار عملياتها في الأردن خلال شهر آذار/مارس، بعد أن شككت سابقا بقدرتها على مواصلة عملياتها إثر تعليق دول مساهمات تبلغ قرابة 450 مليون دولار في الوكالة.
وتبلغ موازنة عمليات أونروا واسعة النطاق في الأردن قرابة 145 مليون دولار سنويا ويعمل بها قرابة 7 آلاف موظف، وتشغل 161 مدرسة تخدم أكثر من 107 آلاف طالب وطالبة، و25 مركزا صحيا تقدم أكثر من 1.6 مليون استشارة طبية سنويا.
تطور ملحوظ في الموقف الأوروبي
قال المتحدث الأوروبي، إن الموقف الأوروبي تجاه الحرب على غزة تطور بشكل ملحوظ “بعد ما كان غير واضح” في بدايتها، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الدول الأوروبية و”بأغلبية” صوتت لصالح وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال اجتماعات الجمعية العامة في الأمم المتحدة.
وشدد على أن الأزمة الحالية – الحرب على غزة – هي فرصة للمضي قدما وبشكل جدي باتجاه إقامة دولة فلسطينية.
وأوضح بوينو، أن الموقف الأخير الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي “كان واضحا وصوّت لصالح هدنة إنسانية، ووقف لإطلاق النار” لغايات إنسانية كسبيل نحو وقف دائم لإطلاق النار، مبينا أن 26 دولة في الاتحاد صوّتت لهذا القرار ما عدا دولة واحدة عارضته.
وأكد على أن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية يمارسون أيضا ضغوطات على الحكومة الإسرائيلية، تشمل إرسال مساعدات إنسانية وتحقيق هدنة والإفراج عن المحتجزين لدى حماس، داعيا بألا تكون المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مرتبطة بشروط، أو بما يحدث على الصعيد السياسي من مفاوضات.
“بوريل أكد في لقاءات متعددة من خلال التشاور مع الحكومة الإسرائيلية ودول المنطقة، بأن الرسالة منذ اجتماع برشلونة في تشرين الثاني الماضي وحتى الآن، هي المضي قدما في هذا الملف بعدة طرق؛ الأولى من خلال هدنة إنسانية فورية، والثانية إيصال المساعدات، والثالث من خلال حل دولتين وإقامة دولة فلسطينية، وهو الحل الوحيد في نهاية المطاف” وفق بوينو.
وأضاف أنه “لا يمكن التحدث عن حل مستدام لهذا الصراع الطويل بدون إقامة دولة للفلسطينيين، الذين يستحقون العيش بالكرامة مثل الإسرائيليين”.
وعن الاعتراف أحاديا بدولة فلسطينية مستقلة، أكد بوينو أن الاعتراف باستقلالية أي دولة من اختصاص الدول الأوروبية وليس الاتحاد كتكل، مشيرا إلى أن 9 دول في الاتحاد الأوروبي اعترفت بفلسطين كدولة من أصل 27 حتى الآن.
وأشار إلى أن مشاورات مسؤولي الاتحاد الأوروبي مع الأطراف والشركاء في المنطقة، أكدت على ضرورة إقامة دولة فلسطينية، والاتحاد الأوروبي يدعم إقامة مشاريع في الأراضي الفلسطينية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية في عدة مجالات؛ مثل الأمن والقضاة والبنية التحتية من أجل دعم إقامة دولة فلسطينية.
في 29 شباط، حذرت دول الاتحاد الأوروبي جميعا باستثناء هنغاريا الاثنين، السلطات الإسرائيلية من شن هجوم على رفح، قالوا إنه سيفاقم الوضع الكارثي الذي يعيشه نحو 1.5 مليون نازح في المدينة الواقعة على الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وذلك خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 في بروكسل.
عنف المستوطنين
وأكد بوينو أن قضية العقوبات ضد عنف المستوطنين “مهمة” وهناك مناقشة منذ أكثر من شهرين في مجلس الاتحاد الأوروبي بشأنها، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج كما جرت العادة إلى “إجماع من الدول الأعضاء في الاتحاد”.
وأوضح إلى أن دول أوروبية تدعم العقوبات وأخرى تعارضها، مؤكدا على أن “أغلبية من الدول الأعضاء تدعم فرض عقوبات”.
“المناقشات جارية في مجلس الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، ولا نستطيع أن نستبق نتيجة هذه المباحثات والمشاورات وهي قرار بيد الدول الأعضاء” وفق بوينو، الذي أكد على أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيعقدون اجتماعا بعد أسبوعين وستكون قضية العقوبات على طاولة الاجتماع.
واقترح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في كانون الأول الماضي، فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الأفراد، مثل حظر دخولهم أوروبا.
وخلال الأشهر الأخيرة، هاجم مستوطنون متطرفون مركبات تابعة للفلسطينيين، وطردوهم من منازلهم في مناطق الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس.
وتعرضت الحكومة الإسرائيلية لانتقادات بسبب دعمها لهؤلاء المستوطنين وعدم منعهم من التوغل في الأراضي الفلسطينية، مما يجعل حل الدولتين، الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رسميًا، أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
وللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، وقع الرئيس جو بايدن، أمرا رئاسيا يسمح بفرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين ضالعين في هجمات ضد الفلسطينيين ونشطاء السلام في الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “الخطير جدا”.
مهمة دفاعية في البحر الأحمر
وقال بوينو، إن مهمة “أسبيدس” في البحر الأحمر “عسكرية دفاعية بامتياز” من الاتحاد الأوروبي، يضم مجموعة سفن حربية من 4 دول لحماية التجارة العالمية والسفن التي تمر بالممرات الاستراتيجية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
وأوضح أن هذه المنطقة “استراتيجية” للاتحاد الأوروبي وهذه التحركات لها تأثير سلبي على الدول المجاورة لليمن والسودان، البلدين اللذين يعانيان من أزمة إنسانية ضخمة ويشهدان ارتفاعا في أسعار البضائع الإنسانية.
وحتى الآن، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا نيّتها المشاركة بالسفن.
وقال الاتحاد الأوروبي، إنّ المهمّة محددة لمدّة عام قابلة للتجديد، وتقتصر على حماية السفن المدنية في البحر الأحمر، ولن يتمّ تنفيذ أيّ هجمات “على الأراضي اليمنية”.
وأشار المتحدث الأوروبي إلى أن “هناك فرقا واضحا بين مهمة أسبيدس الأوروبية وبين مهمة حراس الازدهار وغيرها من المهام في البحر الأحمر” موضحا أن هذه المهمة دفاعية فقط ولفترة محدودة واستخدام الأسلحة في هذه السفن الحربية لإسقاط الصواريخ التي تصوب باتجاه السفن التجارية.
وأكد على أنه “لا يوجد أي رغبة أوروبية بأن تكون مهمة أسبيدس موجودة في المنطقة لوقت أكثر من اللازم”.
ومنذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، يشتبهون بأنها “مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها” ويقولون إن ذلك يأتي دعماً لقطاع غزة الذي يشهد عدوانا إسرائيليا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.