كَشَفت الحرب الهمجية للاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة عن الوجه البشع لدولة الاحتلال والذي كان معروفًا للجميع إلّا أنّ البعض كانَ يتعامى عنه لأسباب مختلفةً ومتنوعة بالرغم مِن الماكنة الإعلامية الهائلة التي كانت تعمل على بناء صورة جميلة وحسّنة ويتم تزيينها ليل نهار من قبل الكثيرين لهذا الاحتلال !!!
وللوصول الى أسباب وأهداف هذا التّوحش الذي بتنا نشاهده في هذه الحرب الظالمة فلا بدّ لنا من الرجوع إلى بدايات نشوء هذا الكيان !! فالمعروف أنّ هذا الكيان تمّ توليده نتيجة عملية قيصرية شاركت بها كثير من الدول والأنظمة والجماعات ولكل أهدافه وأمنياتهِ ، فالبعض كان يسعى للربح المادي والبعض كان يسعى إلى تنظيف اليهود من مجتمعاتهم نتيجة للسمعة السيئة التي كان اليهود يتصفون بها والأخرين كانوا يعتقدون أن اليهود هم القوة الحاكمة الخفية التي تتحكم بمصائر الشعوب والقادة وبالتالي فإن الحصول أو الفوز برضاهم كان هو غاية المُنى !! وقد أدرك قادة اليهود ذلك واستطاعوا توظيف هذه الأمور لمصلحتهم وانشاء وطن لهم في فلسطين المحتلة .
ومن هذا المفهوم كانت سياستهم – أي اليهود – تقوم على ترسيخ مفهوم دونية الآخرين وترهيب باقي الشعوب منهم وإعطاء الانطباع الزائف حول قوتهم وتحكمهم بمصائر بقية الشعوب ، وبالتالي فأنهم وجدوا أنفسهم في محيط هُم غريبون عنه ومختلفين عنه ، لا بل أكثر من ذلك هم مكروهين ومنبوذين من هذا المحيط وهذا يُفسّر انجذابهم وسعيهم للتطبيع ومحاولة إعطاء صورة وردية عنهم وعن سلوكياتهم.
وبالرغم من كل ذلك فأنهم لَمْ يستطيعوا الوصول إلى مُبتغاهم هذا وبالتالي فإنهم وفي كل مناسبة عندما تضيقُ السُبل في وجوههم يعودون فورًا إلى الفن الذي يتقنونه ويحاولون إرسال الرسائل في كلّ الاتجاهات عن قوتهم التي لا تُقهر وسلاحهم الذي لا يضاهيه سلاح !! ومن هنا فإن الضربة التي أتتهم من المقاومة الفلسطينية كانت الصاعقة لهم ولذلك لجأوا الى هذه القوة التدميرية لإعادة الهيبة لأنفسهم وإعادة رسم الصورة الأسطورية لهم !! لذا فإنّ كُل ما يقومون به ليس من باب المصادفة او الفعل غير المقصود ، بل هو فعل مقصود لذاته ولدولة الاحتلال وبالتالي فإن جميع أفعالهم هي رسائل مقصودة للمحيط بأننا سنفعل هذا وأكثر منه اذا ما حاول أو تجرّأ أحدكم على خدش صورة إسرائيل أو إظهارها بمظهر الضعيفة أو العاجزة أو المجروحة !! .
دولة الاحتلال في هذه الحرب تحاول أن تقول أنا هنا ولنتذكر ما فعلته بجنود الجيش المصرى عندما دفنتهم أحياء بالرغم من إنهم كانوا أسرى لا حول لهم ولا قوة .
هذا الكيان لا يفهم ولا يعرف إلّا لغة القوة ولا يؤمن لا بمفاوضات ولا سلام وليس هذا الأمر موجود في قاموسه لأنه على قناعة انه كيان طُفيْلي في المنطقة وغير مرغوب فيه ولذلك هو لا يؤمن بحل الدولتين ولا يمكن له أن يقتنع به .
لَوْ أن نتيجة ما قامت به حركة حماس غير كسر وتمزيق صورة هذا الكيان لكفانا الأمر ، فماذا وقد مرغت وجه الاحتلال بالتراب وأظهرته بأنه أوهن من بيت العنكبوت !! نعم قد يكون أهل غزة دفعوا الكثير ولكن هذا الثمن ليس بكثير في ميزان تحرير الأوطان ولولا الخذلان من اخوة الدم والتراب لأهل غزة لكان الأمر غير ذلك ولكن البعض لا يتعلّم إلا متأخرًا !! .
وأخيرًا فإنّ ما يجري في غزة ليس المقصود به أهل غزة بل نحن المقصودين به ومنه وقديمًا قالت العرب ( إضرب المربوط يخاف منك الفالت ) .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة