أكد وزير المالية محمد العسعس، أن تحقيق معدلاتِ نموٍ مرتفعةٍ وخفضَ معدلاتِ البطالةِ إلى المستوى المقبولِ لنْ يَحدثَ تلقائياً، وهذا الأمرُ يتطلبُ تسريعَ وتيرةِ النموِ عبرَ خفضِ تكلفةِ الإنتاجِ وَإِيجَادِ تَغيِيرٍ هَيكَلِيٍّ وَحَقِيقِيٍّ لِتَسْهِيلِ اَلْإِجْرَاءَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ ورفع تنافسية الإقتصاد لجذب الإستثمار المحلي والأجنبي.
وزير المالية قال خلال جلسة لمجلس الأعيام لمناقشة الموازنة العامة، اليوم الثلاثاء، إن الحكومة وضعت برنامجا وطنيا للاصلاح يضمن الاستقرار المالي والاقتصادي.
وأكد وزير المالية، أنه لا رفع للضرائب او فرض ضرائب جديدة في العام 2024.
وأضاف، أن “جَميعَ التَّوْصِيَاتِ الوارِدَةِ فِي تَقْريرِ اللَّجْنَةِ الماليَّةِ والِاقْتِصاديَّةِ، وَمُلاحَظاتِ وَتَوْصياتِ الأَعْيانِ سَتَحْظَى بِاهْتِمامِ وَتَقْديرِ الحُكومَةِ، وَسَتَبْذُلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِها لِتَنْفِيذِ مَا أَمْكَنَ مِنْهَا، وَسَتَبْقَى الحُكومَةُ عَلَى تَواصُلٍ مَعَ مَجْلِسِكُمْ الكَريمِ، تَجْسِيدًا لِلشَّرَاكَةِ الكامِلَةِ، وَلِتَحْقِيقِ المَصْلَحَةِ العامَّةِ، وَمواجِهَةِ اَلتَّحَدّياتِ بِكَافَّةِ أَشْكَالِهَا”.
وتاليا نص خطاب وزير المالية أمام مجلس الأعيان:
دَوْلَةُ الرَّئيس،،
حضرَاتُ الأَعيانِ المُحتَرَمِينَ،،،،
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ،،،
يَطيبُ لِي فِي بِدايَةِ كَلِمَتَيْ هَذِهِ أَنْ أَتَقَدَّمَ بِالشُّكْرِ والتَّقْديرِ لِمَعالي رَئيسِ اللَّجْنَةِ الماليَّةِ والِاقْتِصاديَّةِ وَلِجَمِيعِ أَعْضاءِ اللَّجْنَةِ الموَقَّرَةِ عَلَى تَقْريرِها اَلَّذِي يَتَضَمَّنُ تَحْلِيلًا مُرَكَّزاً وموضوعياً لِلْأَوْضَاعِ الماليَّةِ وَالْإِقْتِصَادِيَّةِ الرّاهِنَةِ، ويشتملُ على قراءاتٍ ورؤى رصينةٍ لمختلفِ القضايا والموضوعاتِ التي تتصدرُ اهتماماتنا الوطنيةَ. كما أرجو أنْ تسمحوا لي أنْ أعبّرَ عنْ عميقٍ التقديرِ والاحترامِ ، لما تضمنتهُ كلماتُ السادةِ الأعيانِ المحترمينَ، منْ آراءٍ وأفكارٍ بناءةٍ وهادفةٍ، نابعةٍ منْ خبراتٍ عمليةٍ ومعارفَ عميقةٍ في الشأنِ الماليِ والإقتصاديِ، وتعكسُ الحرصَ على مصالحِ الوطنِ العليا وتعزيزَ منعةِ اقتصادنا الوطنيِ، خاصةً في هذهِ المرحلةِ الدقيقةِ والحاسمةِ التي نمرُّ بها من تاريخِ هذهِ الأمةِ جراءِ العدوانِ السافرِ والإعتداءاتِ الغاشمةِ على أهلنا في غزةَ والضفةِ الغربيةِ، والتي سطّرَ فيها الأردنُ مواقفَهُ في سجلاّتِ الشرفِ، وسخّرَ فيها لأشقائهِ أقصى طاقاتهِ وإمكاناتهِ، وكانتْ وقفاتهُ الأصدقَ والأنقى، وستكونُ هيَ الأبقى إنَ شاءَ اللهُ تعالى. وسيواصلُ الأردنُ دعمهُ الكاملَ للأشقاءُ الفلسطينيينَ لاستعادةِ حقوقهمْ، وإقامةِ دولتهمْ المستقلةِ على ترابهمْ الوطنيِ .
وستكونُ الماليةُ العامةُ مواكبةً للأداءِ الدبلوماسيِ الرفيعِ للدولةِ الأردنيةِ، وداعمةً أساسيةً للموقفِ السياسيِ، تتعاملُ معَ الواقعِ وتستشرفُ الخياراتِ وتجترحُ الحلول، وهيَ عاملُ استقرارٍ، ومصدرُ قوةٍ بيدِ الدولةِ في تحييدِ الضغوطِ السياسيةِ التي تمليها الظروفُ الحاليةُ، لا موطنَ ضعفِ أوْ مصدرِ اضطرابٍ. ولا شك أنَ ما حققناهُ عبرَ السنواتِ الماضيةِ منْ استقرارٍ واضحٍ في ماليةِ الدولةِ، يؤكدَ على نجاحِ السياسةِ الماليةِ في تمكينِ الحكومةِ منْ القيامِ بمسؤولياتها وتحقيقِ أهدافها وباحترافيةٍ مشهودةٍ .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
لقدْ سعتْ هذهِ الحكومةُ بكلِّ ما أوتيتْ منْ عزمٍ لتنفيذِ توجيهاتِ جلالةِ الملكِ المفدى للحكومةِ في التخفيفِ منْ المصاعبِ والأعباءِ المعيشيةِ للمواطنينَ في ظل النّزاعاتِ العالميةِ والإقليميةِ والسياساتِ الإقتصاديةِ العالميةِ الإنكماشيةِ. وعملت هذهِ الحكومةُ منذُ تشكيلها على معالجةِ التحدياتِ والصعوباتِ وتحويلِها إلى فرص، وحرصتْ على خلقِ الحافزِ لبناءِ مستقبلٍ أفضلَ لجميعِ الأردنيينَ الذينَ ضحُّوا كثيراً في سبيلِ رفعةِ الوطنِ، بعيداً عنْ جلدِ الذاتِ وإنكارِ الإنجازِ. وقدْ كان في مقدمةِ أولوياتِ الحكومة تصحيحُ المسارِ والنهجِ المتبعِ في التعاملِ معَ الإختلالاتِ والتشوهاتِ التي واجهتْ الإقتصادَ الوطنيَ وخاصةً على صعيدِ الماليةِ العامةِ منْ خلالِ وضعِ برنامجٍ وطنيٍ للإصلاحِ الماليِ يستندُ إلى إصلاحاتِ هيكليةٍ عميقةٍ وضعتْ فيها أسس للإستقرارِ الماليِ وتعزيزِ النموِ الإقتصاديِ، جعلتْ منَ الأردنِ مثالاً في الحفاظِ على القدرةِ الشرائيةِ لمواطنيهِ وتوسيعِ شبكةِ الحمايةِ الإجتماعيةِ وعدمِ المَساسِ بالمقوماتِ الأساسيةِ للمواطنينَ وحمايةِ دخولهمْ منْ تداعياتِ سياساتٍ غرائزيةٍ شعبويةٍ كانت لو انجرّت خلفها الحكومة لا قدر الله إلى تآكل دخولهم بسببِ تضخمِ الأسعارِ وغيابِ الإستقرارِ المالي والنقدي، وهذا ما لن تسمحْ بهِ هذه الحكومة.
ورغمَ التحدياتِ الجيوسياسةِ إقليمياً وعالمياً، فإنّ ذلكَ لمْ يُثنِ الحكومةَ عنْ التراجعِ ولوْ قيدَ أُنْملةٍ عنْ نهجها الإصلاحيِ الذي أثبتَ مصداقيتَهُ وفاعليتَهُ في الحفاظِ على استقرارِ اقتصادنا وسلامةِ استقرارهِ الماليِ والنقديِ. وما كانتْ شهاداتُ المؤسساتِ الدوليةِ المختصةِ حولَ نجاحِ الحكومةِ في هذا المضمارِ إلاّ علامةً فارقةً للأردنِ بينَ العديدِ منْ دولِ العالمِ استحَّقها بجدارةٍ، وسطَ اضطراباتٍ عاتيةٍ ماجتْ بهذهِ الدولِ وأفقَدتها استقرارها الماليَ والنقديَ وتراجُعاً في تصنيفها الإئتمانيِ.
ولذلك، جاءت تَوَجُّهَاتِ اَلسِّيَاسَةِ اَلْمَالِيَّةِ في موازنة عام 2024 ترجمةً دقيقةً لسياسةِ الحكومةِ الثَابِتَةِ وَالرَاسِخَةِ والمستندةِ إلى مُسْتَهْدَفَاتٍ وَثَوَابِتَ مَالِيَّةً ستة تتضمن: عَدَمَ رَفْعِ اَلضَّرَائِبِ، أَوْ فَرْضِ ضَرَائِبَ جَدِيدَة، وَمُحَارَبَةُ اَلتَّهَرُّبِ وَالتَّجَنُّبِ اَلضَّرِيبِيِّ، وَرَفْعُ اَلْإِنْفَاقِ اَلرَّأْسِمَالِيِّ إِلَى مُسْتَوَيَاتٍ غَيْرِ مَسْبُوقَةٍ، وَتَعْزِيزُ اَلْإِنْفَاقِ عَلَى اَلْحِمَايَةِ اَلِإجْتمَاعِيَّةِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى اَلْمُقَوِّمَاتِ اَلْأَسَاسِيَّةِ لِلْمُوَاطِنِينَ، وَرَفْعُ نِسْبَةِ تَغْطِيَةِ اَلْإِيرَادَاتِ اَلْمَحَلِّيَّةِ لِلنَّفَقَاتِ اَلْجَارِيَةِ، وَتَرَاجُعُ اَلْعَجْزِ اَلْأَوَّلِيِّ وَالدَّيْنِ اَلْعَامِّ كَنِسْبَةٍ مِنْ اَلنَّاتِجِ اَلْمَحَلِّيِّ اَلْإِجْمَالِيِّ، تقوم بتَنْفِيذِهَا بِطَرِيقَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَمَنْهَجِيَّةٍ.
ولا شك، أنَ الإصلاحاتِ الهيكليةِ العميقةِ تُهيّئُ البيئةَ المناسبةَ للنموِ الإقتصاديِّ المستدامِ الذي يُعتبرُ حجرَ الرَّحَى في تقليصِ مؤشراتِ عجزِ الموازنةِ والدينِ العامِ، ومعالجةِ تحدي البطالةِ الذي يتطلبُ استعادةَ زخمِ النموِ الإقتصاديِّ بمعدلاتٍ مرتفعةٍ تؤدي إلى خلقِ الوظائفِ في قطاعِنا الخاص. وفي الواقعِ، لن يكون هناك نموٌ إقتصاديٌ مستدام بدونِ استقرارٍ ماليٍ ونقديٍ، وهذه حقيقةٌ اقتصاديةٌ لا اختلافَ فيها.
ولا بدَ أنْ أؤكدَ على أنَ تحقيقَ معدلاتِ نموٍ مرتفعةٍ وخفضَ معدلاتِ البطالةِ إلى المستوى المقبولِ لنْ يَحدثَ تلقائياً، وهذا الأمرُ يتطلبُ تسريعَ وتيرةِ النموِ عبرَ خفضِ تكلفةِ الإنتاجِ وَإِيجَادِ تَغيِيرٍ هَيكَلِيٍّ وَحَقِيقِيٍّ لِتَسْهِيلِ اَلْإِجْرَاءَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ ورفع تنافسية الإقتصاد لجذب الإستثمار المحلي والأجنبي. مؤكداً على أنَ التحدياتِ التي نوهَ إليها تقريرُ اللجنةِ الموقرةِ كانتْ ستتضاعفُ حدّتُها وتتفاقمُ تداعياتُها لوْ لمْ تكنْ هذهِ الحكومةُ تملكُ الرؤيةَ الإستشرافيةَ في إدارةِ دفةِ السياسةِ الماليةِ والنقديةِ بحصافةٍ واقتدارٍ. وهذا ما أكدَ عليهِ إجماعُ مؤسساتِ التصنيفِ الإئتمانيِّ حولَ تثبيتِ التصنيفِ الإئتمانيِ لاقتصادِنا الوطنيِ معَ نظرةٍ مستقبليةٍ إيجابيةٍ أوْ مستقرةٍ ، ليكونَ الأردنُ هوَ الدولةُ الوحيدةُ في المنطقةِ المستوردةِ للنفطِ التي حافظتْ على تصنيفها الإئتمانيِ كما كانَ قبل جائحةِ الكورونا والحربِ الروسيةِ الأوكرانيةِ والركودِ التضخميِ وهذا في الواقعِ يدعو للثقةِ الكبيرةِ والاعتزازِ بإمكانتِنا وطاقاتِنا .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
إنَ التطوراتِ المتسارعةِ التي شهِدتْها السّاحتانِ العالميةُ والإقليميةُ على الصعيدينِ الإقتصاديِّ والسياسيِ جعلتْ منْ عمليةِ الإصلاحِ الماليِ والإقتصاديِ أكثرَ إلحاحاً مما كانتْ عليهِ في الماضي ، وهيَ السبيلُ الرئيسُ لمواجهةِ تحدياتِ هذهِ المرحلةِ التي نجمتْ عنْ عوامل خارجِ نطاقِ سيطرةِ الحكومةِ. كما وَاكَبَ إِعْدَادُ مَشْرُوعِ مُوَازَنَةِ عَامِ 2024 ظُرُوفاً غَيْرَ مَسْبُوقَةٍ وَتَحَدِّيَاتٍ خَطِيرَةٍ لِأُمَّتِنَا اَلْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ وَلْأُرْدنِّنَا اَلْغَالِي جَرَّاءَ اَلْحَرْبِ الإجرامية عَلَى غَزَّةَ. وعلى الرغمِ منْ ذلكَ، فقد استطاعَ الأردنُ أنْ يستوعبَ كعادتهِ جانباً كبيراً منْ الصدماتِ وأنْ يتجاوزَ بثباتٍ تداعياتِ هذهِ الأزماتِ، وتمكنَ على نحوٍ قلَّ نظيرهُ منْ تلبيةِ كافةِ الأهدافِ الرئيسيةِ في برنامجِ الإصلاحِ الماليِ، وأفضتْ الإصلاحاتُ الهيكليةُ والسياساتُ الماليةُ والنقديةُ الحصيفةُ إلى تعزيزِ منعةِ اقتصادنا الوطنيِ واستقرارهِ الماليِ والنقديِ، وحالتْ دونَ استفحالِ تداعياتِ الأزماتِ على المواطنِ والاقتصادِ والمستوى المعيشي للطبقة الوسطى، وعززتْ الثقةَ بالسياساتِ الحكوميةِ الماليةِ والإقتصاديةِ، والمصداقيةِ العاليةِ في الوفاءِ بالإلتزاماتِ، الأمرُ الذي مكّنَ الأردنَّ منْ الاتفاقِ في وقتٍ استباقي معَ صندوقِ النقدِ الدوليِ على برنامجٍ جديدٍ للإصلاحِ الماليِ وضعتهُ أيدٍ أردنيةٍ صقلتها التجاربُ وعَركَتْها السنينُ، لتواصلَ بذلكَ مسيرةَ الإصلاحِ والبناءِ على ما تحققَ منْ إصلاحاتٍ هيكليةٍ وتعزيزِ استدامتها .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
لقدْ طورتْ هذهِ الحكومةُ منْ توجهاتِ السياسةِ الماليةِ وقامتْ بإصلاحاتٍ تشريعيةٍ ومؤسسيةٍ لمعالجةِ التشوهاتِ والإختلالاتِ والثغراتِ في التشريعاتِ الضريبيةِ. ونجحتْ الحكومةُ في محاربةِ التهربِ الضريبيِ ومعالجةِ التجنّبِ الضريبيِ، وتمكنتْ منْ تحصيلِ حقوقِ الخزينةِ وإنفاذِ سيادةِ القوانينِ التي أقرها مجلسكمْ الموقر، الأمرُ الذي وفّرَ الحمايةَ لمواطنينا منْ أبناءِ الطبقةِ الوسطى منْ رفعِ المعدلاتِ الضريبيةِ والحلولِ السهلةِ غيرَ المنصفةِ التي أدّتْ تاريخياً إلى رفعِ الأعباءِ الضريبيةِ على الطبقةِ الوسطى ومحدودةٍ الدخلِ .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
وأمّا بِخصُوصِ ما أشارتْ إليهِ اللجنةُ الموقرةُ بأنَ الاستمرارَ في وضعِ موازناتٍ تتضمنُ زياداتٍ سنويةٍ على جميعِ بنودِ الموازنةِ ستكونُ لهُ نتائجٌ وخيمةٌ فيما يتعلقُ بنموِ المديونيةِ وخدمةِ الدينِ العامِ. فلا بُد من التأكيدِ على أنَّ الزيادةَ في الإنفاقِ الحكوميِ بالأرقامِ المطلقةِ يعتبرُ أمراً طبيعياً بسببِ الزيادةِ في عددِ السكانِ والتوسعِ في توفيرِ الخدماتِ الأساسيةِ الحكوميةِ التي تنتجُ عنْ ذلكَ. وفي هذا السياقِ، لا بدَّ من التوضيحِ بأنَّ طَبِيعَةَ اَلدَّوْرَةِ اَلإقْتِصَادِيَّةِ اَلَّتِي يَعِيشُهَا اَلِإقْتِصَادُ اَلْعَالَمِيُّ وَيَتَأَثَّرُ بِهَا اِقْتِصَادُنَا اَلْوَطَنِيُّ، جراءَ حَالَةَ اَلرُّكُودِ اَلِإقْتِصَادِيِّ تتطلبُ سِيَاسَاتٍ مَالِيَّةٍ مُعَاكِسَةٍ لِلدَّوْرَةِ اَلإقْتِصَادِيَّةِ لِتَحْفِيزِ اَلنَّشَاطِ اَلِاقْتِصَادِيِّ وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وهذا يتطلب زيادة اَلنَّفَقَاتِ اَلْحُكُومِيَّةِ دُونَ الإخلال بِالْأَهْدَافِ اَلْمَالِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ اَلْعَرِيضَةِ لِلْحُكُومَةِ. وبناءً على ذلكَ، تمّ إعدادُ موازنةِ 2024 لتتوافقَ معَ أولويةِ تعزيزِ النموِ لوضعِ البطالةِ على منحنى انخفاضٍ، وخاصةً لدى شبابنا الباحث عنْ العملِ، الأمرُ الذي استدعى تقديمَ موازنةٍ رأسماليةٍ هيَ الأكبرُ في تاريخِ الموازناتِ الحكوميةِ لتحفيزِ النشاطِ الإقتصاديِ وتوفيرِ مقوماتِ تحريكِ الإقتصادِ. ولأنَ مسؤوليةَ الحكومةِ المهنيةِ والأخلاقيةِ تقتضي توفيرَ الحمايةِ للمواطنينَ الأكثرَ هشاشةً وتأثّراً بتداعياتِ الأزماتِ، فقدْ تمَ زيادةُ مخصصاتِ صندوقِ المعونةِ الوطنيةِ وتوسيعِ شبكةِ الحمايةِ الإجتماعيةِ، وتوفيرَ المخصصاتِ الماليةِ لضمانِ استقرارِ أسعارِ السلعِ الأساسيةَ في السوقِ المحلي. ولأنَ الاستثمارَ في صحةِ مواطِننا وتعليمهِ هوَ الاستثمارُ الاستراتيجيُ الحقيقيُ لتحسينِ إنتاجيةِ الفردِ وضمانِ تحقيقِ معدلاتِ نموٍ اقتصاديٍ مستدامٍ فقدْ قامتْ الحكومةُ بزيادةِ مخصصاتِ التعليمِ والصحةِ في هذهِ الموازنة. وأما الزيادةُ في النفقاتِ الجاريةِ فقدْ جاءتْ مدفوعةً باستحقاقاتٍ لا يمكنُ التغاضي عنها أبرزها الزيادةُ السنويةُ الطبيعيةُ لرواتبِ العاملينَ والمتقاعدينَ العسكريينَ والمدنيينَ، حيثُ ورثتْ هذهِ الحكومةُ تراكماتِ عقودٍ طويلةٍ منْ هيمنةِ فاتورةِ رواتبِ أبنائِنا وبناتِنا في القطاعِ العامِ المدنيِ والعسكريِ التي تشكّلُ نحوَ 61 بالمائةِ منْ إجماليِ النفقاتِ الجاريةِ. إضافةً إلى زيادةِ مخصصاتِ فوائدِ الدينِ العامِ بنحوِ 277 مليونِ دينارِ جراءَ الإرتفاعَ في أسعارِ الفائدةِ العالميةِ، وتخصيصِ مبلغ 100 مليونِ دينارٍ للنفقاتِ الطارئةِ للتعاملِ مع تطوراتِ حالةِ عدمِ وضوحِ الرؤيا جيوسياسياً.
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
إنَ ما حققناهُ جميعاً منْ استقرارٍ ماليٍ ونقديٍ يُعزى بلا شكٍ إلى حصافةِ السياساتِ الماليةِ والنقديةِ التي نفذتها الحكومةُ والبنكُ المركزيُ، والتي أوجَدتْ بيئةً مواتيةً لتحفيزِ النشاطِ الإقتصاديِ، وعززتْ استقرارَ الإقتصادِ الوطنيِ وعمقتْ الثقةَ بهِ وفي بيئةِ الإستثمارِ السائدةِ ومكنتْ القطاعاتِ الإقتصاديةِ منْ تحقيقِ أداءٍ إيجابيٍ في عامِ 2023، والواقعُ شاهدٌ على آثارِ هذهِ السياساتِ الحصيفةِ في الحفاظِ على المستوى المعتدلِ في ارتفاعِ الأسعارِ وحمايةِ القوةِ الشرائيةِ لدخولِ المواطنينَ في وقتٍ تدهورتْ فيهِ دخولُ المواطنينَ في دولٍ أخرى، وتعزيزِ زخمِ الإيراداتِ المحليةِ وتحقيقِ العدالةِ الضريبيةِ والإستقرارِ الضريبيِ بما يسهمُ في جذبِ الإستثماراتِ الخارجيةِ وتحسينِ مؤشراتِ الإعتمادِ على الذاتِ في تغطيةِ النفقاتِ، إضافةً إلى الحفاظِ على التصنيفِ الإئتمانيِ الأردنيِ وتعزيزِ مكانةِ الأردنِ في الأسواقِ الماليةِ العالميةِ والحصولِ على التمويلِ اللازمِ بتكلفةٍ أكثرَ انخفاضاً، علاوةً على تسجيلِ أعلى مستوى لاحتياطياتِ المملكةِ منْ العملاتِ الأجنبيةِ بما يعكسُ قوةَ الدينارِ الأردنيِ وجاذبيتهِ كوعاءٍ ادخاريٍ.
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
خلالَ أربعِ سنواتٍ، نجحتْ الحكومةُ في رفعِ الإنفاقِ الرأسماليِ ومخصصاتِ الحمايةِ الإجتماعيةِ إلى أعلى مستوياتٍ تاريخيةٍ لتصلَ إلى 1729 مليونِ دينار و2349 مليونِ دينار على الترتيب، والإيفاءِ بالتزاماتها ورفعِ نسبةِ تغطيةِ الإيراداتِ المحليةِ إلى النفقاتِ الجاريةِ إلى 90 بالمائةِ، وخفضِ العجزِ الأولى منْ 4.4 بالمائةِ منْ الناتجِ المحليِ الإجماليِ إلى نحوِ 2.1 بالمائةِ، وخفضِ الدينِ العامِ منْ 88.8 بالمائةِ منْ الناتجِ المحليِ الإجماليِ إلى 88.3 بالمائةِ، وذلكَ عبرَ رفعِ الإيراداتِ المحليةِ منْ 7325 مليونِ دينارٍ إلى 9579 مليونِ دينارٍ بطريقةٍ عادلةٍ عبرَ تعزيزِ إيراداتِ ضريبةِ الدخلِ منْ 1180 مليونِ دينارٍ إلى 1950 مليونِ دينارٍ، ونجحتْ في الوفاءِ بالتزامها بعدمِ رفعِ النسبِ الضريبيةِ على المواطنينَ أوْ فرضِ ضرائبَ جديدةٍ. كما نجحتْ الحكومةُ في الحفاظِ على التصنيفِ الائتمانيِ، وإنهاءِ برنامجٍ كاملٍ معَ صندوقِ النقدِ الدوليِ بنجاح، ووضعِ برنامجٍ جديدٍ بأيدٍ أردنيةٍ، وبالتالي نجحتْ في حمايةِ دخولِ ومدخراتِ ومقدراتِ الطبقةِ الوسطى بخلافِ ما جرى في دولٍ أخرى. ولمْ تنجحْ الحكومةُ في هذا في وقتِ الرخاءِ، بلْ نجحتْ في زمنِ الكورونا والحربِ الروسيةِ الأوكرانيةِ وما تلاها منْ ركودٍ تضخميٍ، ورغمَ العدوانِ الإجراميِ على غزةَ .
وبالتالي أثبتتْ الحكومةُ أنَّ هذهِ السياسةِ الماليةِ والنقديةِ هيَ السبيلُ السليمُ لإدارةِ مقدراتِ الدولةِ لحمايةِ الطبقةِ الوسطى وتعزيزها .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
وإذْ تعرضُ الحكومةُ لمجلسكمْ الموقرِ أبرزَ ملاحظاتها حولَ ما تضمنهُ تقريرُ لجنتكمْ الماليةِ والإقتصاديةِ الموقرةِ لتؤكدُ على أنها على قناعةٍ تامةٍ بسلامةِ النهجِ الذي سارتْ عليهِ منذُ تشكيلها في التعاطي معَ الشأنِ الإقتصاديِ والماليِ. وإنْ كانتْ هذهِ الموازنةُ التي بينَ أيديكمْ لنْ تكونَ هيَ الحلُ الوحيدُ لكلِ المشاكلِ والتحدياتِ التي نمرُ بها ، فضلاً عنْ أنْ تتضمنَ كلُ ما نسعى لتحقيقهِ أوْ نرجوَ الوصولُ إليهِ، إلا أنها ستكونُ أداةَ الحكومةِ الفاعلةِ لتنفيذِ سياستها العامةِ والداعمَ الرئيسِ لها وعلى رأسها الحفاظ على الإستقرار المالي والنقدي. وأُؤكدُ لذواتكمْ الكرامِ، كما أكدتُ في كلمتي مؤخراً عقبَ تلاوةِ تقريرِ اللجنةِ الماليةِ لمجلسِ النوابِ الموقرِ على أنَّ ” الأردنَ قصةَ صمودٍ واعتدالٍ بفضلِ حكمةِ قيادتهِ الهاشميةِ والتفافِ الشعبِ حولها في وجهِ عواصفَ إقليميةٍ وعالميةٍ منذُ نشأتهِ، كانَ وسيستمرُ أبدُ الدهرِ مثالاً صادقاً في دعمِ قضايا أمتهِ العادلةِ وعلى رأسها القضيةَ الفلسطينيةَ. وهوَ ما ظهرَ جلياً خلالَ العدوانِ الغاشمِ على الأهلِ الأبرياءِ في غزةَ والإعتداءاتِ المستمرةِ في الضفةِ الغربيةِ. لمْ ولنْ يزاودْ أوْ يساومْ، وسيبقى باستقرارهِ السياسيِ والأمنيِ والماليِ السندَ الدائمَ للأهلِ في فلسطينَ. نعم، طموحنا لمواطنينا يتجاوزُ واقعنا بكثيرٍ، ولكن حُقَّ لنا أنْ نفخرَ بما أنجزنا، وبما حافظنا عليهِ، وبما رفضنا الإنجرارَ إليهِ، رسمنا خططنا بأيدينا لا بأيدٍ خارجيةٍ، وأَبَينا إلا أنْ نطبقها رغمَ العواصفِ والتحدياتِ.
نعمْ، نفخرُ بما حققنا منْ استقرارٍ، نعمْ نفخرُ بأننا أصبحنا نموذجٌ في الحفاظِ على الإستقرارِ الماليِ والنقديِ وبالتالي حمايةُ طبقتنا الوسطى. وحُقَّ لنا أنَ لا ندخلُ أنفسنا في متاهةِ السوداويةِ ورفضَ رؤيةَ ما تمَ إنجازهُ ونحنُ في خضمِ مئويتنا الثانية” .
دَوْلَةُ الرَّئيسِ،،
حضرَاتُ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ،،،،
أَرْجُو أَنْ أُؤَكِّدَ لِمَجْلِسِكُمْ الكَريمِ بِأَنَّ جَميعَ التَّوْصِيَاتِ الوارِدَةِ فِي تَقْريرِ اللَّجْنَةِ الماليَّةِ والِاقْتِصاديَّةِ، وَمُلاحَظاتِ وَتَوْصياتِ السّادَةِ الأَعْيانِ المُحْتَرَمِينَ سَتَحْظَى بِاهْتِمامِ وَتَقْديرِ الحُكومَةِ، وَسَتَبْذُلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِها لِتَنْفِيذِ مَا أَمْكَنَ مِنْهَا، وَسَتَبْقَى الحُكومَةُ عَلَى تَواصُلٍ مَعَ مَجْلِسِكُمْ الكَريمِ، تَجْسِيدًا لِلشَّرَاكَةِ الكامِلَةِ، وَلِتَحْقِيقِ المَصْلَحَةِ العامَّةِ، وَمواجِهَةِ اَلتَّحَدّياتِ بِكَافَّةِ أَشْكَالِهَا.
وَسَتَقُومُ الحُكومَةُ بِمُخاطَبَةِ جَميعِ الوِزَارَاتِ والدَّوائِرِ وَالوحداتِ الحُكوميَّةِ المَعْنيَّةِ بِاَلْتَوْصياتِ الوارِدَةِ فِي التَّقْريرِ ليُصارَ إلى إعدادِ تَقْريرٍ شامِلٍ وَمُفَصَّلٍ حَوْلَ مَا سَيَتِمُّ اتِّخاذُهُ مِنْ إجْرَاءَاتٍ تجاهَ هَذِهِ التَّوْصِيَاتِ وَتَزْويدِ مَجْلِسِكُمْ المُوقَّرِ واللَّجْنَةِ الماليَّةِ والِاقْتِصاديَّةِ بِنُسْخَةٍ مِنْ هَذَا التَّقْريرِ .
وقبلَ الختامِ، أرجو أنْ أنتهزَ هذهِ الفرصةَ لأُؤكدَ لمجلسكمْ الكريمِ على أنَّ القواتَ المسلحةَ والأجهزةَ الأمنيةَ تحظى بكلِ التقديرِ والدعمِ المستمرِ والمتواصلِ لضمانِ الاستقرارِ الأمنيِ الذي يشكلُ الركيزةَ الأساسيةَ للاستقرارِ الاقتصاديِ والماليِ. ولا يفوتنا أنْ نتوجهَ بالشكرِ والعرفانِ والتقديرِ للجهودِ الكبيرةِ التي تبذلها قواتنا المسلحةُ وكوادرها الطبيةُ لمساعدةِ الأشقاءِ في غزةَ والضفةِ الغربيةِ منْ خدماتٍ ومساعداتٍ طبيةٍ وإغاثيةٍ سواءً كانتْ منْ خلالِ المستشفياتِ الميدانيةِ العسكريةِ القائمةِ منها أوْ الجديدةِ، أوْ عبرَ عددٍ منْ عملياتِ الإنزالِ الجويِ لكسرِ الحصارِ على غزةَ وإيصالِ مساعداتٍ إغاثيةٍ وعلاجيةٍ عاجلةٍ لتلبيةِ الإحتياجاتِ الملحةِ للأشقاءِ في غزةَ. وعهدُ الحكومةِ لكمْ بتذليلِ كافةِ الأسبابِ لتمكينِ الجيشِ المظفرْ والأجهزةِ الأمنيةِ الباسلةِ منْ أداءِ مهامِها وواجباتِها بكلِ كفاءةٍ واقتدارٍ .
وفي الختامِ، أودُ أنْ أكررَ شكري وتقديري لمجلسكمْ الموقرِ، سائلاً اللهَ تعالى أنْ يحفظَ علينا نعمةَ الأمنِ والإستقرارِ التي نتمتعُ بها في أردنِّ الخيرِ والعطاء. وسيبقى الأردنُ بلدُ الهاشميينَ، قلبُ العروبةِ النابضِ، لا تنكسفْ شمسُهُ ولا ينخسفْ قمرهُ، توأمُ فلسطينَ، وحارسُ القدسِ والأقصى الشريفِ مهوى أفئدةِ العربِ وقبلةَ المسلمينَ الأولى.
سَائِلًا العَليَّ القَديرَ أَنْ يُوَفِّقَنا جَمِيعاً فِي خِدْمَةِ وَطَنِنَا اَلْحَبيبِ فِي ظِلِّ رَاعِي مَسيرَةِ البِناءِ والِازْدِهارِ جَلالَةَ مَليكْنا الْمُفَدَّى عبدُاللهِ الثَّانِي ابْنِ الحُسَيْنِ المُعْظَمِ حَفِظَهُ اللَّهُ وَرَعاه.