لم تدم الأسعار الجيدة للمحاصيل الزراعية المناسبة للمزارعين بالأغوار الجنوبية، سوى أسبوعين فقط لتعود وتتهاوى من جديد كما هو الحال كل موسم زراعي، ما افقدهم الأمل بتحسين ظروفهم بعد سنوات من الخسائر المتراكمة.
ودفعت الأسعار المتدنية العديد من صغار المزارعين إلى التوقف عن بيع منتجاتهم للأسواق المركزية للخضار والفواكة، بل بيعها للمواطنين عبر مزراعهم أو للباعة الموسميين على جوانب الطريق العام بالأغوار الجنوبية.
ووفقا للعديد من المزارعين فإن أسعار الخضار وصلت لمستويات غير مجدية حتى لقطافها. وبلغ سعر صندوق البندورة حوالي 60 قرشا، وهي التي يعتمد المزارعون عليها كثيرا، في حين أن بقية الخضار تباع بالأكوام بديلا عن بيعها بالكيلو.
ويقوم مزارعون ببيع منتجاتهم داخل المزرعة وعلى جانب الطريق العام المحاذي لمزارعهم باسعار متدنية جدا، على أمل الحصول على كلفة الإنتاج، خوفا من تكدس المنتجات بحقولهم وتلفها لاحقا.
وتشهد طرقات الأغوار الجنوبية، بشكل خاص، انتشار بسطات بيع الخضار مباشرة من المزرعة وبأسعار رخيصة كونها تشترى من إنتاج البساتين القريبة، ما يجعلها مقصدا لمئات الأسر من مناطق الكرك لشراء احتياجاتها، بأسعار مشجعة قياسا بأسعارها لدى محال البيع الأخرى.
ويستغل العديد من الشبان والسيدات المتعطلين بالأغوار الجنوبية هذه الفترة حيث وفرة الإنتاج بتجميع مبالغ مالية فيما بينهم، وشراء كميات من الخضار من البساتين وبيعها للمواطنين على الطرقات، دون أن يتكلفوا أي ضرائب أو إيجارات المحال التجارية، أو عمليات نقل للخضار بالمركبات الخاصة للنقل والتي تحتاج على كلفة عالية .
وبحسب العديد من المزارعين، فإن أسعار الخضار تدنت بشكل كبير منذ شهر، ووصلت إلى مستويات أصبح فيها جمع المحصول وتوريده إلى الأسواق المركزية مكلفا وغير مجد، ويؤدي إلى تعميق الخسائر المالية، مؤكدين أن سعر صندوق البندورة الذي يزن تقريبا 9 كلغم يباع بنصف دينار، والباذنجان يباع بسعر نصف دينار، وكيلو البصل يباع بحوالي 20 قرشا، وصندوق الكوسا بدينار، وغيرها من أصناف الخضار والفواكه الأخرى التي تحتاجها الأسر تباع بأسعار متدنية جدا .
وقالت السيدة أم احمد وتملك مزرعة صغيرة بغور المزرعة، إن المزارعين كانوا يأملون تحسن الموسم الزراعي وسداد ديونهم، مشيرة إلى أن تراجع الأسعار كثيرا أضر بهم مما أدّى إلى التوقف عن نقل الخضار إلى الأسواق، ببيعها على موقع المزرعة أو على جوانب الطريق العام على أمل تقليل الكلفة والحصول على مردود بسيط من المال.
وبينت أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين المارين بالطريق العام لشراء الخضار بالأسعار المتدنية، إضافة لقدوم أعداد كبيرة من المواطنين من بلدات وقرى الكرك لشراء الخضار واستغلال رخص ثمنها، وشراء كميات كبيرة ولفترة طويلة، فضلا عن قضاء وقت بمناطق الأغوار الجنوبية خلال موسم الشتاء .
وأكد صاحب بسطة خضار على طريق الأغوار الجنوبية علي النواصرة، إنه يستغل فرصة تراجع أسعار الخضار هذه الفترة وبشكل كبير وتوفرها بكميات كبيرة، والقيام بشراء الخضار من المزرعة مباشرة وبيعها للمواطنين وخاصة العابرين على الطريق العام، مشيرا إلى إن هذا العامل يوفر فرصة عمل موسمية تمتد لفترة ثلاثة أشهر، وتعد مصدر دخل جيد لأسرته التي لا يعمل أي من أفرادها طوال العام.
وقال المواطن شامان القسوس من سكان مدينة الكرك، إنه يذهب للأغوار الجنوبية للاستمتاع بالأجواء الدافئة وشراء الخضار التي يحتاجها مباشرة، من المزارع لدى المواطنين بالغور وبأسعار متدنية وطازجة من الحقل مباشرة، لافتا إلى أن الأسرة اعتادت في كل موسم القدوم للاغوار والقيام بقطاف الخضار التي نريدها مباشرة من الحقل بالتعاون مع المزارعين .
وقال المزارع ياسر الموصلي، إن أسعار الخضار والفواكه المنتجة، تراجعت بشكل كبير ووصلت لمستويات صعبة ولا تحقق أي عائد من كلفة الإنتاج، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة من التجار الصغار، يقومون بشراء الخضار من البستان مباشرة لقربها من مواقع البيع وبأسعار مناسبة للجميع، لافتا إلى أن على الأجهزة المعنية توفير أسواق شعبية لبيع الخضار التي يتم شراؤها من المزارع بشكل مباشر، لتجنيب المزارعين حلقة الكلف الكبيرة عليهم من القطاف والنقل والتسويق وغيره من الرسوم البلدية .
وتشير إحصائيات مديرية زراعة الاغوار الجنوبية، إن الموسم الحالي يشهد انخفاضا في مساحات الأراضي الزراعية التي زرعت بمحصول البندورة قياسا مع مواسم سابقة، حيث زرع ما مساحته 9200 دونم فقط، لصالح محاصيل أخرى مثل البصل5650، الثوم 1600، الحمص 1350، الباذنجان 1100، والفلفل الحار 900، الفاصولياء 1250، الفول 650، الكوسا 480، الذرة 1100، ما يؤدي إلى توريد كميات مناسبة للسوق تبقى الأسعار جيدة.