نشرت صحيفة “فزغلياد” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن احتدام الصراع بين الأقاليم الجمهورية والمركز الفيدرالي بعد أن أعلن حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس نشر قوات الحرس الوطني في تكساس لحماية الحدود الجنوبية للبلاد.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير، إن هذه التعزيزات ستساعد السلطات المحلية على اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التهديد الذي يشكله المهاجرون غير الشرعيين على الحدود الجنوبية للبلاد، وذلك حسب حاكم ولاية فلوريدا.
وشدد دي سانتيس على أن الولايات لها كل الحق في حماية الأراضي المجاورة للدول الأخرى بشكل مستقل، مؤكدا أنه لا يريد أن يكون جزءا من حكومة اتحادية “تحاول إزالة هذه الحواجز والسماح للمزيد من المهاجرين غير الشرعيين بالدخول”، واصفا مثل هذه التصرفات من قبل السلطات بأنها “جنونية”.
لهذا السبب، قررت فلوريدا رسميا مساعدة ولاية تكساس على “زيادة تواجدها” في المناطق الحدودية عبر إرسال كتيبة واحدة من الحرس الوطني إلى المنطقة. وبالإضافة إلى المساعدة في تنظيم الدوريات، وعد ممثلو الوحدات أيضًا بالمشاركة في وضع الأسلاك الشائكة التي بدأت القوات المحلية تركيبها بالفعل.
وأضافت الصحيفة أن ممثلي الحرس الوطني في تكساس سيطروا على شيلبي بارك وبدأوا اتخاذ إجراءات مستقلة لردع المهاجرين. قبل ذلك، لم تسمح سلطات الولاية لقوارب دورية الحدود الفيدرالية بالخدمة في المنطقة المحددة. وبشكل عام، تعتبر علاقات الولاية مع واشنطن صعبة تقليديا، وما قضية الهجرة إلا مجرد انعكاس لتناقضات أعمق.
مع ذلك، حظيت مبادرات تكساس هذه المرة بدعم 25 حاكما جمهوريا من مناطق أخرى من البلاد اتهموا في خطابهم البيت الأبيض وجو بايدن بعدم الرغبة في حماية الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مؤكدين أن سياسات الرئيس الحالي جعلت الدولة “معرّضة تمامًا لتدفق غير مسبوق من المهاجرين غير الشرعيين”.
من جهته، لا يستبعد رئيس ولاية أوكلاهوما كيفن ستيت إرسال ولايته وحدة من الحرس الوطني إلى تكساس منتقدا قرار إدارة بايدن البدء في تفكيك جدار الأسلاك الشائكة الذي بناه سكان المنطقة واصفا إياه بالجنون. وقال حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت: “لو أن الرئيس بايدن تعامل مع القضايا الداخلية الحقيقية ولم يحاول اللعب مع بوتين، الذي يحتاج أولاً إلى أن يتعلم منه العمل لصالح بلاده، لكان كل شيء مختلفا”.
وحسب الصحيفة، يشير مجتمع الخبراء إلى أن الوضع الحالي ينطوي على احتمال كبير للتصعيد. وقد اتخذت الأطراف المتصارعة مواقف صارمة للغاية، مستبعدة عمليا التوصل إلى حل وسط لهذه القضية. وفي الوقت نفسه، ستكون المواجهة المستمرة بين الولايات والمركز الفيدرالي ذات أهمية حاسمة في الانتخابات المقبلة.
ونقلت الصحيفة عن الخبير السياسي بوريس ميزويف قوله إنه “يمكن تسمية الحركة الجنوبية الناشئة بالرد الجمهوري على حركة حياة السود مهمة، التي نشأت عشية الانتخابات الرئاسية، وترسم بوضوح خطًا فاصلاً بين مؤيديها ومعارضيها. ولن تتمكن إدارة جو بايدن من تجاهل الحركة”.
وأضاف ميزويف أنه “رغم حقيقة أن المعارضة الظاهرة في الولايات الجمهورية تطالب بشدة بضرورة حل أزمة الهجرة، إلا أن طموحهم الرئيسي هو مصير دونالد ترامب. وعلى الأرجح يهدف احتجاجهم بشكل مباشر إلى جذب انتباه الجزء المحافظ من الجمهور، الذي يُريد رؤية مرشحه في الانتخابات المقبلة.
وتابع ميزويف أنه “في حال قررت الحكومة الفيدرالية السماح لترامب بالمشاركة في السباق الانتخابي، فأعتقد أن كل التناقضات ستختفي تدريجيًا. مع ذلك، إن زيادة درجة التصعيد والدخول في مواجهة حقيقية مع واشنطن ليس في صالح تكساس أو فلوريدا. ولا يزال خطاب حكامهما أكثر تشددا من نواياهم الحقيقية”.
وذكر ميزويف أنه “إذا استمرت إدارة بايدن في اضطهاد ترامب، وترشح بعد ذلك الرئيس الحالي لولاية ثانية، فمن المحتمل أن يتبع الجمهوريون السيناريو الأوكراني، بإعلان رئيس الدولة غير شرعي. وفي هذه الحالة، قد يتصاعد الوضع إلى الحد الأقصى”.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير فاسيليف، أن المواجهة بين الولايات الجنوبية والمركز الفيدرالي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار حصريًا في سياق الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة. وتحاول الولايات التي يتولى فيها حكام جمهوريون السلطة رفع مستوى التصعيد من أجل جعل بايدن يبدو زعيما ضعيفا”.
أوضح فاسيليف “ينشأ موقف غير معتاد بالنسبة لأمريكا عندما يعطي عدد من الولايات الأولوية لحرس الحدود الخاص بها على حساب الحراس الفيدراليين. إن التصرف في مثل هذه الظروف الصعبة سيكون صعبًا حتى على أعظم قادة الولايات المتحدة، ناهيك عن رئيس مثل جو بايدن. إن تحدي تكساس يخلق توترًا خطيرًا داخل الحزب الديمقراطي لا سيما بعد شكوى ممثلي الأقليات من أمريكا اللاتينية من أن بايدن غير قادر على إيقاف “المتطرفين” الذين يعلنون صراحةً رغبتهم في فرض السيطرة على الحدود”.
وذكر فاسيليف أن أطراف النزاع داخل الولايات المتحدة دفعت بعضها البعض إلى وضع صعب الأمر الذي سيؤثر بالتأكيد على نتيجة الانتخابات المقبلة، حسب التقرير.