نُشر في “إسرائيل” تقارير عن وضع المستوطنات شمالي فلسطين المحتلة، ورد فيها أنّ هدوءاً قاتلاً ومشؤوماً ومخيفاً يسود المنطقة، بحيث أصبح منطقةً مهجورةً. وعرضت التقارير أيضاً شهاداتٍ لعدد من مستوطني الشمال الذي أخلوا من منازلهم، تحدّثوا فيها عن الواقع السيء، والمشاعر التي تسيطر عليهم، فقالوا إنّ “إسرائيل” فقدت الشمال، وفي كل يوم يأتي إليه أشخاص مع سيارات شحن، يأخذون كل شيء، ويرحلون.
ويستمّر السّجال، لا بلْ يتأجج، بخصوص إعادة مستوطني الحدود الشماليّة مع جنوب لبنان إلى منازلهم في النقاشات الداخليّة التي تجري بشكلٍ خاصٍّ بين ضباطٍ كبار. فقد أعرب قائد اللواء 769، في جيش الاحتلال العقيد آفي مرتسيانو، عن دعمه إعادة مستوطني بلدات الشمال والمستوطنات المحاذية غير المكشوفة أمام الصواريخ المضادّة للدروع إلى منازلهم، فيما قال اللواء في الاحتياط إسرائيل زيف: “مدينة كريات شمونة، (التي أقيمت على أرض البلدة الفلسطينيّة الخالصة في العام 1949)، مدينة أشباح وما يحدث هو 1701 معكوس ونحن من انسحب إلى الخلف”، على حدّ تعبيره.
وبحسب كلامه، فإنّ: “كل يوم لا يعود فيه السكان إلى منازلهم تُنقل رسالة تخلٍ إلى العدو”، بينما يعارض رؤساء السلطات العودة إلى المستوطنات طالما لا توجد ضمانات أمنية.
في هذا السياق، قال رئيس بلدية “كريات شمونة” أفيحاي شتيرن: “لو اهتموا بتحصين الشمال كما يجب، كان يمكن التفكير بالعودة، لكن طالما التهديدات موجودة فإنّنا لن نعيد السكان، فكيف يمكن إدارة روتين المدارس ورياض الأطفال، حيث يوجد تهديد صواريخ وإطلاق من دون إنذار؟ ولو استثمروا موارد في تحصين الشمال، فهذه قصة مختلفة، لكن عندما توجد فجوات مختلفة في التحصين، كيف يمكنك حتى أن تقول ذلك؟”.
وأضاف: “يجب إعادة سكاننا عندما يجدون حلولاً لمشكلتين، الأولى إطلاق الصواريخ المضادة للدروع بشكلٍ مباشرٍ، والثانية تسلّل عناصر حزب الله”.
على صلةٍ بما سلف، رأى اللواء في الاحتياط الإسرائيلي، غرشون هكوهين، أنّ حزب الله نجح، عبر جهدٍ بسيطٍ حتى الآن، في منع الإسرائيليين من العودة إلى منازلهم في الشمال، ويبلغ عدد المهجرين من بيتوهم حوالي المائة ألف، ولا تبدو بشائر بعودتهم قريبًا إلى ديارهم، لأنّهم يرفضون العودة طالما بقي حزب الله على الحدود، ويُطالِبون حكومتهم بإبعاده إلى نهر الليطاني لدرء خطر القصف بالصواريخ.
وقال للقناة الـ 12 العبريّة إنّ “حزب الله نجح، من خلال جهد بسيط، يتمثل بإطلاق بين 3 و4 صواريخ في اليوم، وعدة مسيّرات، في أن يمنعنا من القول للإسرائيليين عودوا إلى منازلكم”، مشيراً إلى أنّ “إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين أمر صعب”.
وأضاف أنّ حزب الله “نجح أيضاً في المحافظة على عدم تدهور المواجهات إلى حرب شاملة”، موضحاً أنّ “قائد المنطقة هناك فهم، منذ البداية، أنّه في وضع دفاعي، مع قيود، بحيث إن المطلوب منه عدم التصعيد على نحو يؤدي إلى حرب شاملة”.
وشدد على أنّ ما يجري عند الحدود الفلسطينية مع لبنان هو حرب قاسية، وتستغرق وقتاً، وليس لدينا نية في أنْ تفقد منطقة الشمال قدرتها”.
وفي سياق متصل، قالت النائبة السابقة في الكنيست الإسرائيليّ، عن حزب (هناك مستقبل)، نيرا شافيك، إنّ “هناك حربًا عصريّةً في الشمال”، مؤكدةً أنّ المقاومة الإسلاميّة في لبنان “احتلت المستوطنات في الشمال من دون إدخال أيّ قوّةٍ”، كما احتلت المقاومة الفلسطينية في غزّة مستوطنة (كفار عزة)، طبقًا لأقوالها.
وقال المسؤول السابق في جهاز الأمن العّام (شاباك) دفير كاريف، للقناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ إنّ “إسرائيل تتواجد عمليًا في حرب لبنان الثالثة، وحزب الله لديه قوة أكبر كثيرًا من حماس، وقوة النيران هناك مغايرة تمامًا”.
ورأى أنّ “السؤال هو هل ستبدأ حرب حقيقية في الشمال، وهل القوة الحربية الإسرائيلية ستكفي في مقابل حزب الله؟”، آملاً أنْ “تبقى المواجهات عند هذا المستوى وأقل”، بحسب تعبيره، معترفًا بوجود إصاباتٍ من جراء عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان.
أمّا رئيس اتحاد الطيارين الإسرائيليين، المقدم في الاحتياط، ميدان بار، فأشار إلى أنّ “هناك صناعة عسكرية متطورّة في الشرق الأوسط”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه جرى نقل هذا التطوير، قائلاً: “مَنْ كان يصدق أنّهم سيقومون بتطوير صواريخ في غزة وفي الضفّة الغربيّة”.
وتطرق بار إلى المشاهد والمعلومات التي تنشرها المقاومة الإسلامية في لبنان، ووصف هذا الأمر بالمخيف، “وخصوصًا عندما ترى أنّ لديها صواريخ مثل صاروخ من طراز (البركان)”.
وقال (حزب الله) إنّه استهدف بصواريخ الكاتيوشا وصواريخ حارقة ومسيرات انقضاضية، مواقع عسكرية ومستوطنات شمال إسرائيل، ردًا على استهداف منازل ومدنيين جنوب لبنان.
وجدّدّ الحزب تأكيده أنّ “المقاومة لن تتهاون إطلاقًا بالمسّ بالمدنيين ولن تسمح باستباحة قرانا وبلداتنا، وستردّ على أيّ اعتداءٍ بضرب المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة”، على حدّ تعبير البيان.