يبدأ التحضير لموسم صناعة الألبان الذي تشتهر به محافظة جرش وسط مخاوف من “أزمة تسويق” قد تلحق الخسائر بمئات الأسر التي تعتمد على هذا النوع من النشاط الاقتصادي في تأمين جزء كبير من دخلها السنوي.
هذه المخاوف مردها الحالة الراهنة التي تظهر تراجعا في القدرة الشرائية لغالبية المواطنين وتراجعا كبير في نشاط السياحة المحلية والخارجية في محافظة جرش والتي تعد أحد أهم نوافذ تسويق منتجات الألبان الجرشية.
ورغم أن الحكم على الموسم ما يزال مبكرا، إذ إن ذروة التسويق تتزامن هذا العام مع شهر رمضان، بيد أن عمليات الانتاج من المفترض أن تبدأ خلال هذه الأيام التي تشهد وفق عاملين بالقطاع توفر كميات كبيرة من الحليب وبأسعار جيدة.
ويخشى العاملون في هذه الصناعة من تأثر تراجع السياحة الداخلية بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها المنطقة على حركة البيع التي كانت تعتمد على السياحة الداخلية في السنوات السابقة والخيار شبه الوحيد أمامهم لتسويق منتوجاتهم محليا.
تقول المنتجة والمختصة بصناعة الالبان ومشتقات الحليب جميلة أبو ملحم، إن كميات الحليب هذا الموسم متوفرة بشكل جيد، وهي المادة الخام لصناعة الألبان في جرش، نظرا لنمو مساحات واسعة من المراعي الخضراء مبكرا، ما زاد من كميات حليب الأغنام والأبقار ونشط العمل في صناعة الألبان التي تتمزي بها محافظة جرش ويطلبها الزوار نظرا لجودتها وتميز مذاقها وإتقان صنعها في معامل الجمعيات والمطابخ الإنتاجية ومطابخ السيدات الجرشيات، حتى تحول المنتج الجرشي إلى بصمة في سياحية المنتجات على المستويين المحلي والخارجي.
وأوضحت أن كميات الإنتاج وفيرة هذا الموسم، إلا أن الحركة السياحة متواضعة وهو ما انعكس على حجم المبيعات، لافتة إلى ضرورة أن يكون هناك جهود مشتركة من أجل تسويق المنتج الجرشي، نظرا لضعف السيدات في هذه الصناعة بعمليات التسويق على مستوى واسع، إذ يقتصر تسويقهن على نطاق ضيق لا يغطي تكاليف العمل.
وأضافت أنها بدأت من خلال مطبخها الإنتاجي في منزلها بإنتاج كميات جيدة من الألبان ومن المتوقع أن تزيد كميات الإنتاج نظرا لوفرة الحليب الطازج يوميا بأسعار مناسبة إلا أن التسويق ما يزال متواضع نظرا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها غالبية المواطنين في حين أن المنتجين يجب أن يستفيدوا من قرب موعد شهر رمضان المبارك وحاجة الأسر للمونة الغذائية.
وتقول رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية ومديرة مطبخ إنتاجي نبيلة محمود إن المطابخ الإنتاجية ومعالم الألبان وهي مشهورة ومعروفة بتاريخها وجودة عملها ودقة صناعة المنتج في محافظة جرش، بدأت بالإنتاج بوقت مبكر هذا العام، نظرا لوفرة المراعي التي رفعت كميات إنتاج الحليب وبدأ العمل في إنتاج مشتقات الألبان وتخزينها في الثلاجات لحين بيعها، مع العلم أن أنواعا محددة يمكن تخزينها وباقي الأنواع يجب بيعها وتسويقها في أسرع وقت ولا تتحمل التخزين لفترات طويلة.
وترى أن حركة البيع في بدايتها مناسبة نظرا لظروف المواطنين وحاجتهم في هذا الوقت لوسائل التدفئة كأولوية، ومن المتوقع أن تنشط الحركة الشهر المقبل قبيل حلول شهر رمضان المبارك وحاجة الأسر لتوفير المونة الغذائية من منتوجات الألبان والأجبان بشكل خاص.
ودعت إلى ضرورة تسويق هذه الصناعة كنوع من أنواع السياحة الداخلية من خلال تنظيم رحلات سياحية وعمل بازارات ومعارض تكون بمثابة نافذة تسويقية للمنتجات الجرشية.
وترى المنتجة مريم فريحات أن هناك حاجة لإنشاء سوق دائم لعرض منتوجات محافظة جرش، على ان يكون قريبا من موقع المدينة الأثرية، ليسهل على جميع الزوار زيارته ويمكن المزارعين والحرفيين والمهنيين من عرض منتوجاتهم، خاصة وأن المنتوجات متوفرة ومتنوعة وبكميات كبيرة جدا وتغطي حاجة آلاف الزوار، في المقابل فإن الفرص التسويقية ما تزال محدودة، ومن غير الممكن تطوير هذه الصناعة المحلية التي توظف آلاف العاملين في ظل ظروف تسويقية صعبة.
وترى بأن إعادة إحياء المهرجانات الثقافية والتسويقية والفنية والسياحية في مدينة جرش التي كانت تقام سابقا أمر ضروري، ومن شأن ذلك أن يوفر فرص تسويقية وترويجية للمنتج الجرشي.
ويقدر عدد معامل الألبان المرخصة في محافظة جرش بـ75 معملا وعدد الماعز والضأن بلغ 65050 رأسا، فيما هناك 1632 رأسا من الأبقار، وفق بيانات رسمية.
إلى ذلك، أكد مدير زراعة جرش الدكتور فايز الخوالدة أن سبب تميز محافظة جرش بصناعة الألبان ومشتقاتها هو أعداد المواشي والأبقار الموجود فيها، وزيادة عدد مربي الماشية من أرباب الأسر، فالمستهلك يثق دائما في نظافة وجودة المنتج الذي يخرج من المنازل.
وقال إن محافظة جرش من المجتمعات القروية وتعتمد على تربية المواشي في توفير مصادر رزق إضافية وأساسية، فضلا عن موقعها الاستراتيجي والسياحي وقربها من جميع المحافظات، ونشاطها السياحي على مدار العام.
وأضاف أن سبب تميز صناعة الألبان في محافظة جرش هو نوع التغذية التي تقدم للمواشي، وهي الأعشاب الطبيعية التي تزيد بدورها من جودة ونوعية المنتج.
ويرى الخوالدة أن نسبة الأمطار هذا الموسم جيدة، وقد ارتفعت كميات انتاج الحليب بعدما نبتت المراعي مبكرا، لاسيما وأن الهطل المطري يساهم في زيادة كميات ورقعة المساحات الخضراء ونمو الربيع وزيادة المخزون المائي في التربة وآبار المزارعين وينشط الإنبات الرعوي الذي يعتمد عليه مربو الماشية في توفير المادة العلفية في فصل الربيع.