
اخبار ع النار-في زمن ما قبل اختراع الكهرباء وسيطرة الشاشات على حياتنا، كان البشر يعيشون إيقاعا ليليا مختلفا كليا عما نعهده اليوم.
فبدلا من “النومة الطويلة المتصلة”، كان الناس يتبعون نمطا فريدا يعرف بـ “النوم ثنائي الطور” Biphasic Sleep.
كيف كان يبدو ليل الأجداد؟
تكشف الدراسات والسجلات التاريخية أن هذا النمط كان شائعا لقرون في أوروبا وأفريقيا وأسيا.
حيث كان الناس يأوون إلى فراشهم بعد غروب الشمس بقليل، ليناموا لمدة تقارب أربع ساعات النوم الأول.
وبعد ذلك، يستيقظون حوالي منتصف الليل لممارسة أنشطة هادئة لمدة ساعة أو ساعتين، مثل: الصلاة، القراءة، التأمل، الحديث مع الأهل، أو حتى إشعال النار وكتابة الرسائل، قبل العودة للنوم مجددا النوم الثاني حتى بزوغ الفجر.
ليس أرقا.. بل فطرة بيولوجية
يؤكد العلماء أن هذا الاستيقاظ الليلي لم يكن يعتبر “أرقا” أو مشكلة صحية، بل كان “توقفا طبيعيا” يتناغم مع الساعة البيولوجية للجسم.
وكانت هذه الفترة الفاصلة تعد وقتا لـ “الصفاء الذهني والإبداع”، بعيدا عن القلق الذي يصيب الإنسان المعاصر عند استيقاظه ليلا.
دور “الميلاتونين” وتأثير الضوء
يلعب هرمون “الميلاتونين” دورا حاسما في هذه العملية. ففي غياب الإضاءة الاصطناعية، يبدأ إفراز هذا الهرمون مباشرة بعد الغسق، مما يهيئ الجسم للنوم المبكر.
لكن الثورة الصناعية وانتشار المصابيح الكهربائية غيرا كل شيء؛ إذ أدى التعرض للضوء ليلا إلى “تأخير إفراز الميلاتونين”، مما دفع الناس للسهر لفترات أطول، وبالتالي “دمج فترتي النوم في كتلة واحدة متواصلة” للتأقلم مع جداول العمل الصارمة.
هل نعود للماضي؟
تشير أبحاث حديثة إلى أن بعض الأشخاص الذين يستيقظون ليلا قد لا يعانون من الأرق فعليا، بل إن أجسادهم “تردد صدى إيقاعات النوم القديمة”.
ويرى خبراء أن فهم هذه الظاهرة يساعد في تقليل التوتر المرتبط بالاستيقاظ الليلي. ورغم صعوبة تطبيق النمط القديم في حياتنا المعاصرة، إلا أن البعض يعيد النظر فيه لتعزيز التركيز والحالة المزاجية، مستفيدين من مرونة ساعات العمل.
الخلاصة: إن الراحة الحقيقية لا ترتبط فقط بعدد الساعات المتواصلة، بل بمدى “انسجام الجسم مع إيقاعه الطبيعي”، سواء كان ذلك بنومة واحدة أو اثنتين.