​جمعية المسار الوطني تطرح أخطر الأسئلة: الأردن ومعادلة الحياد المستحيل في صراعات الإقليم الملتهبة

​جمعية المسار الوطني تطرح أخطر الأسئلة: الأردن ومعادلة الحياد المستحيل في صراعات الإقليم الملتهبة

​تحت عنوان الأردن ومعادلة الحياد المستحيل (بين الأمن الوطني وصراعات الإقليم: قراءة في خيارات الأردن)، عقدت جمعية المسار الوطني السياسية ندوتها الحوارية الثانية يوم السبت في مقر الجمعية، حيث جمعت الندوة نخبة من الخبراء لمناقشة خيارات المملكة الاستراتيجية في مواجهة التحديات الجيوسياسية غير المسبوقة التي تحيط بها.
و​في مستهل الندوة، شددت الجمعية على الإشكالية المركزية التي تحاصر صانع القرار الأردني، والمتمثلة في معادلة الحياد المستحيل. وأوضحت أن موقع الأردن في قلب الإقليم المشتعل يجعله يتلقى ارتدادات النزاعات الكبرى، من حرب إسرائيل وإيران والتهديدات الأمنية المباشرة، وصولاً إلى استمرار الإبادة في غزة وما تفرضه من ضغوط شعبية وسياسية على عمان.
​هذه الوقائع تضيّق خيارات الأردن بين الحفاظ على أمنه الوطني وتوازناته الداخلية، والاضطرار للتعاطي مع التزامات إقليمية ودولية لا يمكن الانفكاك عنها، مؤكدة أن الأردن لا يمتلك ترف الاصطفاف الكامل دون أن يدفع أثماناً أمنية واقتصادية باهظة. ويضاف إلى تعقيد الموقف ما يشهده الداخل من تحديات اقتصادية واجتماعية وتراجع في ثقة المواطن بالمؤسسات.

​الأمن والسيناريوهات والتحالفات

​قدم المتحدثون قراءة معمقة لأبعاد هذه المعادلة، حيث أكد معالي الدكتور مروان جميل المعشر (رئيس الندوة) أن الأمن الوطني هو البوصلة التي توجه أي خيار استراتيجي للأردن في هذه المرحلة. مشيراً إلى أن الأهمية الجيوسياسية للمملكة تفرض عليها البحث الدائم عن توازنات دقيقة في الإقليم المشتعل.
​ودعا الدكتور المعشر إلى ضرورة تفعيل أوراق القوة التي يمتلكها الأردن في النظام الإقليمي المتغير، مشدداً على أن لا يمكن لأي التزام إقليمي أو دولي أن يتقدم على مصالحنا الحيوية، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي غير المحسوب، مؤكداً على أولوية حماية المصالح الوطنية العليا.

​من جانبه، تحدث المهندس وديع أبو رشيد عن البعد الاقتصادي والاجتماعي لهذه المعادلة.
وأشار المهندس أبو رشيد إلى أن الاستقرار الاقتصادي الداخلي هو خط الدفاع الأول للأمن الوطني، وأن أي خيار استراتيجي يجب أن يقيس أولاً قدرة الاقتصاد والمجتمع على تحمل أثمان التموضع الإقليمي.
​وشدد ابو رشيد على أن تعزيز التنمية الذاتية وتحقيق الاكتفاء في القطاعات الحيوية لم يعد خياراً ترفياً بل أصبح ضرورة أمنية قصوى في ظل هشاشة المنظومة الإقليمية والضغوط المستمرة على المساعدات الخارجية.

​واستعرض العميد المتقاعد الدكتور عمر الرداد الخيارات السياسية والاستراتيجية، وركز على أهمية الدور الإقليمي وبناء التحالفات. وقال الرداد: لا يمكن للأردن أن يبقى حبيس ردود الأفعال، بل يجب عليه تعزيز دوره الإقليمي وبناء تحالفات متينة تخدم استقراره، وتساعده على تجاوز معضلة الحياد المستحيل.
​وشدد الدكتور الرداد على أن هذا الأمر يتطلب دبلوماسية نشطة وقدرة على المناورة ضمن نظام إقليمي ودولي متغير، مؤكداً أن التحالفات الجديدة يجب أن تكون مبنية على المصالح المشتركة طويلة الأمد لا الاستجابة اللحظية للضغوط.
​أما سعادة الدكتور وليد عبد الحي، فقدم تحليلاً للسيناريوهات المحتملة بين تسلل الحرب إلى جيوسياسية الأردن والفوضى الأمنية الإقليمية. حلل الدكتور عبد الحي الأفق المستقبلي للمنطقة في ظل احتمالات مفتوحة على الانفجار الإقليمي الواسع.
​وحذر الدكتور عبد الحي من المخاطر المرتبطة بتسلل الصراعات الكبرى إلى الداخل الأردني، مشيراً إلى احتمالية تفاقم الفوضى الأمنية على الحدود. وشدد على أن قراءة السيناريوهات المحتملة ليست ترفاً فكرياً، بل هي أساس وضع خطط عمل قابلة للتطبيق لمواجهة التهديد بتسلل الفوضى الأمنية والحرب إلى جيوسياسية الأردن.

​إنتاج معرفة لدعم صانع القرار

​افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من الأستاذة إنعام نزار المفلح، رئيس الجمعية، التي أكدت أن انعقاد الندوة في هذا التوقيت الحساس يمثل حاجة وطنية ملحة، نظراً لتراكم الأزمات الإقليمية.
​وشددت المفلح على أن الهدف من هذا الجهد هو إنتاج معرفة استراتيجية رصينة بعيدة عن التسرع، وتقديم خيارات واقعية وقابلة للتطبيق لصانع القرار الأردني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الإقليم، بما يساهم في حماية الأمن الوطني.
​وتولى المهندس خالد نايف المعايطة، أمين سر الجمعية، مهمة تقديم الندوة، مؤكداً أن تنظيم هذا اللقاء جاء كخطوة ضرورية وهادئة للتعاطي مع الواقع المعقد الذي يواجه المملكة.
​وأشار المعايطة إلى أن الجمعية تسعى من خلال هذه الحوارات إلى إثراء النقاش العام حول قضايا الأمن الوطني والخيارات الاستراتيجية للمملكة، بما يعزز التوازن بين الأمن والاستقرار الداخلي والتعامل مع الالتزامات الخارجية.
​هذا واختتمت الندوة بفتح باب النقاش والعصف الذهني أمام الحضور والمشاركين.

Read Previous

العيسوي يلتقي وفدا من أكاديمية مضمار لتطوير الأداء والتنمية البشرية

Read Next

التربية تدعو الطلبة المسجلين لتكميلية التوجيهي للاطلاع على أرقام جلوسهم

Most Popular