الاصطفاف بالوسط التجاري في إربد.. هم يومي للسائقين ومأزق للتجار

اخبار ع النار-يشكو سائقون وتجار، من صعوبة إيجاد مواقف للمركبات في الوسط التجاري لمدينة إربد، ما تسبب بتراجع الحركة الشرائية، وخلق حالة ازدحام يومية تعيق الحركة المرورية وتزيد من الضغط على الشوارع الفرعية.
ويؤكد مرتادو وسط المدينة، أن البحث عن موقف مناسب بات يستغرق وقتا طويلا، خصوصا في ساعات الذروة، ما يدفع البعض إلى الاصطفاف المزدوج أو الوقوف في أماكن مخالفة، الأمر الذي يتسبب في إرباك حركة السير وتحرير مخالفات مرورية متكررة.
ومع توسع مدينة إربد عمرانيا، باتت مناطق، مثل شارع البتراء والحصن الجديدة، تستقطب النشاط التجاري والخدمي، ما أسهم نسبيا في تخفيف الضغط عن الوسط القديم، إلا أن الأخير ما يزال مركزا رئيسيا للبنوك والمكاتب الحكومية، وهو ما يجعله الوجهة اليومية للآلاف.
ويقول المواطن رائد بني هاني “إن المشكلة تفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مع ازدياد عدد المركبات في المحافظة، من دون وجود حلول واضحة من الجهات المعنية، ذلك أن كثيرا من السائقين يضطرون للمغادرة من دون إنجاز أعمالهم بسبب عدم توفر مواقف قريبة”.
وبحسب التاجر أحمد شطناوي، وهو صاحب محل ملابس في شارع عبد الحميد شرف، فإن “قلة المواقف أثرت بشكل مباشر على حركة التسوق في وسط البلد، وبات الزبائن يفضلون الذهاب إلى المولات في الأطراف حيث المواقف متوفرة وسهلة الوصول”.
ويقول المواطن خالد العمري، وهو موظف وسط البلد، إنه يقضي ما لا يقل عن عشرين دقيقة يوميا في البحث عن موقف قريب من مكان عمله، وغالبا ما يضطر لركن سيارته على بعد مئات الأمتار.
ويضيف “أن الازدحام بات لا يطاق، خصوصا في ساعات الصباح والظهيرة، ولا توجد مواقف عامة كافية، كما أن المواقف الخاصة تفرض أجورا مرتفعة”.
الاصطفاف بوسط الشارع
أما أحمد عبيدات، صاحب محل ألبسة، فيشير إلى “أن كثيرا من الزبائن يترددون في القدوم إلى السوق بسبب صعوبة العثور على موقف، مما انعكس على حركة المبيعات، إذ إن بعض السائقين يوقفون مركباتهم في منتصف الشارع أو أمام المحال التجارية، فيعيقون حركة السير والمارة، في ظل غياب الردع الحقيقي من الجهات المعنية”.
ورغم انتشار المواقف الخاصة في عدد من الشوارع، إلا أن غالبيتها صغيرة المساحة، وغير قادرة على استيعاب الكم الكبير من المركبات التي تدخل وسط المدينة يوميا، كما أن كلفة الاصطفاف فيها، التي تتراوح بين نصف دينار ودينار للساعة الواحدة، جعلت كثيرا من المواطنين يعزفون عنها.
ووفق الشاب محمد الزعبي، الذي يعمل سائق توصيل، فإنه يفضل الاصطفاف في الشوارع الجانبية لتجنب دفع الأجور، لكنه يتعرض أحيانا للمخالفة أو الحجز.
وأشار إلى أنه يضطر إلى الوقوف بشكل مزدوج من أجل إيصال الطلبية، فيتفاجأ بتعرضه لمخالفة مرورية، مؤكدا أنه آن الأوان للجهات المعنية لتأمين مواقف في وسط إربد من أجل إحياء المنطقة، خصوصا أن كثيرا من المحال أغلقت أبوابها واتجهت لشوارع أخرى.
ويقول المواطن خالد الطوالبة إنه تلقى ثلاث مخالفات خلال شهر واحد بسبب الوقوف في أماكن غير مخصصة، موضحا أنه اضطر لذلك لعدم وجود أي موقف قريب من مركز المدينة.
ويعزو مراقبون سبب تفاقم الأزمة إلى ضعف التخطيط الحضري وتزايد عدد المركبات في المحافظة التي تجاوز عدد سكانها المليون ونصف المليون نسمة، إلى جانب النمو التجاري الكبير في وسط المدينة الذي لم يواكبه تطوير للبنية التحتية المرورية.
ويرى الخبير في النقل العام أحمد بني سلامة أن الحل لا يكمن فقط في إنشاء مواقف جديدة، بل في إعادة تنظيم وسط المدينة بشكل شامل.
ويقترح أن يتم تحويل بعض الشوارع إلى اتجاه واحد، وتخصيص مناطق لوقوف المركبات لفترات قصيرة، وتشجيع استخدام المواصلات العامة عبر تحسين خدماتها وتوفير باصات نظيفة ومنتظمة.
ويشير بني سلامة إلى أن مدينة إربد تفتقر إلى مواقف متعددة الطوابق أو طوابق تحت الأرض كما هو معمول به في مدن أخرى، مؤكدا أن البلدية يمكن أن تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال من خلال منح تسهيلات وإعفاءات ضريبية.
توفير مواقف حديثة
كما يلفت إلى أن وسط البلد يفقد جزءا من حيويته التجارية بسبب غياب البنية التحتية المريحة للمركبات والمشاة، داعيا إلى تنظيم حملات لإحياء وسط المدينة وتوفير مواقف حديثة لجذب المتسوقين مجددا.
وقال بني سلامة إن إنشاء مجمعات تجارية جديدة مزودة بمواقف كافية في أطراف المدينة يمكن أن يخفف العبء عن المركز، إلى جانب تفعيل النقل العام بشكل جاد، مشيرا إلى أن الحلول المؤقتة، مثل تنظيم الاصطفاف وتفعيل الرقابة المرورية، لم تعد كافية، وأن المدينة بحاجة إلى حلول جذرية قائمة على توسعة المواقف أو إنشاء مواقف ذكية متعددة الطوابق.
من جهتهم، يقول عدد من أصحاب المحال التجارية في شارع الهاشمي ووسط البلد إن الأزمة أثرت سلبا على حركة التسوق، خصوصا في الفترات المسائية، حيث يفضل كثير من المواطنين الذهاب إلى المولات الحديثة التي توفر مواقف واسعة ومجانية.
وأكد عضو غرفة تجارة إربد أيمن الغزاوي أن أزمة مواقف السيارات في وسط المدينة أصبحت تشكل عبئا حقيقيا على الحركة التجارية، وأنها تؤثر بشكل مباشر على مبيعات المحال والمطاعم والمكاتب المنتشرة في المنطقة.
وأشار الغزاوي إلى أن الأسواق في وسط البلد كانت القلب النابض للحركة الاقتصادية في إربد، لكنها اليوم تعاني من تراجع واضح بسبب عزوف المتسوقين الذين يجدون صعوبة في الوصول أو الاصطفاف، ويفضلون التوجه إلى المجمعات التجارية الجديدة التي توفر مواقف مريحة ومجانية.
وأضاف أن الغرفة التجارية طرحت، أكثر من مرة، على بلدية إربد الكبرى فكرة إنشاء مواقف طابقية في مواقع إستراتيجية داخل الوسط التجاري، عبر شراكات مع القطاع الخاص، بحيث تكون بأسعار رمزية وتدار بنظام إلكتروني يضمن العدالة في الاستخدام.
كما دعا الغزاوي إلى إعادة تنظيم حركة السير داخل المدينة، وإعطاء الأولوية للمشاة، وتخصيص مسارات محددة للتحميل والتنزيل أمام المحال، لتفادي التوقف العشوائي الذي يفاقم الأزمة.
وقال إن الوسط التجاري في إربد يمتلك كل المقومات ليكون منطقة جذب سياحي وتجاري متميز، لكنه بحاجة إلى إدارة مرورية ذكية ومشاريع بنية تحتية حديثة، تعيد التوازن بين الحركة التجارية والتنظيم المروري، وتعيد للمدينة حيويتها الاقتصادية.
حملات لتنظيم الاصطفاف
من جانبه، أكد مصدر أمني أن إدارة السير تنفذ حملات يومية لتنظيم الاصطفاف العشوائي، خصوصا في مناطق وسط البلد وشارع السينما وشارع الهاشمي، مشيرا إلى أن الاصطفاف المزدوج يعيق حركة المرور ويشكل خطرا على سلامة المشاة والسائقين.
وأوضح أن إدارة السير تدرس مع البلدية إمكانية توسيع بعض الشوارع الفرعية وإعادة تنظيم اتجاهات السير بما يسهم في تسهيل حركة المركبات داخل الوسط التجاري.
بدوره، قال الناطق الإعلامي في بلدية إربد الكبرى غيث التل، إن البلدية تدرك تماما حجم أزمة مواقف السيارات التي يعاني منها وسط المدينة، وتعمل بشكل مستمر على دراسة حلول عملية بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وبين التل أن البلدية أنشأت، خلال السنوات الماضية، عددا من المواقف العامة في مواقع محددة، إلا أن الإقبال الكبير على الاصطفاف، خصوصا في أوقات الذروة، يفوق الطاقة الاستيعابية المتاحة، ما يستدعي تطوير حلول إضافية. وفي هذا الإطار، تدرس البلدية تنفيذ مشاريع لمواقف متعددة الطوابق داخل منطقة الوسط التجاري، وبالشراكة مع القطاع الخاص، بما يوفر خيارات آمنة ومناسبة للسائقين.
وأشار إلى أن البلدية ستباشر تطبيق نظام المواقف الذكية في عدد من الشوارع الحيوية، من خلال مشروع المواقف المدفوعة مسبقا، والذي سبق طرح عطائه إلا أنه لم يشهد إقبالا للاستثمار، لافتا إلى أن النظام يعتمد على الدفع الإلكتروني وتحديد مدة الوقوف، بما يسهم في تحقيق إدارة أفضل للمواقف المتاحة ومنع سوء استخدامها.
كما أوضح التل أن مشروع تطوير وسط مدينة إربد، الذي تعمل البلدية على تنفيذه خلال المرحلة المقبلة، سيتضمن إنشاء مواقف وساحات مخصصة للمركبات، إلى جانب تحسين الأرصفة وتنظيم حركة المشاة، بما يسهم في التخفيف من الازدحام المروري وتسهيل الوصول إلى المحال التجارية والمرافق العامة.
وأكد أن جميع هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة شمولية تهدف إلى تحسين البنية التحتية المرورية وإعادة تنظيم حركة السير في قلب المدينة، بما ينعكس إيجابا على المواطنين والتجار ويخفف من حدة الازدحامات المتكررة.

Read Previous

آلاف الأطفال في الأردن يحتفلون بيومهم العالمي

Read Next

الجمارك تضبط كميات كبيرة من المواد المهربة والمنتهية الصلاحية

Most Popular