
اخبار ع النار-بينما تحتفل مدينة نيويورك بفوز زهران ممداني التاريخي بمنصب العمدة، تتجه الأنظار بهدوء نحو شريكة حياته، الفنانة الشابة راما دواجي. فخلف الكواليس الصاخبة لواحدة من أصعب الحملات الانتخابية، لعبت دواجي، التي تمت خطوبتها على ممداني في دبي العام الماضي، دورا محوريا وإن كان صامتا، كداعم نفسي ومساهم فني في صياغة هذا النصر.
ورغم أن فوز زوجها سيضعها حتما في الواجهة العامة، اختارت دواجي طوال فترة الترشح الابتعاد المتعمد عن أجواء الدعاية السياسية والخطاب المباشر. لم تسع لتقديم نفسها للناخبين، ولم تظهر في مقابلات إعلامية مشتركة، محافظة على مسافة واضحة تفصل بين هويتها كفنانة ودورها كزوجة لمرشح سياسي.
دعم خلف الكواليس وهوية بصرية للحملة
لم يكن ابتعاد دواجي عن الإعلام يعني غيابها عن المشهد. لقد كانت حاضرة بقوة في اللحظات المفصلية، ولكن كشريك داعم. رافقت ممداني خلال تصويته المبكر في الانتخابات التمهيدية، ووقفت إلى جانبه في خطاب النصر تلك الليلة. كما رصدت وهي تجلس قربه في التجمعات الجماهيرية الضخمة التي شارك فيها أسماء بارزة في التيار التقدمي مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وبيرني ساندرز.
الأثر الأبرز لدواجي لم يكن سياسيا، بل فنيا بامتياز. فبعيدا عن الخطابات، لعبت دورا مهما في صياغة الهوية البصرية لحملة ممداني. من الألوان المختارة بعناية، إلى الخطوط والرموز التي أصبحت علامة مميزة للحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، كان لمسها واضحا. وقد أثبتت هذه الهوية البصرية، المستوحاة من رؤيتها الفنية، دورا كبيرا في جذب الناخبين الأصغر سنا والتواصل معهم بفاعلية.
من هيوستن إلى دبي.. فنانة تناصر المهمشين
تحمل راما دواجي هوية مركبة؛ فهي سورية الأصل، ولدت في هيوستن بولاية تكساس، قبل أن تنتقل مع أسرتها للعيش في دبي وهي في عمر التاسعة.
شغفها بالفن قادها لدراسته في جامعة فرجينيا كومنولث، متنقلة بين فرع الجامعة في قطر وفرعها الرئيسي في ريتشموند بالولايات المتحدة. انتقلت بعد ذلك إلى نيويورك، قلب الفن العالمي، لاستكمال درجة الماجستير في الفنون البصرية.
وسرعان ما لاقت أعمالها الفنية انتشارا واسعا، وفقا لشبكة “CNN”. ولا ينفصل فن دواجي عن مواقفها السياسية والإنسانية؛ إذ تركز أعمالها بشكل أساسي على قضايا المرأة العربية، وتجارب المجتمعات المهمشة، وتسليط الضوء على المعاناة الفلسطينية.
وقد لخصت رؤيتها في مقابلة حديثة قائلة: “مع إسكات الكثيرين بسبب الخوف، فإن صوتي هو الأدوات التي أملكها للتحدث عن فلسطين وسوريا والولايات المتحدة”.
درست دوّاجي الفنون الإعلامية في جامعة فرجينيا كومنولث، بدءاً من فرعها في قطر قبل انتقالها إلى ريتشموند، فرجينيا، حيث تخرجت بمرتبة الشرف عام 2019. وحصلت لاحقاً على درجة الماجستير في الرسم كأداة سرد بصري من كلية الفنون البصرية في نيويورك. وتقيم حالياً في بروكلين، وتعمل كفنانة متعددة التخصصات، وتشمل أعمالها الرسوم التوضيحية والفخار والتصميم التحريري.
غالباً ما تتقاطع أعمال راما مع النشاط الاجتماعي والسياسي. فرسمة لها تصور ثلاثة أشخاص تحت عبارة عربية تقول: “لن نغادر”، تعبيراً عن التضامن مع العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح. ورسمة أخرى تسلط الضوء على أزمة الجوع في غزة، داعية الجمهور إلى “البقاء متابعين لغزة”. ورغم متابعتها من قبل أكثر من 170 ألف شخص على إنستغرام، يظل محتواها مركزاً على الفن والدعوة الاجتماعية بدلاً من حياة زوجها السياسية.
علاقة بدأت رقميا.. وزواج في خضم الانتخابات
بدأت قصة دواجي وممداني بشكل عصري، حيث تعارفا عبر تطبيق المواعدة “Hinge” في عام 2021. وكانا يدركان منذ البداية أن علاقتهما ستكون تحت الأضواء، خاصة مع طموح ممداني السياسي.
جاءت الأحداث متسارعة؛ فبعد أيام فقط من إعلان خطوبتهما على إنستغرام في أكتوبر 2024، أطلق ممداني حملته رسميا لمنصب عمدة المدينة. واحتفل الثنائي بخطوبتهما في دبي، موطن نشأة دواجي، في ديسمبر من ذلك العام.
وفي خضم التحضير للانتخابات، تزوجا خلال حفل بسيط في مكتب كاتب المدينة في مانهاتن في فبراير الماضي.
وحتى على حسابها الخاص في “إنستغرام”، الذي تخصصه بالكامل لعرض أعمالها الفنية، حافظت دواجي على خصوصية العلاقة. لم تشر إلى ممداني إلا نادرا، باستثناء منشور واحد لافت خلال الانتخابات التمهيدية، كتبت فيه: “لا يمكنني أن أكون أكثر فخرا”