مطالب بمنع الهواتف الذكية في المدارس وسط غياب ضوابط تشريعية

اخبار ع النار-أثار قرار السماح بحمل الهواتف الذكية في مدارس محافظة الطفيلة جدلاً واسعاً بين أولياء الأمور والإدارات المدرسية، إذ يرى بعض أولياء الأمور أن الهاتف الذكي بحوزة الطالب يشكّل وسيلة اتصال ضرورية في حالات الطوارئ أو عند تغيّر جدول الانصراف، بينما يعتبره البعض الآخر باباً مفتوحاً لتشتت الانتباه والتعرّض لمحتوى غير مناسب.
وفي الوقت نفسه، تشير بيانات رسمية إلى أن هذه القضية لا تزال بلا نص قانوني واضح في لوائح وزارة التربية والتعليم الأردنية؛ إذ لا يوجد نص يمنع بشكل صارم دخول الهواتف إلى الحرم المدرسي، وإنما توجد توجيهات عامة ومناقشات لم تُفعَّل بشكل موحّد.
صرّح ولي أمر أحد الطلاب، محمد المرايات، بأن وجود هاتف ذكي داخل المدرسة يمثل خطورة كبيرة، مؤكداً: “نحن، كأولياء أمور، نرى أن السماح بالهواتف الذكية في الصف يحوّل البيئة التعليمية إلى فضاء للتصفح والترفيه.
الطالب البالغ من العمر إحدى عشرة سنة أو أقل ليس مهيّأ بعد لاستخدام جهاز يتيح له الدخول إلى الإنترنت وتطبيقات التواصل ومقاطع الفيديو القصيرة. وبدلاً من السماح بهذا، نطالب بتقييد نوع الهاتف أو السماح بهاتف بسيط مخصّص للمكالمات فقط، فمن غير المقبول أن يحمل كل طالب هاتفاً ذكياً يبدأ باستخدامه في الاستراحات أو حتى داخل الحصة، ما يعرّضه لمحتوى غير أخلاقي أو عنيف يؤثر على تركيزه وتحصيله الدراسي”.
وألقت ولي أمر أخرى، أم لانا السعودي، الضوء على الأمر، قائلة: “أرى أن المدرسة تتحمّل مسؤولية توفير بيئة منضبطة ومركّزة على التعليم وليس على التشتت الرقمي. إدخال الهواتف الذكية يجعل الطالب عرضة لمقاطع فيديو عنيفة أو محتوى لا يتناسب مع عمره.
الأفضل أن يُتاح هاتف اتصال بسيط فقط أو خط طوارئ داخلي للمدرسة، لضمان التواصل عند الحاجة دون أن يتحول الجهاز إلى وسيلة إلهاء. نحن لا نرفض التقنية، لكن نطالب بأن يكون لها الزمان والمكان المناسبان داخل البيئة المدرسية”.
وأوضح مدير تربية الطفيلة، عمران اللصاصمة، أن وزارة التربية تدرك تماماً أن التواصل بين الطالب وولي الأمر مطلب مشروع، لكنها تؤكد أن الحرم المدرسي ليس مكاناً لتصفح الهواتف أو انشغال الطلبة بالمحتوى الرقمي، فـ”المدرسة بيئة للتعليم وليست للتشتت”.
وتابع اللصاصمة: “نبحث حالياً في وضع بديل عملي، مثل هاتف ثابت داخل المدرسة أو رقم طوارئ خاص يتيح التواصل عند الحاجة، دون أن يحمل كل طالب جهازاً ذكياً. كما نعمل على صياغة سياسة موحدة على مستوى المحافظة لتنظيم دخول الهواتف الذكية، وتحديد شروط استخدامها، مع نشر توجيهات لأولياء الأمور حول متابعة الجهاز خارج المدرسة وضبط استخدامه أثناء الدوام”.
وتدعّم هذه المخاوف نتائج دراسات أكاديمية؛ فقد وجدت دراسة صادرة عام 2024 أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية لدى الأطفال بين خمس وخمس عشرة سنة يرتبط بتراجع الوظائف المعرفية مثل الانتباه والذاكرة العاملة، علاوة على ظهور أعراض سلوكية وجسدية، وانخفاض نتائج الفهم لأن الدماغ يبقى في حالة ترقّب للتنبيهات ما يضعف الأداء.
واعتمدت دول مثل فرنسا وبريطانيا سياسات صارمة تقضي بحظر الهواتف داخل المدارس أو إبقائها في وضع مغلق داخل الحقائب طوال اليوم الدراسي، استجابة لمخاوف تشتّت الانتباه والتنمر الإلكتروني.
وهذا يضع أمام مدارس محافظة الطفيلة تساؤلاً جوهرياً: هل يمكن اعتماد نظام يمنع الهواتف الذكية تماماً ويستبدلها بهواتف بسيطة للاتصال أو خط طوارئ داخلي، أم أن السياسة الأفضل هي وضع ضوابط صارمة لاستخدام الهواتف الذكية داخل المدرسة؟ الأمر يتطلب توازناً دقيقاً بين حاجة التواصل والأمن وضرورة توفير بيئة تعليمية تركز على التحصيل الدراسي.

Read Previous

كتلة هوائية دافئة نهاية الأسبوع. وأجواء أقرب لفصل الصيف الأربعاء والخميس

Read Next

عبدالكريم الكباريتي رئيساً لمجلس إدارة مصرف بغداد

Most Popular