حتى في البحر.. إسرائيل تبحث عن الهاتف المفقود

اخبار ع النار-باعتقال المدعية العسكرية العامة الجنرال يفعات تومر يروشالمي، تفجرت في إسرائيل قضية سياسية وأمنية وأخلاقية من الدرجة الأولى، تكشف عن الوجه الحقيقي للمجتمع الإسرائيلي. إذ إن اختفاء المدعية العامة لساعات وترك رسالة في سيارتها توحي بأنها قد تكون أقدمت على الانتحار أسهم في إعطاء القضية أبعادا مأساوية بعد أن كانت قد أظهرت حجم التناقضات داخل المجتمع ومؤسساته الأمنية والعسكرية. وكانت القصة قد أخذت أبعادا خطيرة عندما استقالت يروشالمي نهاية الأسبوع الفائت من منصبها، بعد أن اعترفت بعلمها بتسريب فيديو تعذيب واغتصاب أسير فلسطيني في معتقل سدي تيمان.
البحث عن الهاتف مستمرة حتى في البحر
يستمر في دولة الاحتلال، الثلاثاء، البحث عن هاتف المدعية العامة العسكرية المستقيلة يفعات تومر يروشالمي، التي تشتبه الشرطة في إلقائها إياه عمدا في البحر عند اختفائها لفترة وجيزة، الأحد.
ونشرت صحف إسرائيلية صورا لعمليات البحث على شاطئ هاتسوك في تل أبيب، وحتى في مياه البحر، صباح الثلاثاء.
وكان يخشى أن تكون المسؤولة السابقة قد أذت نفسها، بسبب التحقيق الجاري في تسريبها مقطع فيديو أثار ضجة في إسرائيل.
وعثر على تومر يروشالمي على قيد الحياة، لكن لم يعثر على هاتفها.
وأفادت التقارير أنها أخبرت المحققين أنها لا تتذكر ما فعلت به، بينما تشتبه الشرطة في أنها ربما كانت تحاول إتلاف أدلة تدينها في القضية.
والإثنين أعلنت إسرائيل توقيف المدعية العامة السابقة للجيش، بعد أيام من تقديم استقالتها وإقرارها بأن مكتبها سرب مقطع فيديو يظهر قيام جنود بالاعتداء على معتقل فلسطيني في سجن عسكري عام 2024.
وكان الجيش أعلن الجمعة أن تومر يروشالمي قدمت استقالتها في إطار تحقيق رسمي فتح بشأن التسريب، الذي يظهر اعتداء جنود على معتقل معصوب العينين في مركز سدي تيمان.
وبحسب نسخة من رسالة الاستقالة التي نشرتها وسائل إعلام محلية، أقرت المدعية العامة العسكرية السابقة بأن دائرتها القانونية زودت وسائل الإعلام بالفيديو العام الماضي.
وفي فبراير الماضي، وُجهت إلى 5 جنود احتياط تهمة إساءة معاملة معتقل فلسطيني في يوليو 2024، داخل المركز الواقع ضمن قاعدة عسكرية جنوبي إسرائيل.
ووفق لائحة الاتهام، استخدم الجنود “عنفا شديدا” ضد المعتقل مما أدى إلى إصابته بـ”جروح خطيرة”، من بينها كسور في الضلوع وثقب في الرئة، بحسب الجيش.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عبر تطبيق “تلغرام”: “تم الاتفاق في ضوء أحداث ليلة الأمس (الأحد)، على أن تتصرف مصلحة السجون بيقظة إضافية لضمان سلامة الموقوفة في مركز التوقيف حيث تم وضعها قيد الاحتجاز”.
وأكد “أهمية إجراء التحقيق بمهنية قصوى لكشف الحقيقة الكاملة حول القضية، التي أدت إلى حملة تشويه ضد جنود الجيش الإسرائيلي”.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، أمرت محكمة في تل أبيب بإبقائها رهن التوقيف الاحتياطي حتى ظهر الأربعاء.
ولم يوضح وزير الأمن الاتهامات التي تواجهها تومر يروشالمي.
لكن هيئة البث الإسرائيلية قالت إن المدعية العامة تواجه اتهامات بـ”الاحتيال وخيانة الأمانة وإساءة استخدام المنصب، وإعاقة العدالة، وكشف معلومات من قبل موظف عام”.
وفقد الاتصال بالمدعية العامة السابقة لساعات يوم الأحد، وذكرت تقارير صحفية أنها تركت رسالة يمكن تفسيرها على أنها رسالة انتحار.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، الإثنين، أن الشرطة تشتبه أن المدعية العامة السابقة لم تكن تعتزم الانتحار، بل اختلقت حادثة اختفائها للتخلص من هاتفها المحمول الذي يسود اعتقاد بأنه يحتوي على معلومات حساسة.
وكتبت المراسلة السياسية لمعاريف، آنا بارسكي، “لحسن حظ الجميع، كانت النهاية سعيدة. لكن في ساعات القلق الوطني، بدا وكأننا ننظر في المرآة: ليس سؤالا مهنيا آخر عن صلاحيات عضو البرلمان، بل عن انهيار شخص تحت ضغط لاإنساني، بعد هجوم شعبي وسياسي- هجوم آخر من نفس النوع المألوف، الذي لم يعد من الممكن وصفه بأنه استثنائي أو غير مسبوق. يفعات تومر-يروشالمي ليست شخصية عامة بالمعنى المعتاد. إنها امرأة، وأم، ومحامية، وضابطة وجدت نفسها في مرمى نيران السياسيين والأستوديوهات والشبكات. تحدث عنها وزراء الحكومة كما لو كانت منافسة سياسية. سعى أعضاء الكنيست إلى عناوين رئيسية لها. حوّلتها مقالات الرأي إلى رمز أو عدو”. ورأت بارسكي أن القصة هنا ليست “ذنبا” أو “عدالة”. إنها قصة “ثقافة السم”، التي تنتشر وتُدمر كل جانب جيد منها على جانبي السياج، من دون تمييز سياسي.

تسريبات نتنياهو في المقابل
أما بن كسبيت، أيضا في معاريف، فربط بين تسريب فيديو سدي تيمان وتسريبات رجال نتنياهو الزائفة للصحافة الدولية، وقال إن “كل ما كان على المدعية يروشالمي فعله للانتقال من قائمة العار إلى قاعة المشاهير هو تسريب ذلك الفيديو إلى صحيفة بيلد بدلا من غاي بيليغ (مراسل القناة الـ12). ففي النهاية، هذا بالضبط ما فعله أقرب المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، على ما يبدو بعلمه وموافقته. في الواقع، ليس تماما. حقا ليس تماما. إن فعل أوريش وأينهورن وفيلدشتاين، الذي تم بعلم ودعم نتنياهو، كان أخطر بكثير من فعل المدعية”. وأضاف: “لم تسرق المدعية المواد التي سربتها من صميم أسرار جهاز المخابرات العسكرية، دون علم الجيش الإسرائيلي. كما أنها لم تتجاوز الرقابة. لم تُزيّف ملفات أو تُصنّع فيديوهات، وكان من ضمن صلاحياتها نشر مثل هذه المواد. وقد وافق الرقيب العسكري على النشر على القناة الـ12. كما أنها لم تُعرّض حياة البشر والمقاتلين والرهائن للخطر، ولم تُؤدِّ إلى فقدان أدوات استخباراتية قيّمة. كل هذا تم بفضل ذلك التسريب لصحيفة بيلد، الذي كان الهدف منه، كما نتذكر، تنفيذ ’عملية تأثير‘ على الرأي العام الإسرائيلي، الذي استشاط غضبا من مقتل الرهائن الستة في أنفاق حماس”.
في كل حال يصعب عدم الربط بين قضية يروشالمي وفيديو التعذيب في سدي تيمان وبين الصراع الذي تخوضه حكومة اليمين ضد من يعرفون في إسرائيل بـ”حراس البوابة” من الموظفين العموميين في المناصب العليا. وهم يريدون أصحاب مناصب مفصّلين على مقاسهم، مثل الجنرال اليميني ديفيد زيني رئيسا للشاباك، بعد نجاحهم في الإطاحة برئيس الأركان السابق ورئيس الشاباك السابق ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وقرارهم إقالة المستشارة القضائية للحكومة. كما أنهم -عبر وزير الدفاع كاتس- يريدون السيطرة على قيادات الجيش عبر تعيينات خاصة تحقق لهم وصول من يقولون نعم لسياساتهم. وهذا في نظرهم ما سيغير وجه إسرائيل ليعكس صورة بن غفير وسموتريتش ونتنياهو، وهو ما يحاول خصومهم منع حدوثه. ما يجري مع يروشالمي جزء من القصة التي تتصاعد مشاهدها إثارة مع مرور الوقت.

Read Previous

الفاو تحذر من كارثة إنسانية وزراعية غير مسبوقة في غزة

Read Next

برشلونة يصر على حرق الأموال.. المسمار الأخير في نعش لابورتا الإقتصادي

Most Popular