
اخبار ع النار-اختتمت منظمة أطباء بلا حدود ووزارتا الصحة في أوزبكستان وفي قرقل باغستان اليوم تعاونهم الطويل في إطار برنامج السلّ في قرقل باغستان. وجاء الحفل الختامي بحضور موظفي المنظمة والسلطات الصحية الوطنية وممثّلين عن المجتمع الطبي المتخصّص، للاحتفاء بما يقارب ثلاثة عقود من الجهود المشتركة لتعزيز تشخيص السلّ وعلاجه ورعاية المرضى في قرقل باغستان.
وفي هذا الصدد، يقول مدير العمليات الطبية في منظمة أطباء بلا حدود والمسؤول عن البرامج في أوزبكستان، نورمان سيتالي، “لقد أثبتنا من خلال هذا العمل أنّ التشخيص المبكر والعلاج في الوقت المناسب يُحسّنان بشكلٍ كبير من نتائج علاج المرضى ويُسهمان في الحد من انتقال العدوى. وإلى جانب تقديم الرعاية المباشرة، ساهمت أطباء بلا حدود في تعزيز النظام الصحي بشكلٍ عام، عبر تدريب العاملين الصحيين، وتحسين الممارسات السريرية، ودمج الخدمات في البُنى الوطنية”.
ويضيف، “في الوقت الذي تختتم فيه أطباء بلا حدود دورها في هذا البرنامج، تتولّى وزارة الصحة المسؤولية الوطنية وتواصل قيادة جهود مكافحة السلّ في أوزبكستان”.
أُطلق مشروع علاج السلّ في نوكوس عام 1998 استجابةً لمعدّلات الإصابة المرتفعة في قرقل باغستان، حيث بدأ بتطبيق إطار العلاج القصير تحت الملاحظة المباشرة (DOTS) التابع لمنظمة الصحة العالمية. ومع مرور الوقت، تطوّر المشروع ليصبح نهجًا شاملًا يركّز على المرضى، ويعالج كل أشكال السلّ الحساسة للأدوية والمقاومة لها. وقد وسّع البرنامج بشكل كبير قدرة الوصول إلى الرعاية، مقدّمًا بارقة أمل جديدة لآلاف المرضى وعائلاتهم.
وفي هذا السياق، تقول نائبة مدير المركز الجمهوري المتخصّص للطب العلمي والتطبيقي لأمراض السلّ والرئة، إيرينا ليفيركو، “لقد لعب المشروع، الذي ركّز على تشخيص المرضى وعلاجهم ودعمهم، دورًا حيويًا في الحدّ من عبء مرض السلّ في المنطقة. وقد قدّم المشروع أساليب مبتكرة، وتبنّى نهجًا علاجيًا مخصّصًا لكل مريض، وراكم خبرات قيّمة في مكافحة السلّ”.
كان بناء القدرات المستدامة للعاملين في الرعاية الصحية وموظفي وزارة الصحة أحد الركائز الأساسية للمشروع. فمن خلال سنوات من التدريب والإرشاد والدعم الفني، أصبحت وزارة الصحة الآن أكثر قدرةً على قيادة الاستجابة الإقليمية لمكافحة السلّ بشكل مستقل.
كما دمج المشروع برامج دعم الالتزام بالعلاج والاستشارات النفسية والاجتماعية لمساعدة المرضى على التخفيف من العبء النفسي الذي يواجهونه نتيجة الإصابة بالسلّ.
وفي هذا السياق، تتحدّث إحدى المريضات، زوخرا، عن رحلتها مع العلاج:
“أتلقّى العلاج من السلّ منذ ستة أشهر، وأشعر بتحسنٍ كبير. أصبح بإمكاني الخروج والاستمتاع بالحياة. وقد كان للمتطوّعين والمستشارين دورٌ خاص في شفائي، فقد قدّموا لي دعمًا هائلًا، لا سيّما على المستوى النفسي”.
وتضيف، “في السابق، لم أكن أحلم بالمستقبل إطلاقًا — كنتُ أشعر أنّ حياتي قد انتهت. لكن بفضل اهتمامهم ورعايتهم المستمرّة، وزياراتهم وفحوصاتهم المنتظمة، بدأت أؤمن بمستقبلٍ أفضل. أشعر اليوم أني بخير، وأواصل تناول أدويتي وأتطلّع إلى المستقبل بأمل”.
ومن أبرز إنجازات المشروع إنشاء مختبر متقدّم لأحياء المتفطرات في نوكوس، الذي يُعتبر اليوم من أكثر المرافق تقدّمًا من نوعه في آسيا الوسطى. يضطلع هذا المختبر بدورٍ حيوي في تشخيص كل من السلّ والسل المقاوم للأدوية المتعدّدة، موفّرًا خدمات اختبار عالية الجودة على مستوى قرقل باغستان.
تاريخيًا، كان المرضى المصابون بالسل المقاوم للأدوية يواجهون بروتوكولات علاج شاقة تستمر من 18 إلى 24 شهرًا، مصحوبةً غالبًا بآثار جانبية شديدة. وللتصدّي لذلك، أطلقت منظمة أطباء بلا حدود في عام 2016 التجربة السريرية TB-PRACTECAL، وكانت نوكوس أحد مواقع الدراسة. اختبرت التجربة علاجًا جديدًا، يُؤخذ عن طريق الفم بالكامل، لمدة ستّة أشهر، وأثبت فعاليةً وتحمّلًا أفضل بكثير من المعيار العالمي السابق.
كانت نتائج التجربة حاسمةً في صياغة إرشادات العلاج لمنظمة الصحة العالمية لعام 2022، التي أعطت الأولوية لهذا البروتوكول الجديد لعلاج السل المقاوم للأدوية. وبناءً على هذا التقدّم، أجرت منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة أبحاثًا تشغيليةً لدعم التطبيق الأوسع ونشر هذا البروتوكول القصير على الصعيد الوطني في أوزبكستان.
مع ختام عمليات أطباء بلا حدود في نوكوس، تؤكّد وزارة الصحة التزامها بالحفاظ على مستوى رعاية السلّ وتعزيزه في جميع أنحاء أوزبكستان. وقد أرست الشراكة أساسًا متينًا لمواصلة التقدّم في مكافحة السلّ، وضمان وصول المرضى في جميع أنحاء البلاد إلى علاجٍ فعّال ورحيم في الوقت المناسب.
تعمل منظمة أطباء بلا حدود في جمهورية أوزبكستان منذ عام 1998، بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة في البلاد. على مدار السنوات، لعبت المنظمة دورًا أساسيًا في تعزيز الاستجابة الوطنية للأمراض المعدية، بما في ذلك السلّ، وفيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد الوبائي سي. ومن خلال إدخال بروتوكولات علاج مبتكرة ونماذج رعاية تركّز على المريض، ساهمت أطباء بلا حدود بشكلٍ كبير في تحسين النتائج الصحية على مستوى البلاد.