
أنضحَكُ أمْ نبكي ؟؟
قصفت إسرائيل الدوحة .. ضُربت عاصمة عربية في وضح النهار وأُهينت أمة كاملة بالصواريخ فماذا فعل القادة العرب ؟ اجتمعوا في قاعة فخمة .. أضيئت بالثريات المذهّبة .. جلسوا في صفوف منتظمة كما يجلس المعزّون في مأتم .. ثم كتبوا البيان الأعظم : “ندين… نستنكر… نرفض…” كأنهم يوزّعون أكفانًا من ورق على شعوبٍ تنزف دمًا !! .
لقد تحوّلت بيانات القمم إلى نعوات رسمية تُعلّق على أبواب التاريخ .. كل جملة فيها تشبه قطعة قماش سوداء تُخاط على جراح الأمة .. لا لتضمدها بل لتغطيها .. بياناتكم ليست ردًا على العدوان .. بل مراثي باهتة تُتلى على أمةٍ دفنت هيبتها منذ زمن .
يا بعض القادة : حين قاطعتم قطر قبل سنوات كنتم عواصف هوجاء : أغلقتم الأجواء حاصرتم .. وجرّمتم الكلمة والابتسامة .. وحين قصفتها إسرائيل لم تكونوا سوى شموع خافتة تذوب في صمت القاعة .. صرتم أوهى من دخان المدافع .. وأضعف من بكاء طفلٍ تحت الركام .
وفي اللحظة نفسها كان وزير خارجية أميركا يقف بجوار نتنياهو عند حائط المبكى يعتمر القبعة اليهودية ويفتتح نفقًا تحت المسجد الأقصى .. كان المشهد سخرية مكتملة : أنتم تقرأون بياناتكم كقصيدة رثاء وهو يكتب فصلاً جديدًا من اغتصاب القدس بلا خوف ولا حساب .
الدوحة لم تُقصف وحدها .. الذي قُصف هو ما تبقى من هيبة العرب .. الذي سقط هو آخر ستارٍ من أقنعة الكرامة .. لقد صار التاريخ يسجل بعضكم لا كقادة .. بل ككتبة بيانات يوزّعون الاستنكار كما يُوزّع ماء الورد في الجنائز .
**يا شعوب العرب**
هذه قممكم !! مآتم فاخرة .. بياناتها أكفان .. ودموعها حبر لا دم !! .
إن لم نغضب الآن فلن نغضب أبدًا .
إن لم نصرخ الآن فسنُدفن تحت ركام الصمت !! ونُكتب في سجل الهزيمة أمةً رضيت بالعار .
المحامي فضيل العبادي